عتاب هادئ للإخوة المخالفين في الداخل والخارج
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فرغم أن الهدوء في هذه الأيام في غاية الصعوبة وسط جو مشحون بالأحداث الهائلة والفتن المتراكبة، والتهم المتناثرة التي بدأت بالخيانة والعمالة ووصلت إلى النفاق والكفر والردة!
ورغم أنه لم تتعرض دعوة ودعاتها ولا حزب ورجاله لمثل ما تعرضت له (الدعوة السلفية) و(حزب النور) من حملة تشويه هائلة تهدف إلى هدم كيانها من قواعده بسبب الاختلاف في مواقف سياسية؛ رغم التعاهد الصريح قبل تأييد حملة د.«مرسي» في الإعادة على عدم محاولة هدم الكيانات الإسلامية -وكان ذلك بمكتب الإرشاد-، ورغم نزيف الدماء المؤلم لكل مسلم في كل مكان ونزيف الرصيد الدعوي للعمل الإسلامي وسط الناس الذين هم رجاء التغيير المنشود.
رغم كل ذلك... إلا أنه لابد من الهدوء في المناقشة مع «إخواننا» الذين خالفونا واتهمونا، بعيدًا عن التشنج والتعصب والاستبداد بالرأي - في داخل مصر وخارجها، بل وفي داخل الدعوة والحزب وخارجهما لعلنا نستبصر مواقع أقدامنا وخطوات المستقبل في وسط هذه الفتنة المظلمة.
دعونا نسترجع معًا بعض المواقف التي كنا نتخذها من عهد قريب -أو بعضها على الأقل- ولم تكن وقتها مقتضية عند المخالفين اليوم لكفر أو نفاق أو خيانة، بل ربما كانت نصحًا للأمة وسعيًا لمصلحتها، وما احتمل ذلك لا يصلح بحال أن يتحول من نصح وصلاح إلى ردة ونفاق وخيانة! فإن الكفر والنفاق أعمال وأقوال معلومة بنصوص الكتاب والسنة، ومن ذلك الولاء والبراء.
دعوا عنكم أمر النيات إلى مَن يعلم السر وأخفى فإن اتهام النيات جرأة على الله رد عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسألة احتفت بها قرائن تكاد تصل للقطع عند الناظرين بقوله: «أَفَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ» (متفق عليه)، ونحن لا نجزم لأنفسنا بالإخلاص فمن ظن في عمله إخلاصا فهو يحتاج إلى إخلاص، و{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (المائدة:27)، وإنما نقول: «اللهم إن كنتَ تعلم أنَّا فعلنا ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه».
أول هذه المواقف التي أذكِّر نفسي وإخواني بها: ما كنا اتفقنا فيه مع الإخوان في أول الثورة أن المرحلة لا تحتمل أن يتقدم الإسلاميون بمرشح لهم من الرئاسة؛ لأن احتمالات السقوط أكبر للانهيار الذي تركت فيه البلاد والتجريف للكفاءات الذي تم في العهد البائد، وأتذكر أن أحد الأساتذة الأفاضل من جماعة الإخوان هو أ.(محمد حسين) قال لي: «لن نرشح رئيسًا لمدة دورتين على الأقل -وقت أن كانت الدورة 6 سنوات أي 12 سنة- ولن نرشح رئيسًا للحكومة لمدة دورة على الأقل -5 سنوات-» ومعلوم أن مقتضى ذلك أن يكون الرئيس الذي نختاره إما ليبراليًّا أو من المدرسة القومية، فهل كان هذا الرأي خيانة للأمة؟! ألم تظل جماعة الإخوان على موقفها حتى قررت بأغلبية ضئيلة «56 : 53» تقديم مرشح للرئاسة مع أننا أرسلنا لهم رسائل عدة بالنصيحة بعدم تقديم مرشح وهو الموقف الذي التزمت به الدعوة طيلة هذه المرحلة -وما زالت-؟!
هل كان مَن صوتوا بالرفض خائنين للأمة فضلاً عن خيانة الله والرسول؟!
أتذكر موقف أحد شيوخ السلفية الفضلاء وهو الشيخ (عبد الرحمن عبد الخالق) -حفظه الله- وقد زرته في بيته ببنها أول نزوله مصر، وقال لي: «إن الوضع لا يحتمل رئيسًا إسلاميًّا وإنما نحتاج رجلاً مصليًا متدينًا في الجملة لا يحارب الإسلام»، وعندما كلمته عن أحد المرشحين الإسلاميين وبعض عباراته -التي سمعتها بنفسي- نحو: «لا مانع من الدفع بالبلاد في المسار السوري والليبي إذا لم يستجب العسكر لمطالبنا!»، و«إن حل مشكلة إسرائيل بكل بساطة أن نرسل 4000 شابًا على خليج العقبة ويغلقون مضيق تيران، وبذلك تكون إسرائيل قد انتهتْ!»، «وإن مشكلة الغذاء عندنا أو حتى احتمالات الحصار الاقتصادي تُحل بتحقيق الاكتفاء الذاتي بزرع 100 ألف فدان قمح في سيناء على ماء المطر!» -وهل سيناء فيها مطر وأرض تكفي ذلك فعلاً؟!-، وقال الشيخ دون أن يعرف اسم الرجل: «إن هذا الرجل لا يصلح أن يقود عزبة فضلاً عن أن يقود مصر!».
هل كان هذا الموقف خيانة لله وللرسول -صلى الله عليه وسلم - وللأمة؟!
سيقول الكثيرون: الظروف قد تغيرت، وقد وُجد الإمام الممكَّن وتمت بيعته بالانتخابات فلا يجوز الخروج عليه، وقد بالغ بعضهم فجعل من سكت على ذلك وتعامل مع الواقع الجديد من الخوارج، وبالغ بعضهم أشد منه فجعله من الموالين للكفار والمرتدين!
ويا عجبًا... ! هل مجرد خلع الإمام الذي ثبتت إمامته يُعد صاحبه من الخوارج دون القول بتكفير مرتكب الكبيرة، وتكفير الحاكم أو غيره مع قتاله؟
هل قتال طلحة والزبير ومعاوية لعلي -رضي الله عنهم- جعلهم من الخوارج فضلاً عن ارتدادهم بذلك؟!
ونقول: إن وجود الإمام الممكَّن وثبوت بيعته بالانتخابات هو وهم الحلم الجميل الذي عشناه وما زال بعضهم يعيشه!
يا قومنا... أليس عندكم جميعًا -فيما أعلم- أن الإمامة لا تثبت إلا بشوكة تفرض الطاعة؟!
هل كان أهل الشوكة الحقيقية في البلاد مطيعين للدكتور «مرسي» لا يقدرون على مخالفته؟!
وهل كان الجيش والشرطة والمخابرات، ثم أجهزة الإعلام، وأهل المال والاقتصاد، والقضاء والدولة العميقة وأتباع النظام السابق في يد الرئيس؟!
هل استطاع د.«مرسي» أن يقيم الدين أو أن يسوس الدنيا بالدين أم أحسن أحواله أن يكون عاجزًا، بل ما استطاع أن يسوس دنيا الناس ويوفر حاجياتهم؛ ولو بغير الدين، ولو بالربا ومنح التصاريح للخمارات؟!
الكل يعلم أن جزءًا من المشكلات مفتعل وهذا دليل على أنه لم يكن ممكَّنًا؛ إذ عجز عن حل المشكلات إلى درجة سخط شعبي عارم، فالناس على نحو ما قال القائل:
عض قلبي ولا تعض رغيفي
إن قلبي على الرغيف رهيف
فكل هؤلاء يخالفونه حتى وُجد لهم الظهير الشعبي المتضرر مِن فقْد أساسيات حياته وهو عاجز عن قيادة البلاد دنيا أو دين وسط هذه الصراعات، وفي الدول المحيطة مخالفة مماثلة: دول الخليج - أثيوبيا - حتى السودان خذلتنا في سد النهضة - إسرائيل «حدث ولا حرج» - دول الربيع العربي مشغولة بمشكلات ثوراتها.
أما مَن يعد إيران وتابعتها العراق حليفًا للمشروع الإسلامي فهي مصيبة مركبة.
وأما الموقف الدولي فمعلوم حقيقة ما يريده الغرب، وأنه مع من يقدم التنازلات أكثر؛ وحبذا لو كان بغطاء إسلامي، وهم يركزون جدًّا على الجانب الثقافي والفكري ممثلاً في الدستور وهو أول ما بذله الإخوان ومستعدون لبذله من تنازلات، فكيف يمكن لرئيس «ممكَّن» -كما يزعم مَن يزعم!- أن يقود بلده وسط كل هذا؟!
فالسقوط مقطوع به تقدم أو تأخر؛ لأن فلسفة القيادة لم تكن في محاولة استيعاب المخالفين فضلاً عن الموافقين، وإنما في الصدام مع الجميع وفي الوقت نفسه هل يقبل أن يكون «الإمام الممكَّن» يتلقى إنذارًا من قائد جيشه ثم لا يقوم بعزله وإنما يطالبه بسحب إنذاره ومهلته! الذي لا شك فيه إنه كان غير قادر على عزله.
«حزب النور» لم يشارك في انقلاب -كما يقولون!- وإنما تعامل مع واقع مفروض كان موجودًا قبل ذلك للناظرين بعين الحقيقة، وأصبح معلنًا بالبيان الذي تم فيه عزل الرئيس بعد أن سيطر الجيش على مقاليد البلاد خلال المهلة تحت سمع وبصر الجميع، وسيطر على وسائل الإعلام ووضع الرئيس تحت الإقامة الجبرية.
هل خطؤنا أنكم تقرؤون المشهد على غير حقيقته أو تفهمونه بما تحبونه كما فسرتم الإنذار الأول والمهلة الأولى التي كانت أسبوعًا على أنها إنذار للمعارضة وليس للرئاسة؟!
والعجب أنه حتى لو كان الأمر كذلك فكان هذا دون أمر من الرئاسة... فأين التمكين يا عباد الله؟! وأين الشوكة؟! وأين إقامة الدين، وسياسة الدنيا بالدين أو بغيره؟!
نحن تعاملنا مع الواقع الجديد -القديم في الحقيقة- كما كنتم أنتم تتعاملون معه طيلة سنة ونصف حكم فيها المجلس العسكري؛ وهذا هو الموقف الثاني الذي أذكركم به: فلم تكن هذه خيانة لله وللرسول -صلى الله عليه وسلم - وللأمة، بل كانت -كما كانت من قبل- درءًا للمفاسد وجلبًا للمصالح، وأهمها: تجنب أن نضع الإسلاميين جميعًا في بوتقة واحدة ضد الشعب تقاتله وتهدده بأنهم سيسحقونه في «30/6»! وأنه: «مَن رش الرئيس بالماء سنرشه بالدم»، و«أن هناك 100 ألفًا قد بايعوا على الهجوم لا الدفاع!»، مع إظهار السلاح واستعماله علنًا في محافظات كثيرة... ثم كانت الطامة الأشد في إعلان البعض صراحة أن عمليات سيناء تتوقف فورًا إذا عاد «مرسي» إلى الكرسي، وإلا ستستمر؛ فقائل هذا يحمِّل الجماعة علنًا مسؤولية كل العمليات التي تجري في سيناء!
مع أن الذين خرجوا في «30 /6» لم يكونوا كلهم من العلمانيين والنصارى والفلول وأطفال الشوارع، بل كانت ملايين حقيقية تطالب بلقمة عيشها التي حرمت منها بمؤامرات أو غير مؤامرات، فـ«المطلوب من القيادة أن تقود رغم المؤامرات وإلا فإذا عجزت فلترحل».
إن السخط على كل ما هو (إسلامي) -بالاصطلاح المعاصر- كان لا يخفى على أحد خصوصًا الملتحين والمنقبات طيلة أسبوعين تقريبًا قبل «30 /6» من سب واتهام وأحيانًا اعتداءاتٍ، وللأسف كانت قراءة المشهد عند من يتخذ القرار من جنس أن مهلة الأسبوع التي أمهلها الجيش كانت إنذارًا للمعارضة مع أننا نبهنا على ذلك قولاً وكتابة في الوثيقة التي استلمها وفد مكتب الإرشاد الذي زار الدعوة في «16-6-2013م»، وفيها تحذير من إعطاء المسوغ لتدخل الجيش... ووالله لم يكن عن تواطؤ، ولكن توقع واحتمال يدركه كل من يقرأ المشهد قراءة واعية، وليس حسب ما يحب هو أن يراه ويقرأه.
وما قاله بعضهم عن وجوب استنقاذ الإمام إذا أُسِر فهو تابع في الحقيقة لهذا التصور الوهمي مِن وجود إمام ممكَّن، وأن الانتخابات بيعة! (سؤال عابر: هل لو كسب شفيق دون تزوير ستكون بيعة له؟!) فمجرد نية إقامة الشريعة لا تكفي في تصحيح الإمامة، فكلنا ننوي ذلك... فهل كلنا أئمة؟!
والصورة التي ذكرها العلماء هي في أسر الإمام مِن قِبَل الكفار، وأظن أن سيف التكفير جاهز لكل من خالفوا، ولم يقل العلماء ولم يطبقوا هذا في خليفة عزله السلطان وأسره، بل وقتله، وارجعوا للتاريخ ستجدون كمًا هائلاً من ذلك، ولقد كان أئمة السنة في زمن الصراع بين الأمويين والعباسيين ولم يقولوا بوجوب استنقاذ الإمام الأسير، بل تعاملوا مع الواقع الجديد الذي صار حقيقة بالتغلب. وأكرر ليس خطؤنا أنكم لا تحسنون قراءة المشهد.
وعذرًا لمن هم خارج البلاد من المشايخ والدعاة: لم يكن لكم أن تتورطوا في الإفتاء على واقع لا تعلمونه اعتمادًا على نقل من توالونه ولم تسمعوا ممن خالفه! فعسى أن تعيدوا النظر.
وهل يكفي الاعتماد على وسائل الإعلام المسماة بالإسلامية التي صار الكذب -وهو على ما أعلم يجوز في الحرب- هو السلاح الأول المستعمل لتشويه الحقائق ولي الوقائع لتصل في النهاية إلى استخراج البيانات بهذه الصورة.
موقف ثالث أذكِّر به: هو ما كان من وجود (التحالف الديمقراطي) الذي رعاه حزب الحرية والعدالة؛ (تحالف) و(ديمقراطي) وعلى رأسه رموز الليبراليين وكانوا معروفي الاتجاه الفكري تمامًا، بل صاروا قادة جبهة الإنقاذ، ومرَّ على المشايخ والدعاة والإعلام المسمى بالإسلامي مرور الكرام، بل مع التسويغ الشرعي بحلف الفضول!
قارنوا بين هذا الموقف وقد قدَّم رموز الليبرالية للانتخاب على (قوائم الإخوان) دون غضاضة وبين موقف (حزب النور) في مبادرته التي طالب فيها بإصلاح حقيقي تحتاج إليه البلاد، ومصالحة مع مؤسسات الدولة لا يمكن أن يستمر العمل دونها؛ وإذا بالعالم كله يسمع عن موالاة (حزب النور) لأعداء الله العلمانيين، معسكر الكفر، والديمقراطية كفر... !
مع أننا لم نقبل قط حق التشريع لغير الله.
ولا قلنا: إن عرض القوانين على هيئة كبار العلماء لبيان (حكم الشريعة) فيها تأسيس للدولة الدينية المرفوضة!
ولا قلنا: إن التشريع هو لهذا الشعب ممثلاً في مجلس الشورى؛ لأن الشعب مصدر السلطات! بل نفسر مصدر السلطات بأنه بضوابط الدستور المتضمن مرجعية الشريعة؛ فلا يجوز لمجلس الشورى أو النواب أن يسن خلاف الشريعة. هل كانت كل هذه المصطلحات، وكل هؤلاء الأشخاص، وكل هذا المنهج الفكري مختلفًا عما هو عليه الآن عندما تحالف معهم الإخوان؟! ولم نتحالف معهم قط، ولا والينا مَن يخالف الشرع، وإنما حصل توافق على موقف سياسي كان أقبح منه بلا شك ما أعلنه د.«مرسي» بأن الموقف المصري يتطابق مع الموقف الروسي من الأزمة السورية!
يا للعجب... ! يا شيوخ السلفية المتهمين لحزب النور والدعوة بالنفاق لماذا لم تنطقوا بكلمة على ما سبق وقتها؟! لماذا الكيل بمكيالين؟! إلى الله المشتكى.
موقف رابع: يوم أن أفتى د.«يوسف القرضاوي» بأنه «يجوز» للمجند الأمريكي أن يقاتل مع الجيش الأمريكي ضد دولة أفغانستان المسلمة لم ينعقد اتحاد علماء المسلمين ليبين حرمة موالاة الكفار، ولم تنطلق الألسنة مكفرة ومضللـة وحاكمة بالنفاق مع أن القتال والنصرة أعظم صور الموالاة ظهورًا، ودولة أفغانستان كانت تطبق الحدود وتعلن مرجعية الإسلام، أما الآن فقد انطلقت الألسنة تقول في إشارة يفهمها الجميع: {... فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} (التوبة:74)، مع أن صدر الآية: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا...}، فهل رأيتم (حزب النور) قال كلمة الكفر وكفر بعد إسلامه؟!
نوصي أنفسنا وإياكم بتقوى الله، نحن فقط تعاملنا مع واقع حقيقي فرض نفسه، ليس في قدرتنا أن نشارك فيه، ولم نشأ أن نطيع غيرنا في أن نصطدم بالحائط أو نلقي أنفسنا في هاوية مهلكة تؤدي إلى خسارة الدين والدنيا؛ خسارة الدعوة والمنزلة في قلوب الناس وخسارة المنصب الذي لا يسمن ولا يغني من جوع في الوقت نفسه، خسارة الدماء التي تراق، والأموال التي تُدمر، والبلد الذي ينهار، والجيش الذي يُراد انقسامه ويُراهَن على انشقاقه لإعادة الرئيس بعد كم مِن الأرواح تزهق! وعلى أي أشلاء وطن يعود الرئيس؟! وإذا لم يعد في المنطقة غير جيش واحد (هو جيش إسرائيل)؛ فمن الذي سيأمر فيطاع: د.«مرسي» أم الأيدي والأصابع من الخارج؟! إلى الله المشتكى.
إن الخطاب الكارثي المستعمل باسم الإسلام -المبني على العنف الدموي في سيناء وغيرها- والتكفير للمخالف (إسلامي وغيره) يقتضي وقفة صادقة مع النفس لهذا الاتجاه بأسره.
وأنا أنصح (مكتب الإرشاد): أن يستخيروا الله في الاستقالة لمجلس الشورى التابع لهم استنقاذًا للجماعة التي نريد أن تظل عاملة وبقوة في الشارع المصري مقبولة من الجماهير، وقبل ذلك حفاظًا على ما بقي من العمل الإسلامي ومصلحة الإسلام والمسلمين، ومصلحة هذا الوطن وهذه الأمة في مشارقها ومغاربها. وأنصح كذلك إخواني في مجلس إدارة الدعوة السلفية:
بعد أن قدموا كشف حساب عن المرحلة السابقة لمجلس الشورى العام للدعوة أن يضعوا استقالاتهم بين يدي إخوانهم ليقرروا ما شاؤوا.
اللهم بلغت... اللهم فاشهد.
لاتوجد تعليقات