عبد الحق التركماني – رئيس مركز دراسات تفسير الإسلام في بريطانيا- المحافظون ضد التطرف العنيف
أكد الشيخ عبدالحق التركماني في تصريح خاص للفرقان أن نسبة المسلمين في بريطانيا تقدر بـ 4.4%؛ حيث يبلغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة، ولاشكَّ أن هذا العدد الكبير يمثل قوة انتخابية مؤثرة إن تم استثمارها استثمارا صحيحا، لكن يبدو حتى الآن أن المسلمين عاجزون عن رصِّ صفوفهم وتوحيد كلمتهم لتحقيق مصالحهم من خلال اختيار الأصلح لهم والأقل ضررًا وعداء بين الأحزاب.
وقال التركماني أن الفئة المهتمة بالسياسة بين المسلمين، وهي امتداد للحركة الإسلامية في العالم العربي، تهمها بالدرجة الأولى مصالح تنظيماتها ومنظماتها، وسعيها المكثف لتحسين صورتها أمام الحكومة البريطانية حتى لا تلاحق بتهم الإرهاب؛ لهذا فهي تبني حساباتها على أساس مصالح الجماعة وليس مصالح الجالية الإسلامية، وفي المقابل توجد فئة ضالة من المتطرفين الذين يعتقدون بأن مجرد التصويت في الانتخابات كفر أكبر، وردَّة عن الإسلام، وهم ينشرون رأيهم الأعوج هذا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والملصقات في الأماكن العامة، ويستطيعون الوصول إلى جماعات من الشباب المسلم. أما عامة المسلمين فهم في حيرة من أمرهم، وتقديرهم للمصلحة في التصويت لهذا الحزب أو ذاك يختلف بحسب تصوراتهم ومواقفهم واهتماماتهم؛ حيث ينظر بعضهم إلى منهج الحزب المؤثر في التعامل المباشر المتعلق بالمعونات والهجرة ونحوها، وينظر آخرون إلى السياسات بعيدة المدى والمؤثرة في منهجية التعامل مع المسلمين خاصة. وقد جرَّب المسلمون لسنوات طويلة انتخاب حزب العمال الاشتراكي، نظرًا لسياسته المتسامحة مع المهاجرين، وتشجيعه للمعونات الاجتماعية التي يحتاجها كثير من المسلمين، لكن الحزب شارك في الوقت نفسه في حرب أفغانستان والعراق.
فوز حزب المحافظين لن يغير كثيرًا في واقع الجالية الإسلامية، ولاسيما على المستوى اليومي المباشر، لكنه سيشجع الحكومة على المضي قدمًا في سياساتها المتشددة فيما يتعلق بالمدارس الإسلامية، وتفعيل (الحرب) التي أعلنها رئيس الوزراء البريطاني (ديفيد كاميرون) ضد (التطرف غير العنيف)، وذلك في خطابه في (الأمم المتحدة) (25/9/2014)، فذكر أن هزيمة أيدلوجية التطرف تتطلب مواجهة جميع أنواع التطرف، ومنها: التطرف غير العنيف. وأن حكومته ستتخذ الوسائل الممكنة كلها في هذا المجال، مثل: منع دعاة الكراهية من دخول بريطانيا، وحظر المنظمات التي تحرض على الإرهاب في الداخل والخارج، والعمل على إزالة المواد المنشورة في (الإنترنت) التي تحرض على الإرهاب، وإيقاف التحريض على الكراهية والتعصب في المدارس والجامعات، وهذه الخطوات جيدة وصحيحة لمواجهة التطرف الذي يتنامى بين أوساط الشباب المسلم، لكن التطبيق المتعسف وغير الدقيق لها ستؤدي إلى نتائج سلبية، ولاسيما إذا استغلت في التضييق على المسلمين في خصوصيتهم الاعتقادية والدينية والتربوية.
على المسلمين ألا ينتظروا كثيرًا من وعود الأحزاب، ولاسيما أن السياسات العامة للدولة لن تتغير بفوز هذا الحزب أو ذاك، ويكفيهم ما يحظون به من حقوق وحريات من خلال الأنظمة والقوانين المرعية؛ لهذا عليهم أن يبذلوا جهودهم الذاتية في تحسين أوضاعهم، وتقديم نموذج مقنع لسائر البريطانيين بالتزامهم ونجاحهم ومساهمتهم الخيرة في المجتمع، وسيكون هذا خير جواب ورد على الأحزاب والحركات اليمينية المتطرفة؛ حيث؛ أنها تتغذى بأخطاء المسلمين وتهم الإرهاب الملصقة بعامتهم نتيجة تورط فئة قليلة من الشباب الضائع.
لاتوجد تعليقات