عبداللطيف القناعي.. رجل بألف
رحم الله صديق الدرب ورفيق القلب وصاحب المهمات الصعبة ومدرسة الصبر، الأخ الكبير عبداللطيف محمد عبداللطيف القناعي الذي أسس المكتبة السلفية في الكويت وتسجيلات السارية، ورأس لجنة العالم العربي التابعة لجمعية إحياء التراث الإسلامي وأسس العمل الخيري تأسيساً صحيحاً ضمن قواعد وضوابط ومنظومة سار على دربها من جاء بعده.
ذهب بنفسه إلى اليمن ومصر ولبنان وغيرها من الدول العربية، وكان يتعرض للأخطار، ولكنه صمد أمام مدلهمات الفتن، ويتابع بنفسه مراحل العمل الخيري من بناء مدارس ومساجد ومراكز صحية، وكان لا يرد سائلا، ويدفع من جيبه الخاص على إنشاء حلقات في فلسطين المحتلة والأردن وطباعة الكتب وكفالة الأيتام وقضاء الديون وكفالة أبناء المشايخ والعلماء الذي توفاهم الله -عز وجل- حتى بنى لبعضهم بيوتا.
لا يحمل في قلبه حقداً على أحد ولا حسداً ومن يزعجه أو يؤذيه لا يزيد على قول: الله يغفر له ويهدينا وإياه ونكون إخوة على سُرر متقابلين.
كان بارا بوالدته، وله مواقف كثيرة وكبيرة، وكان مخلصا في تربية أبنائه وأحفاده لإسعادهم، وكان الزوج الصالح والمحترم لزوجته.
يعفو ويصفح الصفح الجميل عمن أساء إليه أو كذب عليه أو غشه، وكان كثير الابتسامة والترحيب والكرم.
إذا حدث نزاع بين طلبة العلم أو الدعاة لا يهنأ له الوضع حتى يصلح بينهم عبر الهاتف أو السفر إليهم أو استقدامهم إلى الكويت، وقد بارك الله في سلامة أسلوبه وجماله وتقريب وجهات النظر في إصلاح ذات البين.
منذ أن أصيب بمرض السرطان وهو صابر ومتحمل ولا يشكو إلا لله -عز وجل- وكان مثالا يحتذى به في الصبر، فكم تعرض في حياته للابتلاءات، ولكنه رضي وقال: الحمدلله على قدره، ونرضى بما قسمه الله عز وجل.
كان يتألم عندما يسمع الأذان ولا يستطيع الوصول إلى المسجد لمرضه الشديد الذي ألمّ به، طلب مرارا من وزارة الصحة السفر للعلاج ولكن المسألة مزعجة ومؤلمة وتحتاج إلى واسطات، فذهب بماله الخاص رغم التكاليف الباهظة ومع ذلك لم يتحدث مع أحد في هذا الخصوص، كان حسن السمعة بين جيرانه وأهله وذويه، متواصلاً مع الأرحام، وكان أكثر أصدقائه من الفقراء والمساكين وهو أبو الأيتام وأبو الدعاة إلى الله عز وجل.
كان يقول لي: أهم شيء صناعة الرجال وإعداد الشباب على الوسطية، وأن تكون لديهم حرفة يترزقون منها ولا يكونون عالة على الناس؛ ولذلك عمل على إنشاء وقف الأيتام ووقف الأرامل ووقف المدارس والمعاهد القرآنية ووقف للتدريب على الصناعة للشباب المسلم.
يتألم جدا إذا حدثت الحروب في الأمة الإسلامية، ويدعو الله دوما أن يوقف نزيف الدم في الأمة الإسلامية.
كان مقلاً في الكتابة والشعر والنثر ولكن ما كتب كان ذا قيمة ووزن، أول من أسس بناء المساجد لأهل البحرين، فكان يقول: البحرين تجمعها المساجد وتصحح أوضاعها؛ فلذلك تعاون مع جمعية التربية للقيام بهذاا لمشروع.
ولما توحدت اليمن (اليمن الشمالي مع الجنوبي) قال: واجبنا الآن أن نبني مساجد في اليمن الجنوبي.
شارك في بناء المساجد في سوريا، فضلا عن كفالة الأيتام وطباعة المصاحف وإنشاء حلقات للقرآن ودعمها.
ومهما أكتب عنه فهو قليل في حقه. نسأل الله أن يرحمه، ويكتبه في عليين، ويتجاوز عنه، ويكون ما قدمه في ميزانه يوم القيامة. توفي الأحد الموافق6/4/2014 بعد صلاة المغرب ودفن الإثنين بعد صلاة العصر، إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لاتوجد تعليقات