عاصـفــةالحزم مـوقـــف علمــــاء الكــويت والهيئات الإسلامية
أن أهم أسباب النصر الاستعانة بالله عز وجل، فإن الله سبحانه وتعالى لا ينصر المسلمين بعدة ولا بعدد وإنما ينصرهم بحسب قربهم من الله
في ظل الأحداث التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية، وفي ظل التغييرات المهمة التي تعصف بها، هذه التغييرات -التي تبعث على الأمل والقلق في آن واحد- تدفع بالأمة نحو الالتفاف حول علمائها وأولي الأمر؛ لأنهم الفئة المخولة، لقيادة الأمة في هذه المرحلة، كما أنها الفئة الأقدر على استيعاب هذه التغييرات، وترشيدها بما يخدم الأمة ويفوّت الفرصة على أعدائها، الذين يستغلون هذه الأحداث لمصالحهم، قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء:83) والمراد بأولي الأمر في الآية : أي الأمراء والعلماء الراسخون الذين يحسنون استنباط الأحكام الشرعية من أدلة الكتاب والسنة؛ لأن النصوص الصريحة لا تفي ببيان جميع المسائل الحادثة والأحكام النازلة ، ولا يحسن استنباط ذلك واستخراجه من النصوص إلا العلماء الراسخون .
من هنا كان هذا التحقيق الذي نحاول فيه الرجوع إلى علماء ومشايخ دولة الكويت لمعرفة التأصيل الشرعي والفقهي لحملة عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية لمواجهة عدوان الباغيين من الحوثيين.
تأييد كبار العلماء للحملة
في البداية أكد الشيخ د. محمد الحمود النجدي رئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الإسلامي أن كبار علماء المسلمين أيدوا العلميات العسكرية التي قادتها المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مع إخوانه قادة دول الخليج والدول العربية والإسلامية، من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى دولة اليمن الشقيقة، ضد الحوثيين المارقين، وتطهير البلاد من شرهم، الذين انقلبوا على شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وعلى الشعب اليمني المسلم، وأرهبوا العباد، وسعوا في الأرض الفساد، فهدموا المساجد، والمعاهد الشرعية، ودور القرآن الكريم والحديث الشريف .
وقد جاءت هذه الخطوة المباركة، بما يتوافق تمامًا مع الشرع الحنيف، فقد قال الله تعالى في ذلك: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ}( الحجرات : 9).
وندعو الله تعالى أنْ يعز الحق وأهله، وأن يكلل هذه الجهود بالنجاح، والنصر المبين على الظالمين المعتدين. إنه ولي المؤمنين، ونصير المظلومين.
حملة لا ظلم فيها
من جانبه دعا الشيخ ناظم سلطان المسباح الله تبارك وتعالى أن تحقق عاصفة الحزم كامل أهدافها بتمكين الحق وعودة العدو ومن يدعمه إلى رشده وصوابه، وأكد على أن هذه الحملة على هؤلاء المعتدين مشروعة لا ظلم فيها، وهي حق نطالب به ونسأل الله جل جلاله التوفيق لقادة وشعوب دول الخليج والدول المشاركة في الحملة.
وشدد المسباح على ضرورة أن يتقي الله العقلاء في كل حزب وطائفة في شباب الأمة، وألا ينجرفوا إلى إشعال الفتن فكل من انجرف فيها ذاق الأمرين، وحذر من أن يستفز الشيطان بعضهم بإشعال فتنة داخلية لا نجني من ورائها إلا ضياع الأنفس البريئة.
دحر الظالم الباغي
من جابنه وصف الشيخ محمد ضاوي العصيمي الحملة بأنها دحر للظالم الباغي المعتدي الذي أراد ببلاد المسلمين سوءًا وأوقع في المسلمين الضرر وأحل فيهم الظلم في بلاد اليمن التي ابتليت به، ونحمد الله عز وجل أن شفى صدور قوم مؤمنين، والذي أقر عيون المؤمنين بما من سبحانه وتعالى بالتدخل الأخير من دول الخليج في اليمن. حفظ الله عز وجل حكامها وسلمهم من كل سوء وشر بما قاموا به لرد هؤلاء المجرمين الباغين. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يخلص المسلمين من شرهم.
ونبه الشيخ العصيمي على أمور عدة من أهمها: أولاً: أن أهم أسباب النصر الاستعانة بالله عز وجل، فإن الله سبحانه وتعالى لا ينصر المسلمين بعدة ولا بعدد وإنما ينصرهم بحسب قربهم من الله عز وجل قال تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}، والله جل وعلا أعطانا درسًا في غزوة حنين وإنما الكثرة في أكثر الأحيان قد تكون مذمومة وقد تنصر الفئة القليلة بإيمانها كما في قول الله تعالى: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله}.
- ثانياً: اللجوء إلى الله بأن ينصر المؤمنين وأن يسدد الله ولاة أمورهم لما يحب ويرضى.
- ثالثاً: كذاك يجب على المسلم أن يحفظ الإنسان لسانه إلا بخير، وألا يبث الإشاعات والأكاذيب وعدم التعجل في نشر الأخبار؛ لأنه قد يكون سببا في تخذيل المسلمين، وقد يكون سببًا؛ لأن يبث العدو الرعب في صفوف المسلمين وبين الناس.
- رابعاً: مؤازرة ولاة أمر المسلمين وتشجيعهم للقيام بواجبهم من حماية ثغور المسلمين وبلدانهم وأمنهم وعقيدتهم ولا شك أن هذا الأمر من أعظم القربات عند الله عز وجل أن يقوم ولي الأمر بالدفاع عن المسلمين والذب عن عقائدهم ونصرة دينهم.
- خامساً: كذلك يجب ألا نكون من المرجفين، وألا نكون من المطففين الذين همهم فقط التخذيل والتهوين والتقليل من أي حدث، فبعض الناس لا يحب أن يرى حسنة لولي أمر قام بها، وإنما دائمًا يغلب على ألسنتهم التخذيل والتحبيط والتثبيط، ولذلك المرء دائمًا يقول للمحسن أحسنت ويقول للمسيء أسأت، ويبين وجه الإساءة حتى يأخذ بنصحه ويصحح خطأه.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يمكن لإخواننا من أهل السنة في كل مكان، وأن يكبت عدوهم وأن يخذل من خذل الدين، وأن يجعل للمسلمين فرجًا قريبا في كل مكان بلاد الإسلام في بلاد الشام وفي اليمن وفي العراق.
عاصفة الحزم من الجهاد المشروع
أما الشيخ داود العسعوسي وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المساعد فقال إن عاصفة الحزم من الجهاد المشروع لنصرة المظلومين من إخواننا أهل السنة في اليمن ورد كيد المعتدين من الحوثيين ومن عاونهم، فالراية واضحة وهي بإذن الإمام وأمره، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بنصرة المظلوم ونهى عن خذلانه وتسليمه للعدو أو المعتدي مع وجود القوة والاستطاعة كما في الحديث: «ما مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنْ أَحَدٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ».
جهاد واجب على ولاة الأمور
من ناحيته أكد الدكتور مبارك الهاجري عميد كلية الشريعة جامعة الكويت أن صدّ عدوان البغاة المعتدين، والخوارج المارقين، مما يجب على ولاة أمور المسلمين، وهو من حقوق الناس عليهم، حماية لدينهم ودنياهم.
كما أكد الهاجري أن مشاركة الكويت ودول الخليج في ضرب الإرهاب الحوثي كمشاركتها في ضرب إرهاب القاعدة ونحوها ، مثل بمثل، فالحفاظ على أمن البلاد واجب شرعًا ..لأن الإرهاب والعدوان الحوثي تجاوز الحد، في ترويع الآمنين، وسفك الدماء، وهدم أركان الدولة اليمنية، وتهديد أمننا في الخليج، فأمن الكويت، والسعودية، والبحرين ، وبقية دول الخليج، بل والدول الإسلامية قاطبة واحد لا يتجزأ، سواء كان العدو خارجيًا أم داخليًا. الإرهاب لا يعرف دين ولا مذهب ولا طائفة.
وناشد الشيخ د. الهاجري أعضاء مجلس الأمة وغيرهم، الوقوف صفًا واحدًا مع قيادة البلاد، في حربهم ضد الإرهاب الحوثي وغيره، حفاظًا على الأمن الخليجي المشترك.
منهج السلف الرجوع إلى كبار العلماء
وفي السياق نفسه أكد د. أمير الحداد أن منهج السلف هو الرجوع إلى كبار العلماء والوقوف عند آرائهم في القضايا الكبرى التي تؤثر على الأمة، ولا شك أن قضايا الحرب والسلم، من هذه القضايا التي ينبغي ألا يتكلم فيها الصغار، وطلبة العلم، وإنما يرجع فيها إلى كبار علماء الأمة، ويؤخذ برأيهم، ويتبنى الجميع هذا الرأي، وينصروه، وينشروه، ويعملوا بمقتضاه.
كما أكد الحداد على أن القرار الذي اتخذ مؤخرًا من قبل دول الخليج - عدا عمان- بشن حرب على الحوثيين في اليمن، قرار أيده كبار علماء الأمة لما فيه مصلحة البلاد والعباد وحفاظًا على أمن واستقرار الخليج، ودحرًا لانتشار الأفكار الضالة من الذين يتلقون دعمًا لا محدودًا من الدولة الطائفية في المنطقة، وبالتحالف مع ناكر الجميل والساعي إلى استعادة ملكه القديم، هذا القرار قال العلماء كلمتهم فيه، فوجب على طلبة العلم الوقوف وراءهم وبيانه للعامة، وتوحيد الصف خلف ولاة الأمر، مع الدعاء الصادق لأبناءنا وقادتنا بالتوفيق والنصر بإذن الله تعالى: {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.
قضية عادلة
من جانبه رأى الشيخ محمد السنين أن هذا التحالف الذي قادته دول الخليج لصد عدوان الحوثيين تحالف مشروع من باب قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }(المائدة: 2)، وهو فضل من الله القائل: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} (الأنفال: 63)، ونحمد الله أن جمع قلوب حكامنا وشعوبها على هذه القضية العادلة، ونسأله سبحانه أن يكون هذا الاجتماع والائتلاف بداية خير لاجتماع أمة العرب والإسلام كي تستعيد مجدها وعزتها، وحق لنا أن نفرح وكيف لا نفرح وقد ذكر الله تعالى فرح المؤمنين بانتصار الروم على فارس في قوله تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴿٤﴾ بِنَصْرِ اللَّـهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}(الروم : 4-5)، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يحقق هدف هذه الحملة العسكرية، وأن يحقق النصر الكامل على الحوثيين وأعوانهم.
قرار صائب وسديد
أما الشيخ محمد الكوس فوصف قرار عاصفة الحزم بأنه قرار صائب وسديد؛ حيث قال إن القرار الذي اتخذه صاحب السمو الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- وإخوانه من الدول الخليجية والإسلامية وقيام المملكة العربية السعودية بقيادة هذا التحالف كان قرارًا صائبًا وسديدًا انتظره المسلمون جميعًا؛ لأن فيه إحقاق للحق، وفيه إنصاف للمظلومين؛ لأن الحوثيين عاثوا في الأرض الفساد، وقتلوا أهل السنة والموحدين، وقتلوا طلبة العلم، وانتهكوا المحارم، وهدموا البيوت، وسفكوا الدماء، وانقلبوا على الحاكم الشرعي للبلاد، ويريدون أن يدخلوا المملكة العربية السعودية كما صرحوا بذلك أكثر من مرة، ويردون احتلال الحرمين الشريفين فكان لزامًا معاقبة هؤلاء وإيقافهم عند حدودهم؛ لأنهم مجرمون وظالمون، ولابد أن يعاقب المجرم؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}( البقرة: 194)، فهذا الموقف الصائب شكره كل مسلم يحب الله عز وجل ويحب رسوله صلى الله عليه وسلم .
كما أكد الكوس أنه يجب على العلماء تأييد هذا الأمر ومؤازرة ولاة الأمور والدعاء لهم بالتوفيق والسداد، وأن ينصر الله هذه الجيوش التي دكت معاقل أهل الباطل والمجرمين، كما يجب عليهم أن يردوا الشبهات عمن يريد أن يلبس على الناس في هذا الأمر ممن يصفون هذا الأمر بأنه غير صحيح، وأنه تدخل في شئون الغير، فيجب بيان كذب هؤلاء وتدليسهم، وحث الخطباء في المساجد على بيان هذه الأمور.
وأما عن دلالات الاتفاق والوحدة بين الجيوش العربية فقد أكد الشيخ الكوس أن هذا الائتلاف فيه بشائر خير وأن هذه الأمة لا يزال فيها الخير، وأن الجهاد الشرعي الصحيح لن يموت، لا كما يقول بعض المخذلين أنه لم يعد هناك جهاد في الأمة وأن الجهاد انتهى ومثل هذا الأمور المخذلة.
فعلى المرء المسلم ألا يصاب باليأس والإحباط والقنوط فالنبيصلى الله عليه وسلم أمرنا وحثنا على التفاؤل والاستبشار وقد جاءت النصوص الكثيرة الدالة على ذلك ومن ذلك حديث النبيصلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام أحمد من حديث أبي كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بشر هذه الأمة بالثناء والرفعة والدين والتمكين في الأرض..» الحديث.
ونلمح من ذلك -إن شاء الله- فجرًا مشرقًا منيرًا ولعله يكون بداية خير وعز وتمكين للأمة وائتلاف على الخير والبر الذي نأمله جميعًا من حكام المسلمين وولاة الأمر.
عاصفة الحزم عصفت بالمشركين
أما الشيخ إبراهيم الأنصاري فوصف عاصفة الحزم بأنها عصفت بالمشركين وقطعت آمال المنافقين والمتربصين، قال تعالى: {ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم}، ودعا الشيخ أن يوفق الله ولاة أمورنا وأن يسددهم وأن يجمع قلوب المؤمنين عليهم، ثم وصف موقفهم بأنه جمع قلوب أهل السنة وأفرحهم بضرب ذَنَب المشركين الحوثيين المجرمين.
الإمام جُنة
كما أكد الشيخ رائد الحزيمي أنه يجب أن نعلم أننا في جهاد شرعي فيجب علينا جميعًا أن ننصر إخواننا بالكلمة والدعاء، وأن نحذر من التخذيل والتثبيط، وألا نكون معاول هدم لهم نطعنهم من الخلف، ثم بين الشيخ أن القتال بإذن ولي الأمر من أعظم الواجبات فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنما الإمام جنة، يقاتل من ورائه» رواه أحمد والشيخان
وأكد د. عبدالله الشريكة : إن من أحكام الجهاد، أن الحاكم المسلم إذا استنفر أحدًا أو جماعة وجب عليهم النفير وحَرُم عليهم التخلف، قال صلى الله عليه وسلم : «وإذا استنفرتم فانفروا».
ثم مدح اتفاق الدول المسلمة العربية منها وغير العربية واجتماعها واصفًا هذا الموقف بالشجاع وأنه يبشر بخير، نسأل الله جل جلاله أن يوفقهم ويسددهم.
كما أوصى الشيخ الشريكة أنه يجب علينا في مثل هذه الأحداث أن نتضرع إلى الله بالدعاء، كذلك لا يجب أن نصدق كل ما ينشر وأن نتثبت من ذلك، وأخيرًا يجب ألا نتعجل في نشر كل ما يصلنا من أخبار ومعلومات.
بعد هذا الاستقصاء لآراء أهل العلم في الكويت ومواقفهم تجاه هذه الحملة الشرعية المباركة، فإننا نقول: للعلماء دور مؤثر في الأمة غاية التأثير، وإن هناك أمورًا يؤلها الناس منهم حكاما ومحكومين، ومما نأمله ويأمله المسلمون من علمائهم:
التنسيق الأعلى بين العلماء في ما يمر بالأمة من أحداث، وتفعيل آليات الحوار والنقاش، وعلى الجميع بيان الحق بالطريقة الشرعية والحق مبتغى الكل.
المحافظة على منهج واضح ونقي يمثل منهج الوسطية الحقة، في التعامل مع الأحداث التي تمر بها الأمة.
التفاعل المنضبط مع أحداث الأمة وألا يغيب العلماء دورهم بأنفسهم، فليس من الحكمة أن يعتزل العالم عن قضايا الأمة وهمومها، وإنما المراد هو الاضطلاع بدور الريادة والقيادة مع التمسك بأمر الله قدر المستطاع، فإن قدر وإلا عُذر، فإن الثبات على المبدأ هو التحرك به والدفاع عنه واستثمار الفرص والإمكانات المتاحة.
ينبغي أن يكون للعلماء حضورًا أقوى لدى مختلف شرائح الأمة، وأن يكون لهم التفاعل الميداني، والمشاركة الواقعية، التي تقربهم من الجميع وإن اختلفت المستويات القيادية والثقافية ولا سيما في مثل هذه الأحداث.
كما ينبغي كذلك أن يكون ثمة تعاونًا أوثق بين العلماء والقوى الفكرية والثقافية بحيث تتم الإفادة مما لدى النخب من رؤى وتحليلات سياسية وفكرية غير مخالفة لقواعد الشرع مستهدية بهدى الكتاب والسنة الذي يقرره العلماء في خطابهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}(النساء: 59).
أخيرًا فإن واقع الأمة يحتاج إلى توحيد الجهود والمشاريع المشتركة بين علماء الأمة جميعًا من كافة الأقطار والأصقاع، ولا سيما من قبل المبصرين بضوابط وأصول أصول منهج السنة والجماعة الذي ارتضاه الله لعباده، وهذا يحتم على أهل العلم والفضل التقاء واتفاقًا على مشاريع مختلفة باختلاف المتفقين عليها وباختلاف أولويات واقعهم، فضلاً عن نبذ التناحر والتنافر الذي لا يخفى أثره، ولا يغيب ضرره.
هذا بعض ما يرجى ويؤمل من أهل العلم مراعاته، وتذليل سبله، وهو من جملة حق الأمة على علمائها، ولذلك لابد لولاة الأمور أن يمكنوا العلماء من دورهم الفعال في الأمة؛ لأنهم الوحيدون القادرون على تجييش الناس على الحق والخير وفق ضوابط الشرع والدين الحنيف دون غلو أو تطرف.
(التجمع السلفي): مشاركة الكويت أمر تقتضيه الضرورة
أكد التجمع الإسلامي السلفي أن مشاركة الكويت في (عاصفة الحزم) أمر اقتضته الضرورة، وأنه يدعم هذا التحرك الخليجي والعربي للدفاع عن أمن واستقراره وسيادته.
وقال التجمع في بيان صحافي إن مبدأ الأمن الجماعي المتكامل الذي أشارت إليه اتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يظهر جليا الآن، ودول المجلس تقف صفا واحدا في الدفاع عن أمنها وسيادتها صيانة للأمن والسلام في المنطقة وتعزيزا للاستقرار والطمأنينة لشعوبها في مواجهة الغطرسة الحوثية التي عاثت في الأرض اليمنية الفساد، وسعت لزعزعة وأمن المنطقة بأسرها واستقرارها.
وأضاف البيان: لقد حاولت دول مجلس التعاون الخليجية حل الأزمة اليمنية سلميا من خلال المبادرة الخليجية التي وقعت باتفاق جميع الفرقاء في اليمن الشقيق وبمباركة عربية ودولية إلا أن العصابات الحوثية بغت على هذا الاتفاق، وأهرقت الدم الحرام، واحتلت العاصمة صنعاء، واستولت على المقار والمؤسسات الحكومية والأسلحة الثقيلة للقوات اليمنية، واستعانت بقوى أجنبية في تحويل اليمن الى ثكنة عسكرية تأتيها الأسلحة والعتاد، وبدأت تحتل وتهدد المدن اليمنية الواحدة تلو الأخرى، حتى وصلت إلى العاصمة الجنوبية عدن؛ مما يعني تهديدا لأمن جميع دول الخليج العربية.
وزاد: لذلك فإننا في التجمع الإسلامي السلفي نرى أن مشاركة الكويت في الدفاع عبر عاصفة الحزم هو أمر اقتضته الضرورة القصوى؛ فإن واجب جميع الدول الأعضاء الوقوف صفا واحدا لصد أي اعتداء أو أي خطر مرتقب يتكون بخبث ليهدد أمن دول الخليج واستقرارها وأراضيها، كما نؤكد على ما جاء في بيان دول الخليج العربية الذي أشارت فيه إلى أن عدوان الميليشيات الحوثية المدعومة من قوى إقليمية هدفها بسط هيمنتها على اليمن؛ مما شكل تهديدا لا يقتصر على أمن اليمن واستقراره وسيادته فحسب بل صار تهديدا شاملا لأمن المنطقة والأمن والسلم الدوليين، ومخالفة بذلك لقرارات مجلس الأمن، كما نرى أن تصدر الحكومة الكويتية المراسيم والقرارات المناسبة لدعم هذه الخطوة الضرورية.
وختم البيان: التجمع الإسلامي السلفي إذ يدعم هذا التحرك الخليجي والعربي يشيد بمواقف الدول التي ساندت دول الخليج ومواقفها الحازمة وهي مصر والسودان والمغرب والأردن وباكستان وتركيا وغيرها من الدول العالمية.
الشيخ فتحي الموصلي: أعظم ما في هذه الحملة هي موافقتها لقواعد الدين وأدلة الشريعة موافقة تامة في الأصول والقواعد وفي الأدلة والمقاصد
في بيان له أصل فيه الشيخ فتحي الموصلي -مستشار الديوان الملكي بمملكة البحرين- لعاصفة الحزم تأصيلاً شرعيًا قائلاً: إن قتال الحوثيين داخل في القيام بواجب الجهاد قمعًا لأهل الظلم والفساد، كما أنه جاء تلبية لضرورات شرعية ومصالح كلية وهو داخل في دفع العدو الصائل، كما أنه داخل في باب سد ذرائع الفتنة والفسا د، ولأجل تفويت المقاصد السيئة لأهل الباطل، كما أنه يدخل أيضًا في باب إغاثة الملهوف ونصرة المظلوم، ولاسيما وقد طلب أولياء الأمور في اليمن النصرة الشرعية من إخوانهم في الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، كذلك فإن قتال الحوثيين داخل في باب استنقاذ الأبرياء المظلومين الذين صاروا بمثابة الأسارى بأيدي الحوثيين واستنقاذهم من أعظم مقاصد الجهاد في سبيل الله، كذلك فإن الحوثيين قد ثبت عداؤهم لأهل العدل والإيمان وهم قد احتلوا اليمن وسعوا في الاعتداء على المملكة العربية السعودية فقتالهم يقدم على قتال غيرهم من باب تقديم قتال العدو الأقرب على الأبعد، كذلك من الأمور المهمة في هذا الشأن قطع دابر المفتونين المفسدين على المسلمين دينهم ودنياهم من أعظم المقاصد، فإن لم يمكن من قطع دابرهم والقضاء على فتنتهم إلا بالقتل تعين ذلك، ثم بين الشيخ أن مصلحة الدين لا تقوم إلا بأصحاب القرار من الأمراء والعلماء، وقد اجتمعت كلمة الأمراء الشرعيين والعلماء الراسخين على جهاد هؤلاء الحوثيين وقتالهم، فيتعين على المسلمين أن يكونوا من ورائهم داعمين ومؤازرين لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: 59).
وأخيرًأ فإن الجهاد يقوم به ولاة الأمر ومن ورائهم الرعية فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني وإنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى الله وعدل فإن له بذلك أجرًا وإن قال بغيره فإن عليه منه»، وهذه الغزوة (عاصفة الحزم) هي قومة صادقة من القادة والحكام وأصحاب القرار السياسي والفقه الشرعي والديني، من الذين اتفقت كلمتهم في حوادث نادرة في تاريخنا المعاصر على مشروعية قتال الحوثيين دفاعا عن ثوابت الأديان ومصالح الأوطان فيتعين مؤازرتهم ومناصرتهم.
أئمة وخطباء الحرمين:
المبادرة لنصرة الأشقاء اليمنيين ستقطع يد البغي، وتطهر المنطقة من خلايا الفساد
الرياض- (واس): أشاد أئمة وخطباء الحرمين الشريفين، بالموقف الشجاع والحكيم والمبادرة السريعة الموفقة التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لنصرة الأشقاء اليمنيين الذين تعرضت بلادهم للدمار والتخريب من قبل المليشيات الحوثية المدعومة من جهات أجنبية، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعودية (واس). وأكدوا أن «هذه المبادرة سوف تحسم مادة الشر والفساد قبل أن تستفحل، وتقطع يد البغي والعدوان قبل أن تعبث وتخرب، وتطهر المنطقة من خلايا الفساد والإجرام قبل أن تهلك الحرث والنسل».
ونقلت الوكالة عن بيان أصدره نيابة عنهم إمام وخطيب المسجد الحرام الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ د.عبدالرحمن السديس «إن هذه المواقف الكبيرة والشجاعة لتستمد ضخامتها من مكانة المملكة العربية السعودية التي هي مأرز الإيمان وحصن الإسلام ودرع التوحيد وموئل القاصدين وملاذ المستضعفين».
وأكد أن هذه «المبادرة الإيمانية ليست بمستغربة على قيادتنا الحكيمة التي ما فتئت تسعى إلى نصرة قضايا المسلمين والاهتمام بشؤونهم وتقديم أنواع الدعم والمؤازرة لهم، كما أنها لم تأل جهدا ولم تدخر وسعا في تأمين سبل الراحة والاطمئنان في تأدية مناسكهم وعباداتهم عبر مشاريع خدمية متميزة راقية، وأن هذه المواقف الثابتة للمملكة داخليا وخارجيا لتدل على أنها رائدة العالم الإسلامي ومركز القيادة فيه، ولا عجب فهي البلاد المباركة التي تحتضن أقدس مسجدين وأطهر بقعتين في العالم».
وقال الأئمة بحسب البيان إنه: انطلاقا من «الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تحث على نصرة المظلومين وإغاثة الملهوفين وإعانة المستضعفين، فقد بادرت المملكة العربية السعودية وأشقاؤها من دول مجلس التعاون الخليجي ودول العالم الإسلامي والعربي في نصرة أهلنا وأشقائنا في اليمن ورفع الظلم الذي تعرضوا له من قبل العصابات الحوثية المدعومة من جهات خارجية تسعى لإثارة البلبلة وإشاعة الفوضى ونشر الدمار والخراب لتنفيذ مخططاتها الخبيثة الماكرة في بلاد العالم الإسلامي بعامة وبلاد الحرمين الشريفين بخاصة».
وأضاف الشيخ السديس: إن أئمة وخطباء الحرمين الشريفين إذ يشيدون بهذا الموقف الشجاع والحكيم ليرفعون من الشكر أوفره وأكمله وأجزله لله -تعالى- ثم لمقام خادم الحرمين الشريفين على اهتمامه -أيده الله- بقضايا الأمة الإسلامية والحرص على وحدة صفها واجتماع كلمتها، ويدعون الله بأن يحفظ على هذه البلاد أمنها وأمانها واستقرارها ورخاءها وازدهارها وسائر بلاد المسلمين، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو ولي ولي العهد لكل خير، وأن ينصر جنودنا وقواتنا ورجال أمننا بنصره المؤزر إنه قوي عزيز، وأن يرد عن بلادنا كيد الكائدين ومكر الماكرين وحقد الحاقدين وعدوان المعتدين بمنه وكرمه إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وأن يجمع كلمة المسلمين ويوحد صفوفهم وينصرهم على عدوهم.
بيان تأييد ومؤازرة لـ(عاصفة الحزم)
غير خاف على أحد أن الأمن أول احتياجات الشعوب، وهو مختل ومهلهل- ولا سيما في بلاد المسلمين- لأجل مؤامرة دنيئة من قبل دولة الرافضة ضدها، وتدخلاتها في شؤونها الداخلية بعددها وعتادها فيها، تحت مرأى ومسمع من دول العالم من غير حراك، وزادت أفاعيل الإسلام السياسي فيها الطين بلّة والقلب علّة.
نظرا إلى هذه الظروف الصعبة، وفي هذه الفترة الدقيقة من الزمن، كان قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- (والخير من معدنه لا يستغرب) لإرسال (عاصفة الحزم) لنجدة حكومة اليمن قرار الساعة، وذلك لاستئصال شافة الحوثية المخذولة التي تعبث فساداً في تلك الدولة المسلمة منذ مدّة بتشجيع من دولة الرافضة.
نحن (أهل الحديث في الهند وغيرهم من المسلمين) نؤيد هذا القرار الحازم الذي أثبت أن إمكانات المملكة العربية السعودية المحروسة مسخرة لخدمة الجيران من أهل الإسلام وغيرهم من المظلومين، مع احترام العلاقات الدولية، ولكن من غير انتظار من تزكية أحد أو مبالاة بانتقاد أحد.
ولا ريب أن في هذا القرارعزّا للإسلام والمسلمين في كل بقعة من هذه المعمورة، وهو يعبث أملا لاسترداد المجد المفقود، وحماية المقدّسات الإسلامية، -بإذن الله.
- فهنيئا لخادم الحرمين الشريفين على اتخاذه هذا القرار الحازم المناسب في الوقت المناسب.
- وهنيئا لرؤساء الدول المشاركة في التحالف على إدراكهم لخطورة المدّ المجوسي إلى بلاد الشام.
- وهنيئا لهم جميعاً على غيرتهم الإسلامية وشجاعتهم البالغة -لإحقاق الحق وإبطال الباطل، جعلها الله تعالى في ميزان حسناتهم يوم القيامة.
نحن - إذ نؤيد هذا القرار- نتضرع إلى الله جل وعلا أن يثبت وأولئك الجنود البواسل في أداء واجباتهم ويعزّ المملكة وغيره من بلاد المسلمين، وينصرها نصرا مؤزرا في هذه المهمة وغيرها من المهمات الإسلامية في المستقبل، وما ذلك على الله بعزيز وهو عليه قدير وبالإجابة جدير.
نيودلهي - الهند
8/6/1436ه 29/3/2015م
كتبه صلاح الدين مقبول أحمد
رئيس وأعضاء اللجنة المشرفة لـ(جمعية أهل الحديث بالهند)
لاتوجد تعليقات