رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 26 ديسمبر، 2010 0 تعليق

عاشـــوراء

أتاني صاحبي بصفحتين أخيرتين لجريدتين من أكثر الصحف انتشارا في الكويت، فرد الأولى:

- هل اطلعت عليهما؟!

- نعم.

     كانت صفحة كاملة من صفحات الجريدة بخلفية سوداء وكتابة بيضاء؛ لبيان أن عاشوراء يوم حزن وبكاء، والأخرى نصف صفحة بمقتطفات من كتب ابن تيمية وغيره لبيان أنه لا يجوز إظهار الفرح في عاشوراء.

كنت وصاحبي جالسين في المجلس أمام المسجد ننتظر صلاة العشاء.

- أما الصفحة الثانية التي فيها كلام ابن تيمية، فقد نشروا نصفه، أما النصف الآخر ففيه: «وقد علم أن المصيبة بالحسين تذكر مع تقاوم العهد؛ فكان من محاسن الإسلام أن بلغ هو هذه السنة عن النبي[ وهو أنه كلما ذكرت هذه المصيبة يسترجع لها، فيكون للإنسان من الأجر مثل الأجر يوم أصيب بها المسلمون، وأما من فعل - مع تقادم العهد بها - ما نهى عنه النبي عند حدثان العهد بالمصيبة فعقوبته أشد مثل لطم الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، فكيف إذا انضم إلى ذلك ظلم المؤمنين وسبهم؟!».. هذا الجزء لم ينشر.

      وأما الصفحة السوداء الأخرى ففيها بكاء النبي[ عندما أخبره جبريل بمقتل ابنه الحسين، والحديث ثابت، وهو حسن، وهو عن أم سلمة، وعن عائشة - رضي الله عنهما - وهو ثابت عن أنس، قال: «استأذن ملك القطر ربه أن يزور النبي[ فأذن له فكان في يوم أم سلمة، فبينما هي على الباب إذ دخل الحسين بن علي فجعل يتوثب على ظهر النبي[، وجعل النبي[ يتلثمه ويقبله، فقال له الملك: تحبه؟ قال: نعم. قال: أما إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه؟ قال: نعم، فقبض قبضة من المكان الذي يقتل فيه فأراه إياه فجاءه بتراب أحمر» وفي رواية أن الملك جبريل - عليه السلام - وسمي الأرض (كربلاء).. فبكى النبي[.

      ولا أعلم ما الشاهد في هذا الحديث؛ فإن النبي[ أجاز البكاء لفقد عزيز وجعل البكاء رمزاً للرحمة في القلب، وبكى النبي[ عندما حضر سعد بن عبادة في مرض موته، وبكى عندما قبض ابن لإحدى بناته، وبكى عندما توفي ابنه إبراهيم، وبكى عندما أخبره أسامة بن زيد بوفاة أبيه، وهو نبي الرحمة[، وقال: «إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب أو يرحم بهذا، وأشار إلى لسانه» البخاري.

أما استخدام هذا الحديث في بيان قدسية تربة كربلاء  فباطل، لمن لديه مسحة من علم، وإلا فتربة مكة أكثر قدسية، وتربة قبر النبي[ أولى منها!! ولكنه الكذب والافتراء على آل البيت كما أخبر جعفر الصادق - عليه السلام -: «ولكن أحدهم يسمع

الكلمة فيحط عليها عشرا» الكافي (8/922).

وأيضا: «إنا أهل بيت صديقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس» رجال الكشي (ص 108).

- استوقفني صاحبي.

- ولكن ماذا عن صيام عاشوراء؟ والترتيب الزمني لصيامه وصيام التاسع؟

- أما صيام عاشوراء فثابت في كتب القوم، ففي وسائل الشيعة للحر العاملي.. عن جعفر عن أبيه - عليهما السلام - قال: «صيام يوم عاشوراء كفارة سنة». (ج10/ص457)، وذلك أن النبي[ في بداية بعثته كان يحب مقاربة أهل الكتاب بالنسبة للمشركين والوثنيين، كما فرح المسلمون بنصر الروم على الفرس (سورة الروم)، واستمر التشريع في مشابهة أهل الكتاب، حتى إذا أتوا المدينة ورأوا اليهود يصومون، قال[: «نحن أولى بموسى منهم» وأمر بصيام عاشوراء في السنة الأولى، وفي السنة الثانية فرض صيام رمضان؛ فأصبح صيام عاشوراء سنة مستحبة، ثم جاء التشريع بعد فتح مكة بمخالفة اليهود والنصارى، فقال[: «لئن بقيت إلى قادم لأصومن التاسع والعاشر» (مسلم).

     فإجماع المسلمين أن صيام عاشوراء يكفر سنة، ولكن القوم لا يقرأون كتبهم ولا يعرفون أحاديثهم

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك