رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. عبد الرحمن المحمود 23 ديسمبر، 2017 0 تعليق

ظاهرة الهجوم على منهـج السـلف(2)

تكلمنا في العدد الماضي عن ظاهرة الهجوم على منهج السلف, وقلنا: إن هذه الظاهرة  قديمة قدم نشوء البدع والافتراق في هذه الأمة؛ حيث كانت كل طائفة ترى في مذهبها الحق، وتعادي من يخالفه، واستكمالاً لهذا الموضوع نتكلم اليوم عن ظهور أهل البدع وعلوّ صوتهم وتحديهم للأمة، ومن هذه الفرق الصوفية، والأشاعرة، والمعتزلة، وأصحاب الفكر الحداثي.

 

الصوفية

     الصوفية الذين بدؤوا يظهرون المخفيّ عندهم، وصاروا يعملون بما أوتوا من وسائل لاستباق كل عائق حتى ينشروا تصوفهم وخرافاتهم بل وشركياتهم الصريحة، ويمكن أن نذكر هنا ما يلي من نشاطهم:

- الدعوة إلى التصوف صارت علناً لا يتدسس بها أصحابها.

- نشر مقالاتهم وحججهم وشبههم على صفحات بعض الصحف .

- إقامة الموالد والمناسبات الصوفية علناً في البيوت والاستراحات.

- السعي إلى إحياء الآثار في مكة والمدينة والدعوة إلى تعظيمها والتبرك بها.

- العداء السافر من كثير منهم لأهل السنة أصحاب العقيدة السلفية ورميها بما سبق أن رُميت به من التهم.

الأشاعرة

     أما الأشاعرة فقد أخذوا يدعون إلى مذهبهم داخل شباب أهل السنة، ويحمل لواء ذلك أشاعرة كانوا يخفون مذهبهم ثم أظهروه، وأناس تمشعروا بعد أن كانوا سلفيين، والملاحظ أن هذا الصنف من أهل البدع عادوا إلى ما عُرف عن شيوخهم من التصاقهم بالصوفية، ودعوتهم إلى الأصول الكلامية، والعداء لأهل السلف ولكتبهم قديماً وحديثاً، مع المهادنة لبقية أهل البدع، كما أن حرصهم على نشر كتب الأشاعرة نشط كثيراً.

المعتزلة الجدد

مدرسة الاعتزال والتجهم تعود هنا وهناك، وتُنشر كتبها وآراؤها التي يتبناها -مع الأسف- جمهرة من العقلانيين والعلمانيين وغيرهم.

 أصحاب الفكر المنحرف

ظهور أصحاب الفكر المنحرف من الحداثيين والعلمانيين على مختلف مدارسهم المعروفة من ماركسية وقومية وبعثية وحداثية وليبرالية وغيرها، وقد عملوا على :

      إظهار رموزهم – دون خجل – على أنهم رواد الفكر والثقافة والتوجيه في المجتمع، كما عملوا على استقطاب عدد كبير من المتأثرين بهم من الشباب والصحفيين وتجييشهم بأساليب مختلفة حتى يسايروا الخط الذي يسيرون عليه، ومما يؤسف عليه أن يقع هؤلاء فريسة لهذه الأفكار المنحرفة عن وعي وعن غير وعي، وهذا تشخيص لما يجري، وإلا فهم يتحملون مسؤولية ما يكتبون.

      وهؤلاء كغيرهم من الفرق المبتدعة يحتاجون إلى من يتتبع أفكارهم ونشاطهم، وهناك جهود في هذا ولكنها قليلة إذا ما قورنت بعظم خطرهم على الأمة وعلى العقيدة والشريعة .

مظاهر نشر فكرهم

ونحن هنا نشير إلى أبرز مظاهر نشر فكرهم وحربهم للدين عقيدة وشريعة وخلقاً كما يلي:

تنظيمات سرية

      أغلب هؤلاء العلمانيين كانوا أصحاب تنظيمات سرية كانت معروفة في السابق في البلاد العربية ومنها ما كانوا يسمونه فرع الخليج العربي: (البحرين – عمان – الكويت – السعودية)، وأبرز هذه التنظيمات (الشيوعيون، والبعثيون، وحركة القوميين العرب، والناصريون، والقوميون القدامى، والوحدويون)، والحداثيون هم خليط من هؤلاء، وإن كانوا في الغالب ينتمون إلى التيارين: الشيوعي والليبرالي الغربي، وأغلب هؤلاء غلب عليهم الفكر الثوري واليساري، وهناك التيار الغربي العلماني الليبرالي ويقود هذا مجموعة من الدارسين في الغرب الذين تشربوا فكره وأصبحوا من أدواته، والملاحظ أن هؤلاء يعيدون ترتيب صفوفهم وشيئاً من تنظيماتهم السابقة، ويتحالف بعضهم مع بعض، وينتقل الواحد منهم في لحظة من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ما دامت المصلحة الشخصية تقتضي ذلك.

المجاهرة بأفكارهم

بدؤوا يجاهرون بأفكارهم ويفاخرون بتاريخهم السابق من شيوعي وبعثي وغيره.
      «ونحن نخشى أن يأتي اليوم الذي يقف فيه الواحد من هؤلاء أمام وسيلة إعلامية رسمية ليشرح مفتخرا بقصة انتسابه للفكر الشيوعي ودخوله في تنظيمه، وقصة انتسابه لتنظيم البعث أو الناصرية وغيرها كما فعل بعثيو العراق وسوريا وشيوعيو عدن وغيرهم حين صارت لهم سلطة ودولة».

مراكز نفوذهم

     حولوا مراكز نفوذهم إلى منابر لنشر أفكارهم المنحرفة ومحاربة من يخالفهم، وهذا واضح جداً في بعض الصحف وغيرها التي شنوا من خلالها حرباً لا هوادة فيها على العقيدة ومنهج السلف وشريعة الإسلام.

الاستيلاء على الأندية الأدبية

استولوا من جديد – بطريقة ثورية انقلابية – على أغلب إن لم نقل كافة الأندية الأدبية في المملكة عن طريق نفوذهم في وزارة الإعلام وما فوقها.

حملة على الشريعة

     شنوا حملة شعواء على الشريعة، وإقامة الحدود، وعلى القضاء والقضاة والإفتاء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكم سخروا من كثير من القضايا – آخرها موضوع هلال رمضان.

تعطيل الأحكام الشرعية

      عملوا على تعطيل الأحكام الشرعية التي أصدرت على أصحابهم من الزنادقة وأشباههم؛ لأنهم يريدون إضعاف قاعدة الحسبة على هؤلاء وهو الإحالة للقضاء، ولأنهم يضعون خط دفاع عنهم؛ لأنه لو نفذت الأحكام فالدور عليهم.

الاستيلاء على المهرجانات الثقافية

     استولوا على المهرجانات الثقافية: كالجنادرية، ومعرض الكتاب والمناسبات الثقافية، وحاولوا من خلال معارض الكتاب الدولية، ومن خلال المراقبين في الإعلام إدخال كتب الفساد والانحلال والفكر المنحرف على مختلف مدارسه، إلى هذه البلاد ونشرها وبيعها، وفي مقابل ذلك حاربوا الكتاب الإسلامي ومنعوا الكثير منها من الفسح والدخول إلى المملكة.

مواقعهم على الشبكة العنكبوتية

وفي الشبكات العنكبوتية لهم مواقعهم الصريحة في العلمنة والإلحاد وحرب الدين والاستهزاء الصراح به.
وصاروا ينشرون فيها ما لا يستطيعون نشره في صحفهم ووسائل إعلامهم المعروفة.

أما أخطر مجالات عملهم التغريبي والإفسادي للعقيدة وللأمة فهو المثلث العلماني الخطير، وهو:

أ – التعليم، ومحاولة إفراغه من محتواه الإسلامي إلى تعليم علماني، وما الهجوم على المناهج الشرعية ونقد عملية الحفظ، والدعوة إلى الاختلاط وابتعاث الشباب إلى بلاد الغرب، وطلب إلغاء سياسة التعليم، والدعوة إلى إلغاء التخصصات الشرعية من الجامعات والدعوة إلى حذف مقررات الإسلام واللغة العربية من التخصصات العلمية  إلا جزء من هذه الحرب.

ب – الإعلام، وقد قفز هؤلاء بوسائل الإعلام قفزات إفسادية سريعة تشتمل على نشر الأغاني والتبرج والاختلاط في البرامج وعلى نشر الفكر المنحرف، والهجوم بأساليب متفاوتة على الدين، وهذا في الإعلام الرسمي، أما الصحف والإعلام الخارجي فحدث ولا حرج عن عبث هؤلاء بدين الأمة وعقيدتها وشريعتها وأخلاقها.
ج – المرأة، وقد رموا بثقلهم حتى تتحول إلى قضية يومية في وسائل الإعلام كافة، وأصبح إفساد المرأة وتبرجها واختلاطها بالرجال وتمردها على دينها وعلى ولي أمرها مطالب تتكرر عند هؤلاء كل ساعة وفي أية مناسبة.

الدعوة إلى الوطنية

     الدعوة إلى الوطنية والحوار الوطني بعد إفراغها من العقيدة، وقد تحول ذلك -ومع الأسف - إلى تمكين لأصحاب البدع وربان العلمنة أن يعلنوا عن آرائهم ومذاهبهم الفاسدة بجرأة. وأخطر ما يفعله العلمانيون وأصحاب هذه التيارات محاولات شق الصف الإسلامي من خلال:

(1) الاستهزاء بالمشايخ والقضاة وهيئة كبار العلماء والإفتاء ورميهم بالجمود والتحجر والسخرية منهم.

(2) إعلاء شأن كل من ينتسب إلى العلم إذا كان صاحب شواذ في أقواله وفتاويه، ونقل كلامه الذي يناسبهم ومدحه والثناء عليه، وإذا كان هذا يقال في الصحف علناً فماذا هم قائلون للشيخ إذا انفردوا به؟

(3) تبني المدارس الإسلامية المنحرفة؛ فهم يعظمون الشعوبيين، ويلينون للصوفية، ويعلون من شأن المدارس العقلانية العصرانية، ويرفعون شأن كل من ينتسب إليها.

(4) الهجوم على المشايخ والدعاة الصادقين والحط من شأنهم في كل مناسبة، والتمكين من الردود عليهم.
وهذا واضح في الردود على المشايخ صالح الفوزان، وصالح اللحيدان، وسماحة المفتي، وبعض الدعاة.

مظاهر هذه الحرب على العقيدة

     تشجيع الناكصين على أعقابهم حتى صاروا كتّاباً في صحف متعددة، وضيوف منتديات إذاعية وتلفزيونية، يستضاف هؤلاء على أنهم من كبار الكتاب والمفكرين وقد ركز هؤلاء الناكصون على أعقابهم على أمور:

(1)  إظهار تجاربهم الشخصية السابقة بمظهر ساقط وسافل عندما كانوا مستقيمين.

(2) الكذب على أهل الخير واختلاق الحكايات التي لم تقع وكل ذلك من باب التشويه لأهل الدين.

(3)  إبراز نكوصهم على أنه مراجعات فكرية عقلانية وتصوير ذلك على أنه عودة إلى المنهج الصحيح مع أنه منهج منحرف ساقط.

(4)  شن الهجوم على العقيدة وحملتها في كل مناسبة وصارت مقالاتهم متخصصة في هذه الجوانب ولا تكاد تقرأ مقالة لواحد من هؤلاء أو تسمع له مقابلة أو مشاركة في ندوة إلا ولبّها وموضوعها الرئيس الهجوم على الثوابت والاستهزاء بالدين وبأهله والرفع من شأن كل صاحب بدعة وضلالة وفكر منحرف.

(5) التعاون والتفاعل من العلمانيين في هذه المجالات؛ فكل منهم يمدح الآخر، ويرفع من شأنه تشابهت قلوبهم.

من المظاهر المؤلمة

     ومن المظاهر المؤلمة – في المدة الأخيرة – وجود بعض من ينتسب إلى العلم أو من الشباب الذين نشؤوا على العقيدة الصحيحة – الذين مالوا أو تبنوا بعض مناهج أهل البدع، مثل من مال إلى الصوفية، وصار من دعاة هذا المذهب وهو يشعر أو لا يشعر، ومثل من مال إلى المدرسة العصرانية، وصار يقدم أفكارًا توافق أصولهم، ومثل من مال إلى مذهب الأشاعرة، وصار يدعو إلى مذهبهم، ويغض من مذهب أهل السنة.

ويؤسفنا أن أهل البدع فرحوا بهذه الفئة وطاروا بها وبأقوالها في كل ناد، وصاروا يحتجون بهؤلاء على صحة مذاهبهم وبطلان مذهب أهل السنة وعقيدتهم.

     ويا ليت هؤلاء – إن كانوا يفقهون ويريدون حقاً أن يدافعوا عن دينهم وعقيدتهم – يدركون مقدار جنايتهم على أمتهم وعلى عقيدة السلف والصف الإسلامي الذي فتحوا فيه ثغرات وثغرات، والله المستعان.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك