طلاب القدس.. وعام احتلال جديد
جاء في تقرير حقوقي أن نحو 30 ألف تلميذ من سكان شرقي القدس، لا يجدون أي إطار تعليمي رسمي في المدارس الرسمية الحكومية – التابعة لبلدية القدس الصهيونية - فيضطرون إلى الذهاب للدراسة في مدارس أهلية خاصة, مما يعني بقاء آلاف منهم خارج إطار التعليم الحكومي.
والذين يجدون أنفسهم في الشارع, وصل عددهم هذا العام إلى أكثر من 5500 تلميذ, لا يوجد لهم أي إطار تعليم يستوعبهم. وأوضح التقرير أن المدارس الفلسطينية التابعة لبلدية الاحتلال في القدس تعاني أوضاعا صعبة وظروفا مزرية, إذ إن أكثر من 50٪ من هذه المدارس غير صالح للاستعمال, هذا بالإضافة إلى أن آلاف الطلاب المقدسيين لا يتمتعون بحق التعليم وينعدم لديهم أي إطار تعليمي.
وفي قراءة سريعة للتقرير يلاحظ من خلاله أن هناك نقصا ما يصل إلى 1000 غرفة دراسية, في المدارس الحكومية التابعة للبلدية, وتبجح بلدية الاحتلال. إن جهاز التعليم العربي فيها لا يمكنه استيعاب جميع التلاميذ الذين يسجلون للدراسة, وترفض سنويا قبول عدد كبير منهم وتبرر ذلك بعدم وجود وتوافر أماكن لجميع التلاميذ المسجلين, ولكن الأدهى من ذلك أن من يتاح له فرصة الدراسة في المدارس الحكومية, يضطرون للدراسة في غرفة دراسية مستأجرة وغير مهيأة لاستخدامها بوصفه شعباً دراسية, وعادة ما تكون مكتظة وبدون تهوئة وساحات للعب، إلى جانب كون مساحتها صغيرة للغاية؛ حيث إن 665 صفا دراسيا في المدارس البلدية لا تفي بالمعايير المطلوبة مقابل 704 صفوف!
وتعد القدس من أكثر المناطق والمدن في فلسطين التي تم تفريغها من المؤسسات الفلسطينية عبر الكثير من القرارات والإجراءات التي اتخذتها مؤسسات الاحتلال بذرائع وحجج هدفها: «طمس العمل المؤسسي والمدني والاجتماعي الفلسطيني في القدس»!
والمؤسسات التي لم يصبها داء الإغلاق, ساهم الجدار العازل في إخراجها من القدس قسراً! ونقلت مقراتها من القدس وضواحيها لتستطيع تحقيق ولو جزء اليسير من أهدافها التي أنشئت من أجلها, بعد أن مُنع أعضاؤها من الوصول للقدس ممن لا يحمل هوية مقدسية.
وفي نفس الوقت ساهم الممولون الغربيون لعدد من المؤسسات والمراكز الأهلية المقامة بالقدس, في تقديم الإغراءات لنقل المقرات والعمل في مدن الضفة وبالذات في رام الله, بحجة أن الجمهور المستفيد موجود فيها, وصعوبة وصول الأعضاء إليها!! وتزامن كل ما سبق مع رفض الاحتلال إعطاء أية تراخيص جديدة لإقامة مؤسسات فلسطينية في القدس.
ولا شك أن إضعاف التعليم وتردي حالته في القدس يدخل ضمن الحرب الثقافية التي شنها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني, فمنذ عام 1967م حين سقطت القدس بأيدي الصهاينة وسيطر الاحتلال على كل مناحي الحياة؛ أصبح تعليم الفلسطينيين المقيمين في مدينة القدس خاضعاً للقوانين والسيطرة الصهيونية, وأصبح التعليم في مدينة القدس من مسؤولية اليهود دون أن يشاركهم أحد في ذلك.
وعمدت سلطات الاحتلال الصهيوني إلى إحكام قبضتها على جهاز التربية والتعليم, عن طريق السيطرة على العملية التعليمية وإفراغها من محتواها التعليمي، من أجل إعطاء مخرجات تتماشى مع أهداف وبرامج الاحتلال وأهدافه المستقبلية؛ حيث قام الاحتلال الصهيوني بإخضاع جمع الكتب والمصادر التي يستقي منها الطلاب العلم والتربية للرقابة الشديدة, فحذفت منها ما شاءت, وسحبت من المكتبات المدرسية ما أرادت.
وسلطات الاحتلال لم تقم بتقديم أي عمل تطويري في مجال التربية والتعليم، ولم تقف سياسة الاحتلال عند هذا الحد، بل أبعد من ذلك؛ حيث منعت تداول الأطالس التي تذكر مجرد اسم فلسطين, بل أسقطت اسم فلسطين من مجموعة دول بلاد الشام واستبدلت اسم فلسطين باسم «إسرائيل», وشطبت اسم فلسطين من جميع الخرائط الجغرافية المستخدمة في الكتب المدرسية, وشطبت أي ذكر لقرارات الأمم المتحدة التي تتعلق بفلسطين والقضية الفلسطينية.
وسلطات الاحتلال الصهيوني مارست سياسة التجهيل تجاه أبناء الشعب الفلسطيني, واتبعت تسخير المناهج التعليمية لخدمة المصالح الاستعمارية عن طريق الحذف والتعديل والإضافة, وعملت على فرض المناهج اليهودية ولاسيما في مدينة القدس, والتضييق على المدرسين أدى إلى هجرة العديد منهم للخارج بحثاً عن مصدر رزقٍ أفضل.
وساهم التضييق الاقتصادي المفروض على أهالي القدس في إرغام الكثير من المدرسين العرب في القدس على العمل خارج أوقات دوامهم، في أعمال البناء وغيرها؛ لتأمين قوت عيالهم نتيجة لسياسة السلطات الاحتلالية القائمة على التجويع!
لاتوجد تعليقات