رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين 16 سبتمبر، 2021 0 تعليق

طلائع الأنوار في تراجم علماء السلف الأبرار – العلامة الشيخ إبراهيم ابن حمد بن الجاسر – رحمه الله (1241هـ – 1338هـ / 1825 – 1920م)

 

إن قراءة تراجم العلماء والتعرف على سير حياتهم وجهادهم وما بذلوه، له الأثر الأكبر في الأمة لما لِسِيَرِهم من الفوائد العظيمة التي تجعل طالب العلم سائرًا على ما كان عليه العلماء من تعلم العلم والعمل به، والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه، كما أن فيها شحذا للهمم وإيقاظها، وفيها العبر والفوائد والمواعظ لمن كان مُتأسيا، وقد كرَّم الله - سبحانه وتعالى- آدم -عليه السلام- وفضّله بالعلم وذلك في قوله -تعالى-: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة: 31)، واليوم نحن مع علم من أعلام العلماء وهو إبراهيم بن حمد بن الجاسر - رحمه الله.

مولده ونشأته

- اسمه: هو الشيخ العلامة الفقيه الزاهد إبراهيم بن حمد بن محمد بن جاسر، ولد - رحمه الله - في مدينة بريدة بالقصيم عام 1241هـ، ونشأ في بريدة، وظهرت عليه علامات الذكاء والفطنة وهو صغير، فقد قرأ القرآن وجوّده، ثم حفظه عن ظهر قلب، وشرع في طلب العلم بهمَّة ونشاط ومثابرة.

شيوخه وطلبه للعلم

     الشيخ محمد بن عمر بن سليم والشيخ محمد بن عبد الله بن سليم والشيخ إبراهيم بن محمد بن عجلان والشيخ سليمان بن محمد بن سيف، وهو الذي قرأ عليه القرآن، وغيرهم، ثم سمت به همَّته فرحل في طلب العلم إلى الشام، فقرأ على علمائها في الصالحية، وفي الجامع الأموي، ولازم علماء الحنابلة.

     ثم انتقل إلى فلسطين وزار نابلس وغزة، فقرأ على علمائها من الحنابلة، وتزامل مع عدد من علمائها مثل: جمال الدين القاسمي، وعبدالرزاق البيطار وغيرهما، ثم سافر إلى مصر والتقى عددًا من علمائها وأدبائها، وقرأ على عدد من العلماء هناك منهم: محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله آل الشيخ ومحمد الجزائري وشيخ الأزهر مصطفى عبدالباقي الأزهري وأحمد بن محمد الصعيدي.

     ثم سافر إلى العراق وتعرَّف على عدد من علمائها واستفاد من علمهم، ومنهم: عبدالجبار البصري وصالح المبيض، وفي بغداد تعرَّف على أسرة الآلوسي المشهورة، ومنهم: العلامة محمود الآلوسي، والشيخ علي بن نعمان الآلوسي، والشيخ عبدالرزاق الأعظمي وغيرهم.

ثم رحل إلى الحجاز، وقرأ على الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى، والشيخ محمد بن عبدالرحمن الأنصاري، والشيخ محمد بن سليمان المالكي، ثم عاد من رحلته العلمية وهو يحمل مشعل العلم والمعرفة، وأصبح مرجعًا للعلوم الشرعية في عصره.

أعماله

     عند عودته من رحلته العلمية، جلس للتدريس في مدينة بريدة، وتولَّى القضاء في مدينة عنيزة سنة 1318هـ - 1324هـ، ثم انتقل إلى القضاء في مدينة بريدة من سنة 1324 - 1326هـ، وكان إلى جانب ذلك إمامًا وخطيبًا للجامع الكبير في مدينة بريدة، عُرِضَ عليه تولي قضاء مدينة حائل من قبل آل رشيد لكنه اعتذر.

     وعَرَضَ عليه أمير الخميسية بالقرب من بغداد أن يتولَّى القضاء فاعتذر.. (عندما سافر إلى الزبير سنة 1327هـ) جلس في الجامع الكبير في مدينة بغداد، وتكوَّنت حوله حلقات دروس عظيمة، قصدها عدد من التلاميذ من أنحاء العالم الإسلامي، وتخرَّج على يديه جماعة من العلماء والأدباء والفقهاء.

وفي سنة 1328هـ، حج بيت الله، والتقى عددا من تلاميذه بمكة المكرمة، وطلبوا إليه العودة إلى موطنه القصيم فاستجاب لذلك، وعاد في أول سنة 1329هـ والتف حوله عدد من طلاب العلم.

صفاته

     كان - رحمه الله- طويل القامة، ضخم الجثة، قمحي اللون، بشوش الوجه، على جانب كبير من الأخلاق العالية، والصفات الحميدة، آية في التواضع وهضم حقوق النفس، عازف عن الدنيا زاهد فيها، ورع وسخي، جواد، عطوف على الفقراء والمساكين، وكان يحفظ الصحيحين، عن ظهر قلب، كان آية في علم التفسير والحديث، وكان لا يخاف في الله لومة لائم.

قالوا عنه

قال عنه الشيخ الهندي: «لم أرَ مثله في الاطلاع على الحديث إلا شيخ نذير حسين»، وقال عنه الشيخ محمد ابن مانع: «إنه أعجوبة في سعة الاطلاع في التفسير والحديث»، ولا عجب فهو بحر لا يُجارى، وعالم لا يُـمارى.

اقتداؤه بابن تيمية -رحمهما الله

     كان الشيخ إبراهيم بن جاسر في أغلب دروسه يقتدي بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وكان له مواقف واضحة في إنكار المنكر في بغداد عندما رفض إمامة مسجد فيه قبر، وكذلك عندما حاول الذهاب إلى الشريف الحسين بن علي من أجل إخباره عن البدع والشركيات الموجودة في مكة، كونه من أهل الحديث الذين هم من أبعد الناس عن الشركيات.

تلاميذه

تخرَّج على يديه مجموعة من العلماء منهم: الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي (صاحب المؤلفات المشهورة)، والشيخ عثمان بن صالح القاضي، والشيخ محمد بن مانع، والشيخ محمد بن عثمان الجمل، وغيرهم الكثير.

وفاته

     مرض الشيخ وسافر إلى الكويت للعلاج، غير أنه توفي في شهر ذي الحجة سنة 1338هـ في مدينة الكويت ودفن فيها، وقد رئيت له رُؤًى حسنة منها: يقول مسلم بن إبراهيم: حضرت مع قافلة للعقيلات قادمة من الشام والعراق عن طريق الكويت، وقد أقمنا ليلة ما بين حفر الباطن والصمان، أذكر أنه كان يوم الخميس، ليلة جمعة، رأيت فيما يرى النائم أن عددًا كبيرًا من الناس حولي يشاهدون منظرًا بعيدًا، جنازة محمولة وحولها أجناس تختلف عن البشر، سألت من حولي: من هؤلاء؟ قالوا هذه الملائكة تحمل جنازة الشيخ إبراهيم بن جاسر لدفنها بالبقيع.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك