رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إيمان الوكيل 3 أغسطس، 2015 0 تعليق

طفلك..وأوقات فراغه

الوقت من النعم العظيمة التي تستحق التقدير وحسن الاستثمار؛ فاستغلاله يكون إحدى العلامات الفارقة بين الأمم السبّاقة والأمم المتأخرة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعد الوقت من النعم التي يغفل أكثر الناس عن الانتفاع بها «نعمـتان مغبون فيهما كثيـر من النـاس: الصحة والفراغ» (رواه البخاري)

طرائق لملء فراغ طفلك

- حفظ القرآن الكريم: فالقرآن مدرسة لتعلم الفضائل السلوكية وتجنب القبيح، وكذلك تعلم الدراسة والتخطيط والاهتمام بالنظر والتأمل والتفكر؛ وطفلك يمتلك طاقة فذة وقدرة هائلة على الحفظ، فنرى أبناءنا يرددون كلمات الأغاني الصاخبة كببغاوات فلم لا نحسن توظيف هذه الطاقة ونضع بدلاً من التفاهات آيات الله ومحكم قرآنه ولاسيما في أوقات الفراغ؟ فالطفل كالصفحة البيضاء نستطيع أن نملأها بما يترتب عليه من أمور إيجابية، فالقرآن الكريم وآثاره الإيجابية؛ تظهر أكثر  على الطفل؛ لأن الطفل يسهل توجيهه وتعليمه كما قالوا قديما «التعليم في الصغر كالنقش على الحجر» فيجب على الآباء والأمهات توجيه أبنائهم واستثمار الإجازة وحجز جزء من أوقات فراغهم لحفظ القرآن بدلاً من قضاء معظم أغلب الوقت أمام التلفاز أو تبديد الوقت في أي شيء والأهم شرح آيات الله وتوضيح جمالها وروحانيتها وبيان أثرها البالغ على النفس لطفلك والإيحاء إليه بارتباط راحته وجمال خلقه وحسن تصرفه بالمداومة على بدء يومه بآيات خالقه، ليستوعب أن القرآن جزءا من عمله اليومي وليس كمادة تدرس وتنتهي بانتهاء الفترة الدراسية.

- السيرة النبوية: اجعليها كحكايات ليلية يستمتع بها طفلك قبل النوم مستعينة بالقصص المصورة وتمثيل الأدوار التي تحتوي على أحداث من قبل الأم والأب والأبناء مجتمعين، أو ممكن عمل مسابقة ثقافية أثناء رحلة كلها معلومات عن طفولته صلى الله عليه وسلم وشبابه وأزواجه ومعجزاته وأصحابه وأخلاقه صلى الله عليه وسلم ورقة معاملته مع الأطفال، وعمل زاوية خاصة بالسيرة في البيت تحتوي على كتب، CD، كاسيت، وقصص، فيتعلم الطفل الرحمة بالصغار وبالضعاف ولا يؤذي الحيوان.

- العقيدة: يولد الطفل وهو لا يعلم شيئاً ولا يعقل إيماناً ولا كفراً إلا أنه بالحواس الخمسة التي يشرف منها على الأشياء يبدأ رحلة الاستكشاف والإدراك لفهم هذا العالم فيتسم بالفضول والتأمل، وأثناء ذلك يحيطك بأسئلته وينتظر منكِ جوابا صادقا مبسطا ودقيقا علمياً يشبعه وإلا توجه إلى أقرانه ليسألهم؛ لذا اجعليها فرصة جيدة لاستغلال جزء من وقت فراغه لربطه بخالقه سبحانه وتعالى، والجواب الصحيح عن سؤال الطفل عن ذات الله وصفاته هو ما يؤسس عقيدة التوحيد والإيمان بالله -عز وجل- في عقل الطفل وقلبه.

- صلة الرحم: وهي من الفضائل الاجتماعية التي تميز بها الإسلام عن غيره، فيمكننا عمل برنامج صلة الرحم لزيارة الأقارب والأهل والأصدقاء ولاسيما الذين لم تسمح لهم أوقات العمل والدراسة صلتهم بطريقة كافية؛ فإن صلة الرحم سبب للبركة والرزق، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه» (رواه البخاري) بتعيين يوم محدد من كل أسبوع.

- ممارسة الألعاب: طفلك لديه الكثير من الوقت يحتاج لملئه بأشياء كثيرة وأهمها اللعب؛ فاعملي على أن يقتني مجموعة من الألعاب الذكية البسيطة المُنتقاة التي لها دور تعليمي، فهي تنمي القدرات الإبداعية لأطفالنا فمثلاً ألعاب تنمية الخيال، وتركيز الانتباه، والاستنباط والاستدلال، والحذر، والمباغتة، وغيرها من اللعب التي تشد انتباهه وتساعده على تنمية ذكائه، ويجب على الأهل إشراكه  إشراكا أساسيا لمعرفة ميوله؛ فالطفل لا يملك الإدراك الكافي لمجالات الحيـاة، ودور الأهـل هو إفسـاح المجال - قدر الإمكان - أمام الطفل ليعبر عن ميوله، كما يمكن للأم تزويد طفلها «فوق 6 سنوات» بورق مقوى كبير وريشة وألوان ماء كل لون موضوع في وعاء بلاستيك صغير وتتركه ليلعب، وباللعب يمكنك تعليمه بعض القواعد التربوية البسيطة كاحترام الكلمة والمواعيد والحرص على النظافة الشخصية ونظافة المكان.

- الاهتمام بالرياضة: يتوق الطفل إلى لحظات حرة يمارس فيها رياضة يتقنها وهو يشعر بثقته بنفسه لكن دائماً المنزل مراقب عليه أن يتبع روتيناً معينا، ويحترم التعليمات، واللعب في الهواء الطلق أو المنتزه ملائم أكثر لطاقة الطفل، والرياضة هي من الأمور التي دعانا إليها ديننا الحنيف، فقد قال تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ } (القصص:26)، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل» والاهتمام بالتربية البدنية السليمة مطلوب، وكذلك النشاط الرياضي مطلوب من أجل صحة أطفالنا، وصحة عقولهم وتفكيرهم وذكائهم؛ ولذلك فإن الاشتراك في الأنشطة الرياضية بمختلف أنواعها، يساعد حتماً في تنمية حب ممارسة الرياضة في نفوس الأبناء؛ أن يقتني فالرياضة لها دورٌ كبيرٌ في زرع الثقة بالنفس وقوة الشخصية وتكوين عَلاقات اجتماعية جيدة، وشغل أوقات الفراغ بما يفيد.

- الذهاب إلى المكتبات وقراءة القصص: اصطحبي طفلك إلى المكتبات، واجعليه يختار بعض القصص الملونة الجميلة، وساعديه على القراءة ووصف ما في الصور، واتركيه يتعرف على الحاسب الآلي ويتعامل معه بدون قلق ليستكشف بعض البرامج والألعاب المناسبة لسنه، واحرصي على إنشاء المكتبات المنزلية وتعويد الأبناء على اختيار الكتب النافعة وقراءتها والمناقشة معهم للوقوف على فوائدها والاستفادة منها وتطبيق المستفاد منها تطبيقا عمليا.

- اقتناء أسماك الزينة والقطط: فهي تعلم دروسا قيمة في الحياة كالمسؤولية والحب والفقدان؛ لأنها تمنح طفلك الرفقة واللحظات السعيدة وتربيتها والاهتمام بها يستهلك جزءا من وقته راجع عليه بأثر إيجابي كما أثبتت دراسات حديثة أن لاقتناء الحيوانات الأليفة تأثيراً إيجابياً على الصحة.

- التلفزيون: الطفل خلال مشاهدة التلفاز يكون مسلوب الإرادة , ولا ينشغل بأفكاره الخاصة مثلما يفعل حينما يبتكر ألعابه الخاصة؛ لأن البرنامج التلفزيوني هو الذي يفكر لعقله، ومشاهدة التلفاز هي أسهل وأقرب طريقة تلتجئ إليها الأم المشغولة والطفل الذي ليس له ما يعمله؛ فالطفل يتجنب التركيز الذهني والتعب الجسدي ومعاناة التواصل مع الآخرين وبهذا يكون أغلى وأثمن استثمار (وقت الفراغ) قد ألغي بالكامل تقريبا من حياة الطفل، فانتبهي أختي الحبيبة للأوقات التي تضيع أمام هذا الجهاز فلا بد من الانضباط ماذا يشاهد الطفل ؟ وكم من الوقت ؟ فاتفقوا على أوقات معينة لمشاهدة التلفاز وبرامج محددة ولا تضعي الجهاز في غرفة الأطفال أو غرفة الطعام ضعيه في مكان غير مريح للجلوس.

     وأخيراً لا ننسى أبداً ترغيب الأبناء تحفيزهم معنويا أو ماديا أيهما ترينه مناسباً أو الاثنين معاً قبل البدء في أي عمل حتى يأتى بالنتيجة المرجوة وبالفعل مكافأته على أي عمل طيب، واللجـوء للتلويح بحرمانه من بعض الأمور التي يحبـها في حـال أي تصرف غير سوي، والدعاء لهم دوماً، وأن يكون الوالدان قدوة لأبنائهم، وأن يحاولوا أن يشاركوهم في ألعابهم وهواياتهم قدر الإمكان حتى يكونوا قريبين، ومتفاهمين ومشجعين لهم، قال أحد الحكماء عن أوقات الفراغ: «الطريقة الوحيدة لتجنب التعاسة ألا يكون لديك وقت فراغ تسأل فيه نفسك فيما إذا كنت سعيداً أم لا؟».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك