رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سحر شعير 9 أغسطس، 2018 0 تعليق

طريق الفتاة المسلمة إلى التميز!

إنّ الله -تعالى- علّمنا ألا نقنع بالدون من الأمور، وألا نرضى إلا بالتميز والريادة بين الناس، وأنّ القمة فيها متسعٌ للجميع، قال -تعالى-: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران:133)، وقد يختزل بعض الناس معنى (التميز) في النجاح الدراسي والمهني فقط، لكن الحقيقة أن هناك سمات في الشخصية تنقلك من مجرد النجاح العادي إلى التميز في مجالات الحياة كلها، هذه السمات دعا إليها الإسلام، وربّانا عليها القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة؛ فإليك أهم هذه السمات:

بذل الجهد وإتقان العمل

     إنّ من -رحمة الله- بنا أنه طالبنا بالعمل والاجتهاد في أدائه بإتقان، قال -تعالى-:{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وعن شدّاد بن أوْس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم؛ فأحْسِنوا القتلة، وإذا ذبحتم؛ فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته ولْيُرِحْ ذبيحته» رواه مسلم.

     ومع ذلك لم يكلفنا الله -تعالى- بإدراك النتائج، وإنما عذرنا ببذل المجهود وتحسين العمل، ولقد قصّ علينا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم خبر أنبياء يأتون يوم القيامة ولم يستجب لدعوتهم أحد، قال صلى الله عليه وسلم : «عُرضت عليَّ الأمم؛ فجعل يمر النبي معه الرجل، والنبي معه الرجلان، والنبي معه الرهط، والنبي ليس معه أحد». أخرجه البخاري، إلا أنهم أدوا رسالتهم على أكمل وجه، ولهم الجزاء الأوفى عند ربهم -تبارك وتعالى-، أتدرين لماذا؟؛ لأنهم فعلوا ما كلفهم الله به، وبذلوا المجهود الكامل في تبليغ رسالات ربهم، أما النتائج من هداية الخلق فأمرها إلى الله -تعالى-؛ لذلك لا يؤاخذون بها.

     إنها قاعدة التميز في كل وقت أن عماده هو المثابرة على بذل الجهد؛ فاحفظي كلمات ابن القيم، وأحسبها أغلى من الدرر: يقول -رحمه الله تعالى-: «أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، وأنه بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة؛ فلا فرحة لمن لا هم له، ولا لذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلا استراح طويلا».

ترتيب الأولويات

     إن ترتيب الأولويات أمر تتعلمه الفتاة المسلمة من حديث الأولياء المشهور عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله -تعالى- قال: «من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه..» رواه البخاري. 

     إذاً فهناك عمل لله بالليل لا يقبله بالنهار، وعمل بالنهار لا يقبله بالليل، وكذلك الأمر في مراحل حياة الإنسان.. ففي كل مرحله عليه دور وواجب لابد أن يضطلع بالقيام به، وأنتِ لا تزالين في عمر الزهور؛ فلا تنفقي من جهدك قط على الأمور التافهة والصغيرة، وتذكري أن وقتك أثمن منها، وأن لديك من الأعمال ما هو مقدم عليها.

فعدم الحرص على ترتيب الأعمال يهدر الكثير من الوقت والجهد، الذي هو مادة عمرك وقوام حياتك.

حسن الخلق

إن الأخلاق السيئة هي السموم القاتلة، المبعدة لصاحبها عن رضا الله -تعالى وعن أُلفة الناس ومحبتهم، وعن سبيل التميز والنجاح؛ فلا تميز بلا أخلاق حسنة.

     وتحسين الخلق يأتي بالتعوّد، وتعهّد النفس، ومراقبة السلوك؛ ومحاسبة النفس، ولقد فضّل النبي صلى الله عليه وسلم المرأة قليلة العبادة، ولكنها حسنة الأخلاق عن أخرى كثيرة العبادة، ولكنها سيئة الخلق تؤذي جيرانها،عن أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها! قال: «هي في النار»، قال: يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها، وإنها تصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: «هي في الجنة». رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط.

ضبط الانفعالات

المشاعر والأحاسيس هي وقود الإنسان، والمحرك الأساسي لسلوكه؛ لذلك فإن من يتحكم في مشاعره، يستطيع غالباً أن يتحكم في سلوكه ويضبطه.

     والفتاة تملك ما يملكه الكبار من أنواع الانفعالات، وتدرك ما يدركه الكبار من الاستثارة العاطفية، تحب وتكره، تهدأ وتغضب، تتأنى وتتعجل، وتجرؤ وتخاف، وهكذا لكن الفتاة في هذا السن تنقصها الخبرة والتجربة؛ ولهذه فهي قد تشتط كثيراً في انفعالاتها، ولا تمتلك إدارتها وحسن التحكم فيها.

     ولقد وصف الله -تعالى- المتميزين من عباده بصفات، من أهمها ضبط النفس والتحكم الجيد في الانفعالات، قال -تعالى-: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ‏}(آل عمران:134،135).

مفهوم ضبط المشاعر

- نعني بضبط المشاعر استحضار معاني القوة في التحكم في الغضب، وأن الضعف في خفة النفس وسيطرة الغضب على المرء، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الشديد بِالصُّرَعَةِ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».  رواه البخاري.

     أن نفصل بين الشخص وبين سلوكه المثير للغضب، وأن نحسن إلى الخلق عامة حتى من أساؤوا إلينا، ومن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تعلمنا أروع المواقف العملية تطبيقاً لهذه القاعدة؛ فنراه يؤكد  على هذا المعنى العظيم في قوله صلى الله عليه وسلم : «أدّ الأمانة لمن ائتمنك، ولا تخن من خانك». رواه الترمذي. 

- أن نقطع الطريق أمام تسلسل الأفكار الغاضبة، بالوضوء، وتغيير الوضع من القيام إلى القعود، ومن الجلوس على الاضطجاع، كما علمنا النبي[.

وإذا غضبت فكن وقوراً كاظماً

                               للغيظ تبصر ما تقول وتسمع

فكفى بها شرفاً تصبّر ساعة

                               يرضى بها عنك الإله وترفع

 

 

استشارة: كيف أتخلص من الأفكار السلبية ؟

- تروادني دائماً الأفكار السلبية، مثل الخوف من الفشل، وقلة الثقة بنفسي، وغيرها؛ فكيف أتخلص منها ؟

- القاعدة في علاج هذا الداء تجدينها في هذا التوجيه النبوي العظيم:عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْر.احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» رواه مسلم (2664 )؛ فلا تسمحي لأحد أن يحطم قواك، أو يضعف عزيمتك، حتى ولو كانت خواطرك وأفكارك غير الصائبة؛ فيجب عليك إبعادها عن نفسك، يقول أبو حامد الغزالي: «أخصّ الآثار الحاصلة في القلب هو الخواطر، والخواطر هي المحركات للإرادات؛ فإن النية والعزم والإرادة إنما تكون بعد خطور النية بالبال لا محالة؛ فمبدأ الأفعال الخواطر، ثم الخاطر يحرك الرغبة، والرغبة تُحرك العزم، والعزم يحرك النية، والنية تحرك الأعضاء».

فاستعيني بالله أولاً، وانبذي عنك الشعور بالعجز، وتذاكري مع نفسك نعم الله -تعالى- عليك والمواهب والقدرات التي وهبها لكِ، واجعلي ديدنك هو الاتجاه للعمل مباشرة، وعدم الاسترسال مع هذه الأفكار وتضييع أوقاتك وطاقتك فيها هدراً.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك