رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مصطفى دياب 24 أكتوبر، 2016 0 تعليق

طاعة الستر: دروس في الإخلاص- مع صـاحب النقــب- الإخلاص في العمل من أساسيات المؤمن

- طاعة السر لاتدخلها آفات العجب والرياء

- أ كتم حسنـاتك أشد مما تكتـم سيئاتك

- المخلص لربه كالماشي على الرمل ترى أثره ولا تسمع صوته

- يجب أن يكون همّ المؤمن أن يذكره الله

 

 

قال ابن قتيبة: «حاصر مَسلمة حصناً، فندب الناس إلى نقب منه، فما دخله أحد، فجاء رجل من عُرْض الجيش – لا يعرفه أحد – فدخله ففتحه الله عليهم، فنادى مسلمة: أين صاحب النقب؟ فما جاءه أحد، فنادى: إني قد أمرت الآذِن بإدخاله ساعة يأتي، فعزمتُ عليه إلا جاء! فجاء رجل فقال: استأذن لي على الأمير، فقال له الحارس: أنت صاحب النقب؟ قال: أنا أخبركم عنه. فأتى مسلمة فأخبره عنه، فأذن له فقال له: إن صاحب النقب يأخذ عليكم ثلاثا: ألا تسوّدوا اسمه في صحيفة إلى الخليفة، ولا تأمروا له بشيء، ولا تسألوه ممن هو؟ قال: فذاك له، قال: أنا هو. فكان مسلمة لا يصلي بعدها صلاة إلا قال: اللهم اجعلني مع صاحب النقب».

     هل يحب أحدٌ منا أن يكون مع صاحب النقب؟ وهل يقدر أحدٌ منّا أن يصنع ما صنع صاحب النقب؟ ولا أقصد فتحه للحصن فذلك قد يكون ميسوراً، ولكن الأصعب أن تحقق إنجازاً ثم المطلوب أن يُخفى اسم صاحب هذا الإنجاز العظيم بل ويرفض أن يُذكر اسمه لدى المسؤولين، ويرفض العطية أو المنحة أو المكافأة، إنه لا يريد شيئاً من هذه الدنيا، ولم يخرج إلا لِقَسَم ذلك القائد الباسل. فمَن منا يحب أن يكون في غبراء الناس كما أحب أُويس بن عامر القرني «أكون فى غبراء الناس أحبُ إليّ» وهو صاحب الدعوة المستجابة؟

من منا يحب ذلك؟

     مَن منّا يحب أن يتعلم الناس علمه ولا يُذكر اسمه، قال الشافعي: «وددتُ أن الخلق يتعلمون هذا العلم ولا يُنسبُ إليّ منه شيء»، ومع الأسف إن أحدنا لا يحقق إنجازاً بل يعمل العمل الصغير ولا يصبر على كتمانه؛ فتراه يتحدث مرة عن إنجازه وثانية عن إتقانه وثالثة عن إبداعه ورابعة عن خبرته وهنا عن.. وهنا عن.. وأصبحت اليوم صفحات (الفيس بوك) يتحدث أصحابها عن إنجازاتهم الحقيرة قبل العظيمة، وياليتها إنجازات! مع أن النفوس المؤمنة المخلصة تخفي عن شمالها ما تنفق يمينها، وبطاعة السر يرفع الله العباد، كما قال الإمام أحمد بن حنبل : «ما رفع الله ابن المبارك إلا بخبيئة كانت له» وما سبق الصِّدِّيق إلا بشيء وقر في قلبه.

غاية الشيطان

     إن الشيطان يجتهد غاية الاجتهاد مع العبد الصالح صاحب طاعة السر حتى يحولها فقط إلى علانيه؛ فإذا تحولت إلى علانية كان من اليسير أن تدخلها الآفات المختلفة من العجب والرياء وغيرها، وانصت لقول النبى[ «أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ» وتدبر قول الله تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}.

ستر الطاعات

فلنحرص جميعاً على ستر الطاعات، والحرص على أن نكون من أصحاب طاعات السر، بل وينبغى على شباب الصحوة تربية أنفسهم على أعمال السر؛ فإياكم والشُح الخفى!!

وما الشُح الخفي؟ هو البخل بالطاعة في السر فهي لا تخرج إلا من قلبٍ كريم. قال سلمة بن دينار: «اكتم حسناتك أشد مما تكتم سيئاتك».

درب صاحب النقب

     هيا بنا نسلك سوياً درب صاحب النقب، نعمل ونبذل ونضحي، ونخدم ونحرص على إتمام العمل ونجاحه، ولا نضع في اهتمامنا أن يُذكر اسم لنا، بل نكون في غبراء الناس يذكرنا الله وينسانا الخلق، يستعملنا الله في أي مكان، في المقدمة أو فى المؤخرة، المهم أن يستعملنا الله، وأن يشغلنا بطاعته عن معصيته، وأن يجعل أوقاتنا كلها لخدمة دينه ونصرته، وإن كان لا يشعر بنا أحد، فالمخلص لربه كالماشي على الرمل، ترى أثره ولا تسمع صوته. ولعلنا نَصْدق الله في دعوتنا! اللهم احشرنا مع صاحب النقب.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك