رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 2 أغسطس، 2011 0 تعليق

طارق العيسى – رئيس جمعية إحياء التراث الإسلامي – في مؤتمر (العالم الإسلامي.. المشكلات والحلول) في مكة المكرمة: إننا في جمعية إحياء التراث الإسلامي في دولة الكويت نشترك مع إخواننا في مختلف الدول الإسلامية في الهموم والمشكلات

 

في أم القرى, منطلق رسالة الإسلام، وبجوار بيت الله الحرام، عقدت رابطة العالم الإسلامي مؤتمر (العالم الإسلامي.. المشكلات والحلول) برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله. وذلك في الفترة من 22 إلى 24 من شهر شعبان 1432هـ، التي توافق الفترة من 23 إلى 25 يوليو 2011م.  وشارك في المؤتمر عدد متميز من العلماء والمثقفين والمسؤولين عن المنظمات والمراكز الإسلامية في مختلف أنحاء العالم. ودرس المؤتمر الموضوعات التالية:

1. الواقع ومشكلاته، ويشمل: مشكلة الجهل بحقيقة الإسلام، والفرقة، واستغلال الأعداء للطائفية، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتأثير التيارات الدخيلة على المجتمعات المسلمة.

2. الحقوق والواجبات، ويشمل: حقوق القادة والشعوب وواجباتهما، وأهمية التكامل بين الجهود الرسمية والشعبية في مواجهة التحديات.

3. الحوار في المجتمعات الإسلامية، ويشمل: مفهوم الحوار وأثره في علاج المشكلات ووحدة الأمة.

4. الحلول، ويشمل: عرض الأنموذج الإسلامي في إصلاح المجتمع, ومنهج الإسلام في درء الفتن، وضرورة تكامل جهود العلماء والمؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية في الإصلاح الشامل.

وفي هذا الصدد قال الشيخ / طارق العيسى – رئيس جمعية إحياء التراث الإسلامي –: إن مؤتمر (العالم الإسلامي.. المشكلات والحلول)، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي برعاية العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في مكة المكرمة جاء في الوقت المناسب؛ نظراً لما تمر به دول العالم الإسلامي من أوضاع حرجة على جميع المستويات، وخصوصاً في الدول التي شهدت ولا تزال ثورات شعبية وأوضاعا غير مستقرة.

وأضاف العيسى الذي شارك في حضور المؤتمر ضمن الوفد الكويتي: إنني أشارك في المؤتمر ممثلاً للجنة الأقليات الإسلامية لتقديم تصور عن احتياجات الأقليات المسلمة بمختلف أنحاء العالم، والكل يعرف ما للجمعيات الخيرية الكويتية، وخصوصاً جمعية إحياء التراث الإسلامي في من دور تنفيذ المشاريع الخيرية، وتقديم الإغاثات والمساعدات بجميع أنواعها للأقليات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم.

وحول أهمية المؤتمر قال الشيخ/ طارق العيسى: إن هذا المؤتمر يكتسب أهمية كبيرة لأهمية ما يطرح فيه من مواضيع في وقت يحتاج فيه العالم الإسلامي لوضع تصورات وحلول لمشاكل وأوضاع جديدة تحتاج لدراسة ونظر، كما أن هذا المؤتمر قد دعي له كوكبة من كبار المشايخ والعلماء ورؤساء الجمعيات الخيرية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وليس أدل على أهميته من أنه يحظى برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هذا الرجل الصالح الذي أخذ على عاتقه السعي في كل ما من شأنه خدمة الإسلام والمسلمين، والسعي لحل مشاكلهم.

وقد عبر عن ذلك صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في كلمته التي ألقاها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين عندما دعا إلى أن تقوم رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع العلماء بوضع برنامج عمل إسلامي لعلاج مشكلات الأمة، وتحصين شعوبها ضد أخطار الغزو من الخارج، وتداعيات الجهل في الداخل ودعم أواصر الوحدة الإسلاميَّة عبر الحوار الموضوعي بين الشعوب المسلمة وقياداتها.

كما أن هذا المؤتمر يأتي ترجمة صادقة لما أوضحه سمو الأمير في الكلمة من ضرورة التصدي لمخرجات عصر العولمة وما صاحبها من التطورات والتحولات العالميَّة، وأهمية حماية المجتمع المسلم من الجنوح عن الأصالة الإسلامية، والتأثر بتلك التحولات العالمية التي برزت معها آفة الإرهاب وآلته الضالة المدمرة، وأنَّ المملكة تصدت له بكل الحزم والحسم، وعالجته بوسطية الإسلام وفككت خلاياه.

وفي ختام تصريحه قال الشيخ/ طارق العيسى – رئيس جمعية إحياء التراث الإسلامي: إننا في جمعية إحياء التراث الإسلامي في دولة الكويت نشترك مع إخواننا في مختلف الدول الإسلامية في ذات الهموم والمشكلات التي يعانون منها، ونحن على ثقة بأن تطبيق شرع الله يسهم بمرونة واسعة في التعامل مع متغيرات كل عصر ومستجداته بما هو نافع ولا يتعارض مع دين الله عز وجل.

هذا وقد افتتح صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مؤتمر (العالم الإسلامي.. المشكلات والحلول)، وقال في كلمته التي افتتح فيها المؤتمر نيابة عن خادم الحرمين الشريفين: إنكم تجتمعون اليوم على أمر جلل لبحث المشكلات المستجدة ومدارسة مجريات الأحداث في بعض أرجاء عالمنا الإسلامي، لاستنباط الحلول الناجعة لها من واقع شريعتنا الإسلامية الغراء القائمة على منهج الوسطية والاعتدال، وإنها لمسؤولية جسيمة وأنتم لها أهل وكفء بإذن الله تواجهون فيها محاولات تفريق الشعوب الإسلامية، وتفكيك وحدة الأمة ورفع شعارات الطائفية والمذهبية، ما يتعارض مع قول الحق سبحانه وتعالى: {إنما المؤمنون إخوة}، وقوله: {وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}.

أما د. عبدالمحسن التركي – أمين عام الرابطة – فقد أوضح في كلمته أنَّ إبداء الرأي، والنقدَ البناء، والنصح للحكام والمحكومين حقٌ لكل مسلم، وهو من الأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر، والتعاونِ على البر، لكن الإسلام جعل له ضوابط، بحيث لا تترتب عليه مفاسد أكبر، في الأنفس والأموال والحقوق، محذرًا من استغلال أعداءِ الإسلامِ للخلافات الداخلية وإثارةِ النعراتِ الطائفية والعرقية، وكلِ ما من شأنه أن يزيد في التفرق والتمزق.

وبين مفتي المملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء رئيس المجلس التأسيسي للرابطة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، أنَّ الأمة الإسلاميَّة تمر في هذه الأيام بأخطر المراحل، وتعاني أزمات شديدة وفتنا بالداخل وانقساما بين أبنائها، وأنَّ من واجبنا حمايتها من هذه البلايا من خلال الاعتصام بالكتاب والسنة وتحكيمهما في جميع شؤون حياتنا. كما شدّد على ضرورة الالتحام بين الراعي والرعية، والتقارب بين الحاكم والمحكوم، وتطبيق ذلك على معالم الشرع وضوابط الشريعة، مشيرًا إلى أنّ من تأمل الشريعة الإسلامية رأى التلاحم بين الراعي والرعية، والتقارب بين الحاكم والمحكوم ومعرفة كل منهما ما عليه من واجبات وما له حقوق.

وأشاد المشاركون بعقد رابطة العالم الإسلامي هذا المؤتمر؛ لبحث الأحداث والمشكلات التي جدَّت في بعض بلدان المسلمين، مستذكرين نداء المجمع الفقهي في الرابطة الصادر في شهر ربيع الآخر من عام 1399هـ؛ بإصلاح أوضاع المسلمين، والأخذ بأسباب العزة والسعادة، وفي مقدمتها تطبيق الشريعة الإسلامية.

وأكدوا على أن ما يجري في بعض الدول الإسلامية من أحداث كان نتيجة للبعد عن طريق الله المستقيم، والتفريط فيما شرعه الله تعالى من إقامة العدل والإحسان، وأداء الواجبات، وحماية الحريات، وصون الحقوق، واحترام الكرامة الإنسانية، وأن هذه الأحداث وإن اختلفت ظروفها من بلد إلى آخر، فإنما تكشف عن أزمة حقيقية في التصورات، وقصور في رعاية المصالح العامة، وفجوة بين الحاكم والمحكوم؛ مما يعرض الأمة لمزيد من الصراعات والفتن والكوارث.

ولا يحول دون ذلك سوى الإصلاح، وإقامة العدل, ورفع الظلم والاستبداد، وتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية، وذلك ضمن مشروع إصلاحي شامل وفق الضوابط الشرعية؛ يستثمر طاقات الأمة المعنوية والمادية والبشرية.

وحذروا من غموض المفاهيم في بعض الشعارات المعلنة، وبعدها عن مفاهيم المسلمين وقيمهم؛ مما يؤدي إلى فصل الدولة عن الدين، والتجافي بينهما؛ وما ينتج عن ذلك من آثار تزيد من عمق الجراحات وآلامها؛ لتعارضها مع تطلعات الشعوب المسلمة في الرجوع إلى كنف الشريعة الإسلامية.

وأكدوا على أهمية تبوؤ العلماء مكانتهم الرفيعة في الأمة، والقيام بواجبهم في التصدي للأزمات الراهنة، بتبيان الموقف الشرعي في المستجدات، وتقديم النصح والتوجيه والتحذير مما يخالف الشريعة الإسلامية، من الفتن وشق الصف وزرع الشقاق، وتدخل الأعداء، الذين يسعون إلى تمزيق الوحدة الوطنية في كل مجتمع؛ بإثارة الاضطراب والنزاع فيه.

المؤتمر في ختام جلساته وأوصى

بأهمية الوعي بالشريعة الإسلامية، وأهاب المؤتمر بعلماء الأمة ومثقفيها, والمنظمات الإسلامية الرسمية والشعبية للتعاون في تكثيف البرامج الدعوية والتثقيفية الخاصة بتوعية المجتمعات الإسلامية - ولا سيما فئة الشباب - بمقاصد الشريعة الإسلامية، وأهمية تطبيقها في مختلف مجالات الحياة، والأخذ بها في حل المشكلات ومواجهة التحديات التي تواجه المسلمين.

وتدارس المؤتمر تفاقم الأحداث في بعض الدول الإسلامية، وما نتج عنها من سفك للدماء، ونزوح للسكان خارج بلدانهم، وانعدام للأمن، وتدمير للممتلكات، وأكد على أهمية التعاون بين فئات المجتمع - رسمية وشعبية - على حقن الدماء، مذكراً بحرمة إزهاق الأنفس وضرورة صون الحقوق.  وأكد المؤتمر على حرمة النفس التي أعلن عنها رسول الرحمة [ في خطبته في حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا».

كما أكد المؤتمر على أن الإصلاح الذي تستبين معالمه في أصول الشريعة الإسلامية وقواعدها، شريعة ربانية، ودأب الأنبياء، وعنوان دعوتهم، وهو نهج إسلامي أصيل، تتطلع إليه الأمة في معالجة مشكلاتها.

ودعا إلى تعاون العلماء مع الحكام المسلمين في إصلاح أنظمة الدول الإسلامية، وإيجاد الآليات المناسبة التي تعين على التحول من النظم الوضعية التي تتعارض مع الإسلام إلى النظم الإسلامية التي تضمن الإصــلاح والرفاه .

ودعا كذلك إلى الاهتمام بمعالجة مشكلة الفقر المنتشر في عدد من بلدان المسلمين.

وإنشاء كيانات اقتصادية جامعة، تستوعب طاقات شعوب الأمة، وتوظف إمكاناتها البشرية والمالية والإبداعية.

والعناية بفريضة الزكاة، وتوزيعها على مستحقيها من الفقراء والمساكين.

ومعالجة مشكلة البطالة، ودعم مؤسسات التدريب, ومشروعات تشغيل الباحثين عن العمل.  وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية التي تضمن تكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع الواحد، ومحاربة الفساد ووسائل الكسب غير المشروع.

وإنشاء السوق الإسلامية المشتركة، وفق ما صدر من قرارات في ذلك.

ودعا المؤتمر رابطة العالم الإسلامي إلى إعداد ميثاق عمل إسلامي، يعالج التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها الأمة الإسلامية .

أ مواجهة التحديات المعاصرة، عبر الاجتهاد الجماعي المنضبط الذي يراعي مقاصد الشريعة ومآلات الأفعال.

ب فقه الأقليات المسلمة، والتواصل الحضاري مع مختلف الشعوب؛ وفق ضوابط الشريعة الإسلامية.

ج تكامل الجهود الرسمية والشعبية في الأمة الإسلامية وتعاونها والتنسيق بينها، في مختلف المجالات، وخاصةً الدعوة والتعريف بالإسلام، والإعلام، والحوار، والأعمال الخيرية والإغاثية.

ويرتكز هذا الميثاق على جملة من المبادئ، من أهمها:

وحدة الأمة الإسلامية، ووحدة مصادر التلقي فيها، كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وفق فهم القرون الأولى المفضلة لهما.

كمال رسالة الإسلام، وعمومها، وشمولها، ووسطيتها، وأنها رحمة للعالمين أجمعين.

الاقتداء بالرسول [، وصحابته الكرام في الدعوة إلى الله والتعريف بالإسلام، بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، والتدرج في ذلك حسب الأولويات.

ودعا المؤتمر الرابطة إلى تكوين فريق عمل متميز من الخبراء والمتخصصين, ممن لهم تجربة عملية في الشعوب الإسلامية والأقليات المسلمة، لدراسة هذا الميثاق والاتفاق عليه، ومن ثم عرضه على مختلف المؤسسات الإسلامية الرسمية والشعبية لإبداء الرأي فيه.

تعقد الرابطة بعد ذلك مؤتمراً عالمياً؛ لإقرار هذا الميثاق، ومن ثَم تعميمه على مختلف المؤسسات الإسلامية؛ الرسمية والشعبية. وأن تنشئ الرابطة مركز بحث ومتابعة يعنى بهذا الميثاق، ويتابع تنفيذه، ويدرس الوسائل المعينة على ذلك.

رابعاً العلاقة بين الحاكم والمحكوم:

استعرض المؤتمر الأوضاع المستجدة في العالم الإسلامي، والفجوة في العلاقة بين الحكام والشعوب في بعض بلاد المسلمين.

وأكد على أهمية ما يلي:

التحاكم إلى الإسلام، وتطبيق شريعته، فذلك واجب على الأمة حكاماً ومحكومين.

امتثال هدي الشريعة في حياة المجتمعات الإسلامية؛ الاجتماعية والاقتصادية، وأداء الحقوق، والنأي عن الظلم.

تقوية العلاقة بين الشعوب وحكامهم, وفق الضوابط الإسلامية التي نظمت هذه العلاقة.

رعاية حق الحاكم المسلم المطبق شرع الله على رعيته في السمع والطاعة له في المنشط والمكره، وحقه في المناصحة والتسديد والدعاء، وحرمة الخروج عليه.

الولاية والحكم مسؤولية عظيمة، وسلطة الحاكم في الإسلام نابعة من القرآن والسنة، وليست سلطة مطلقة، والواجب على الأمة حكاماً ومحكومين الالتزام بما في الكتاب والسنة وما سار عليه السلف الصالح.

من حق الحكام على العلماء؛ إسداء النصح، وتقديم المشورة لهم، وتذكيرهم بمقتضيات الحكم الإسلامي الرشيد، قال [:  الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.

العناية بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر الوسائل المشروعة المتاحة، وتصحيح الأخطاء في المجتمعات المسلمة، والتي تعتبر السبب الرئيس في ضعفها وتسلط الأعداء عليها.

وأشاد المؤتمر بالمملكة العربية السعودية التي تأسست على هدي من كتاب الله وسنة رسوله [، وجعلت منهما نبراساً في أنظمتها، ونوَّه بجهودها في جمع كلمة المسلمين، وتطبيقها الشريعة الإسلامية في مختلف شؤونها؛ مما وفر لها الاستقرار والرفاه والاقتصاد المتقدم، ووثق العلاقة بين قادتها وشعبها.

المنظمات الإسلامية

واستعرض المؤتمر جهود المنظمات الإسلامية، وأشاد بما تبذله من جهود لاستعادة الأمة المسلمة ريادتها وحراسة مصالحها.

وأشاد باهتمام رابطة العالم الإسلامي بالمنظمات الإسلامية، وعقدها مؤتمراً عالمياً عنها منذ ثلاثة عقود، وتأسيسها الهيئة العليا للتنسيق بين المنظمات الإسلامية, التي تعمل على التواصل والتعاون بين المنظمات والمراكز والجمعيات الإسلامية في أنحاء العالم، من خلال خطة تنسيق عملية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك