رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 1 يونيو، 2015 0 تعليق

ضوابط المصالح والمفاسد

الشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، وحكمة كلها، والشريعة مبناها على الحكم ومصالح العباد في الدنيا والآخرة، ولذلك قال ابن تيمية رحمه الله: «الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها».

فالدعاة يتعاملون بين إفراط وتفريط مع هذه القاعدة.. فمنهم من خالف النصوص الصريحة ومنهم من تساهل في عدِّ  المصالح قد تُوسع في استعمالها على حساب النصوص الشريعة.. فهناك أمور لا بد من مراعاتها:

- أن يكون لدى الداعية إلى الله تقوى صادقة وبصيرة علمية نافذة، ومعرفة بالواقع واسعة.

- تحديد المصلحة من منظور الكتاب العظيم والسنة النبوية الصحيحة فلا يقدم العقل والهوى ونحوهما.

- الذي يحدد المصلحة هم العلماء الشرعيون الذين يتصفون بالعلم والتقوى وإدراك الواقع؛ مع ضوابط الموازنة بين المصالح والفاسد.

تقديم أحد الحكمين لا يكون عشوائيا؛ لأن ذلك مرتبط بقوانين يستنير بها المكلف في ترجيح حكم على آخر.

- تقديم الأكثر  مصلحة على الأقل: فإذا لم يتمكن من الجمع بينهما قدم المصلحة، قال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (التوبة:19).

ومثله تقديم الجهاد خير من صيام شهر وقيامه.

-  الأكثر مفسدة أولى بالدرء من  الأقل مفسدة.. مثل قتال الخوارج والمفسدين في الأشهر الحرم، مثلما خرق الخضر السفينة حتى لا يأخذها الملك؛ لأنه لا يأخذ المعيبة، والأعرابي الذي بال في المسجد؛ ففي الحديث «دعوه وأهريقوا على بوله سجلاً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين».

- الجهة الغالبة أولى بالتقديم عند تزاحم المصالح والمفاسد.

وكل مصلحة لا تخلو من مفسدة، وكل مفسدة لا تخلو من مصلحة.

     قال ابن تيمية: «جميع المحرمات من الشرك والخمر  والميسر والفواحش والظلم، قد تحصل لصاحبه به منافع ومفاسد، لكن لــمّــا كانت مفاسدها راجحة على مصالحها نهى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عنها.. كما أن كثيرا من الأمور كالعبادات والجهاد وإنفاق الأموال قد تكون مضرة، لكن لما كانت هناك مصلحة راجحة على مفسدته أمر به الشارع فهذا أصل يجب اعتباره».

فقال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «لولا قومك حديث عهدهم -قال ابن الزبير بكفر- لنقضت الكعبة، فجعلت لها بابين باب يدخل الناس وباب يخرجون».

وقد امتنع النبي  صلى الله عليه وسلم عن قتال المنافقين لكي لا يقال: إن محمدا قتل أصحابه، وكذلك البقاء على أئمة الجور مصلحة مرجوحة، بينما الخروج عليهم يفوت مصالح ضرورية.

- جهة المفسدة أولى بالدرء عنه تساوي المصالح مع المفاسد.

مثل جار يؤذي جيرانه في ملكه بدخان فرنه أو رائحة معصرته، أو ضجيج مطحنته.

     إن النتائج المترتبة على الإخلال بهذه القاعدة جعل بعضهم يقتل الناس ويؤذيهم باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو الجهاد، فكم فوتوا من مصالح، وصدوا عن الإسلام، وفوتوا على الناس معرفة الإسلام، ونهج التغيير بالقوة حصل من خلال مفاسد عظيمة، فضلا عن تمييع الدين عند بعضهم والتساهل فيه وتتبع الرخص.

عدم الوصول إلى نتائج إيجابية مثمرة لاختلاط المفاهيم وتضارب الأعمال وتناقض المناهج؛ وذلك لغلبة النظرة الأولى في التقدير.

واختلال المفاهيم الشرعية للفهم الصحيح لها، وليُّ عنقها وإغفال بعضها ولا سيما ما لم يوافق ما يريده المستدل..

خروج قيادات دعوية، ومفتين غير مؤهلين؛ وذلك لعدم فقهم التطبيقي لهذه القاعدة فيضلون ويضلون، ويبحثون عما يفرق ولا يجمع الكلمة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك