رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 4 أكتوبر، 2010 0 تعليق

ضغوطات لعولمة الفكر وعلمنة التعليم

التربية والتعليم أساس بناء الأجيال وإعداد المجتمعات، ولقد اعتنى الإسلام عناية فائقة في هذا المضمار منذ مهده، منذ أول آية نزلت تحث على القراءة، وشق الناس بعد ذلك الطريق إلى الجنة بالتعليم النافع الذي يغير للأفضل كما غير حياة الأعراب الجفاة عبدة الأوثان، ليصبحوا بعد سنوات قليلة قادة العالم وقدوة الدنيا، وخلدوا سيرا لا يزال شذا عطرها يفوح، وقبساتها نور يهتدي بها الناس.

قال سفيان بن عينية: أول العلم الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر؛ فالمنهج التعليمي الناجح يسعى إلى البلوغ والريادة للبناء لا للهدم، وللخير لا للشر، وللفضيلة لا للرذيلة، وهو بالتالي لا يعتدي، ولا يفسد، ولا يدمر، ويخشى إراقة قطرة دم، فضلا عن تدمير قرى وبيوت على الأطفال والنساء.

أم سفيان الثوري الذي غدا ابنها في عصره علما وبين أقرانه نجما، قالت: يا بني خذ هذه عشرة دراهم وتعلم عشرة أحاديث، فإذا وجدتها تغير في جلستك ومشيتك وكلامك مع الناس فأقبل عليه وأنا أعينك بمغزلي هذا، وإلا فاتركه فإني أخشى أن يكون وبالا عليك يوم القيامة.

فما أحوجنا للعلم المقرون بالتربية الصالحة على بصيرة لبناء حضارات تبلغ الأمجاد ويحصل من خلالها النماء وتأسيس الأجيال على بنيان متين، قال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}، فأول ما ينبغي ترسيخه في قلوب الناشئة إرساء قواعد التوجيه على العقيدة الصحيحة وربط النشء بالله عز وجل ومراقبته وحسن التوكل عليه.

كان ابن عباس رديف النبي[، فقال: «يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف». رواه أحمد.

قال أحد الصالحين: «لا نفع للعلم بدون عمل، ولا قيمة له بدون أثر».

مهمة التربية والتعليم مهمة عظيمة في وقت تلاطمت فيه أمواج الفتن واشتدت غربة الدين وكثرت فيه دواعي الفساد وطرائقه؛ فعلينا أن نهتم بصناعة الأجيال وصياغة الفكر وتشكيل المجتمع وتأهيله وتوجيهه في علوم نافعة لتخدم الدين وتنفع المسلمين وعمارة الأرض ولتغدو صمام أمان للشباب في توازن وشمول ووسطية واعتدال؛ فتعمر دنياهم وتؤدي بهم إلى الفوز بآخرتهم، وذلك بعد تحقيق المقاصد السامية للدين، ولذلك جاء أجر المعلم كبير «إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض ليصلون على معلم الناس الخير».

نحن لا نريد صراعا حضارياً وعقائدياً بين الأمم، ولا نريد ضغوطات لعولمة الفكر وعلمنة التعليم وتمييع الدين وتعددية الأهواء وإرضاء الجميع بسخط الله تبارك وتعالى؛ فإن من علامة إخلاص القائمين على المناهج في بلاد المسلمين ووعيهم مواجهة هذا التحدي والعناية بالمنطلقات والأسس العقدية والفكرية الصحيحة في عملية بناء المناهج أو تطويرها.

فالعلم الشرعي الصافي ضمانة بإذن الله لتجنب الانحرافات الفكرية والعقدية، إذا جاء بوضوح وتفصيل، وعندها تتمايز الصفوف بين أهل الخلط والتعارض والأهواء وأهل الصراط المستقيم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك