رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 27 يناير، 2016 0 تعليق

ضعف المسلمين وقوة العدو

     لم يعد خافياً على أحد من الناس اليوم ما يعيشه المسلمون من ذلة ومهانة, وما يحيط بهم من ظروف صعبة وأحوال مريرة, تتمثل في كيد من الأعداء, وتسلطهم على بلاد المسلمين, كما تتمثل في أحوال المسلمين، وما طرأ على كثير من مجتمعاتهم من بعدٍ عن تعاليم الإسلام, وإقصاء لشريعة الله -سبحانه- ورفض الحكم بها والتحاكم إليها.

إن المسلمين اليوم يمرون بفترة من أحلك فترات تاريخهم؛ وذلك أنهم انحدروا من القوة إلى الضعف، ومن القيادة والريادة إلى التبعية والهوان.

وإن المتأمل في حال المسلمين اليوم في مجموعهم يلحظ مظاهر ضعفهم وبعدهم عن حقيقة دين الإسلام، وفي كل جانب من جوانب الحياة المختلفة وهذا أمر واضح واضحاً جلياً.

     كذلك فإن المتتبع لتاريخ الأمة الإسلامية المتمعن في الصفحات الذهبية من سجلها الحافل لتأخذه الدهشة، ويأخذ به العجب كل مأخذ وهو يقرأ أمجادها الزاهية التي تثري مواقفها في تلك الصفحات المضيئة تمثلاً بالإسلام، وتخلقاً بالقرآن، وتعلقاً بالآخرة, وتفلتاً من الدنيا، وجهاداً في سبيل الله، ونشراً لدين الله، وحرصاً على هداية جميع الناس إلى رحاب هذا الدين الذي أكرمهم الله به.

     وإن المتتبع لهذا التاريخ المشرق ليعجب أشد العجب لهذا الانقطاع بين صدر الأمة وعجزها، ولهذا التبدل الذي حدث في كيان الأمة، وهذا التغير الذي طرأ على واقعها؛ فبعد أن كانت أمة الأمجاد أمست أمة الإخلاد! وبعد أن كانت القائدة أصبحت المقودة, وبعد أن كانت رمزاً للعزة والغلبة والظفر انقلبت بها الحال فإذا هي لقمة سائغة في فم كل آكل، ونهب مقتسم في يد كل طامع.

     وبرغم هذا كله فلا ينبغي أن يستقر في أنفسنا هزيمة حتى وإن كنا في هذا الوضع السيئ الذي يُقتل فيه المسلمون, ويُشردون, وتُنتهك أعراضهم, وتُنهب ثرواتهم في جميع بقاع الأرض؛ لأننا أمة تؤمن بقول الله عز وجل: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} (القصص: 5).

     إننا أمة نعلم علم اليقين قول الله عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور: 55)، ونوقن بقول الله عز وجل: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (غافر: 51).

     ووعد رسول الله صلى الله عليه وسلم  هذه الأمة بالنصر والتمكين فقال صلى الله عليه وسلم : «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر».

     هذا وعد من الرسول الكريم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، فقد وعد بأن هذا الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار، وهذا لا يكون إلا في حال قدرة المسلمين ومنعتهم، والقوة والمنعة لهذه الأمة لا تكون ولا تحصل إلا بالأخذ بالأسباب التي تجعلها أمة قوية وعزيزة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك