رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 10 أكتوبر، 2016 0 تعليق

صنائع المعروف

     لا يخفى على المرء ما لصانع المعروف من أجر عظيم، وثواب كبير، يمنحه العلي الكبير جزاءً لما صنع، ومقابل ما عمل وأبدع؛ لأن المعروف لا يُقبِل إلا من وفقه الله-تعالى. والمعروف كل خير يعمله المسلم، حتى الكلمة الطيبة معروف، والابتسامة في وجه أخيك معروف، وما يقدمه المرء من مساعدة لقضاء حوائج الناس، فيساعد المريض، ويقضي حاجة الأرملة، ويمسح رأس اليتيم، وينشر الخير، فيعلم الجاهل، وينصح العاصي، ويأخذ على يد الظالم.

     والأمر لا يقتصر على أجر الآخرة؛ بل يمنحه الله القبول في الدنيا؛ فيحبه الناس، لمحبة الله له.، قال صلى الله عليه وسلم «إذا أحب الله عبدا نادى جبريل، إني قد أحببت فلانا فأحبه، قال: فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض». فذلك قول الله {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداًَ} (مريم:96)، فيحترمونه، ويقدرون له كل معروف عمله من أجل الله لا من أجل شكر الناس أو عطائهم وثنائهم.

أمثلة من صناعة السلف للمعروف

     لم يكن السلف الصالح -رضوان الله عليهم- يترددون في صنع المعروف بل كانوا أسرع الناس إليه، بنفس راضية، وصدر رحب، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين ولي الخلافة، فكان في كل يوم يأتي بيتاً في عوالي المدينة تسكنه عجوز عمياء، فينضج لها طعامها، ويكنس لها بيتها، وهي لا تعلم من هو، فكان يستبق وعمر بن الـخطاب إلى خدمتها.

     ولما ولي عمر الخلافة خرج يتحسس أخبار المسلمين، فوجد أرملة وأيتاماً عندها يبكون، يتضاغون من الجوع، فلم يلبث أن غدا إلى بيت مال المسلمين، فحمل طعاما على ظهره وانطلق، فأنضج لهم طعامهم، فما زال بهم حتى أكلوا وضحكوا. ومن صناعة المعروف أيضاً ما ذكر عن علي زين العابدين، فقد كان أناس من أهل المدينة لا يدرون من أين معايشهم، فلما مات فقدوا ذلك الذي كانوا يُؤتَوْن بالليل، ولما غسلوه-رحمه الله-وجدوا بظهره أثراً مما كان ينقله بالليل إلى بيوت الأرامل.

ثمرات صنائع المعروف:   

أما الثمرات والآثار التي تحصل من فعل الخير وصناعة المعروف والإحسان إلى الخلق فأمر يرخص عنده كل غالٍ ويصغر عنده كل كبير فمن ذلك:

1- صرف البلاء وسوء القضاء في الدنيا: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة» ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال «صدقة السر تطفىء غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وفعل المعروف يقي مصارع السوء».

     وأخرج الطبراني في الأوسط عن أم سلمة-رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفىء غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وكل معروف صدقة وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف».

2- دخول الجنة: جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أول أهل الجنة دخولاً أهل المعروف». وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: «لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذي الناس» .

3- مغفرة الذنوب والنجاة من عذاب الآخرة وأهوالها: عن حذيفة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم، فقالوا: أَعَمِلْتَ من الخير شيئاً؟ قال: لا. قالوا: تذكر،قال: كنت أداين الناس فآمر فتياني أن ينظروا المعسر ويتجوزوا عن الموسر، قال: قال الله: عز وجل تجوزوا عنه». وفي رواية عند مسلم «فقال الله أنا أحق بذا منك تجاوزوا عن عبدي» .

     فاصنعوا المعروف عباد الله لكي تنالوا مغفرة الله -تعالى- وتدخلوا جنته، وأحسنوا إلى عباد الله، وأدوا إليهم حقوقهم الواجبة والمستحبة حتى يحسن الله إليكم، وييسر لكم أموركم، ويفرج عنكم كربكم في الدنيا والآخرة، نسأل الله -تعالى- بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفقنا وإياكم لفعل الخير والإحسان إلى الخلق إنه سميع مجيب.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك