رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: علي صالح طمبل 30 يوليو، 2017 0 تعليق

صلاح القلب صلاح للجسد كله


كيف نتعامل مع القلوب؟، وكيف نرتقي بها؟، فنجعل الريمان يعمرها والأخلاق الحسنة معينها وسبيلها فلا سعادة إلا بسلامة القلب من الشرك والأحقاد وعلاجها من الحسد والضلال وأمراض القلوب.

  وجدت بالفعل أننا نهتم بنظافة أجسادنا وتجميل مظهرنا، وهذا أمر لا غبار عليه إن كان بالقدر المعقول، والله -جل وعلا- يحب التوابين كما يحب المتطهرين.

ووجدت أننا نسارع إلى العلاج وإيجاد الأدوية إذا مرض عضو من أعضائنا، وهذا مما أمرت به الشريعة وحثت عليه.

صلح الجسد كله

     ولكننا ننسى في المقابل أهم عضو، مع أنه العضو الذي يُوزَن به الإنسان كما أخبر بذلك الله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ - إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء: 88-89)، ومع أنه العضو الذي إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله كما أخبر بذلك الحبيب -عليه الصلاة والسلام- في الحديث المتفق عليه.

لقد بلغ إهمالنا لقلوبنا أن علاها الصدأ لقلة ذكر الله واستغفاره، وعلاها الران الذي يعني الذنوب التي غطت على القلوب فحجبتها عن إبصار الحق والإيمان به، قال تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (المطففين: 14).

أسرفنا في المعاصي

     وبلغ إهمالنا بقلوبنا أن أسرفنا في المعاصي، كبيرها وصغيرها؛ حتى نُكِتَتْ فيها النكات السوداء فصارت كالكوز المجخي (الكأس المائل أو المنكوس»، لا تعرِّف معروفاً ولا تنكر منكراً - عياذا بالله - كما في الحديث: «تُعْرَضُ الفتن على القلوب؛ كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنةٌ ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مُرْبَادًّا؛ كالكوز مُجَخِّيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشْرِبَ من هواه» رواه مسلم (144).

أمراض القلوب

لذا لا تعجب -أيها القارىء الكريم- أن فشا فينا النفاق بأنواعه، والشرك، والحسد، والحقد، والبغضاء، والكِبْر، والغفلة، وغيرها من الأمراض الناتجة عن فساد القلوب!

ولا تعجب لكثرة القلوب القاسية التي فاقت في قسوتها الحجارة؛ حتى صارت لا تكترث لمعروف، ولا تبالي بمنكر، ولا تتألم لآلام غيرها، ولا تتسلل الرحمة إليها!

لا تؤثر فيه النصائح

ولا تعجب أن كثيراً منا لم تعد تؤثر فيه النصائح والمواعظ، ولا يخشع قلبه لذكر الله، ولا يلين إذا قرىء عليه القرآن، ولا يجد لذة في العبادة والطاعة.

المظاهر والإهمال

ولا تعجب أن تجد إنساناً مهتماً بمظهره وهندامه، معتنياً بحلاوة لسانه، لكنَّ إهمالَه لقلبه بلغ به أن يخلوَ قلبه من الإيمان تماماً كما في الحديث: «حتى يقال للرجل: ما أجلده! وما أظرفه! وما أعقله! وما في قلبه حبة من خردل من إيمان» رواه البخاري (6675).

     إذاً لا سبيل لنا إلى الفلاح في الدنيا والآخرة إلا بإصلاح القلوب، ومهما ملكنا من الأموال والكنوز فلن نحصِّل السعادة الحقيقية، ولن نذوق طعماً للراحة؛ حتى نعمِّر قلوبنا بالتوحيد، والإيمان، والتقوى، والرضا، والذكر، والقناعة، والحب في الله، ونطهرها من أدران الشرك، والنفاق، والرياء، والحقد، والحسد، والغل، مستقيمين على طاعة الله، مجتنبين معصيته وسخطه.

الاستغفار والذكر

قال ابن القيم -رحمه الله-: «صدأ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين بالاستغفار والذكر».

ورحم الله ابن تيمية الذي قال وهو حبيس السجن: «ما يفعل أعدائي بي؟ إن جنتي وبستاني في صدري، إن قتلي شهادة، وسجني خلوة، ونفيي سياحة».

ولا ننسى الدعاء بأن يعيننا الله -جل وعلا- ويثبتنا على دينه؛ فقد كان من أكثر دعاء النبي -عليه الصلاة والسلام-: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» (صحيح الترمذي: 2140).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك