رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: علاء بكر 13 أبريل، 2015 0 تعليق

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (26) الحاج (محمد أمين الحسيني) مفتي القدس

تعرض الحاج (أمين الحسيني) لحملة مِن اليهود لإلصاق تهمة التعاون مع النازية إليه، ولكن محاولتهم لم تنجح

 

ولد الحاج (محمد أمين الحسيني) في قرية (قالونية) بالقرب من القدس في عام 1897م؛ حيث تعلم من والده الذي كان معروفًا بعلمه الواسع، وأنهى تعليمه الابتدائي ثم الثانوي في القدس، وتعلم الفرنسية في مدرسة (الفرير) بالقدس، والتحق بالأزهر في مصر واتصل بالعلامة (محمد رشيد رضا) صاحب مجلة المنار، والتحق بدار الدعوة والإرشاد بالقاهرة؛ فضلا عن حضوره للمحاضرات في كلية الآداب بالجامعة المصرية (جامعة القاهرة).

     وعاد إلى القدس مع إعلان الحرب العالمية الأولى، ودُعي إلى الجندية؛ حيث التحق بالمدرسة العسكرية لضباط الاحتياط باسطنبول، وتخرج ضابطـًا؛ حيث التحق بالجيش ومارس عمله العسكري في الفرقة 46، وفي اللواء 145 على أطراف البحر الأسود، ثم في منطقة أزمير على البحر الأبيض المتوسط حتى نهاية الحرب.

حكم عليه بالسجن عشر سنوات

     بعد نهاية الحرب عاد إلى وطنه وشارك بالخطابة الحماسية في حركة 1920م في المدن الفلسطينية الرافضة للوجود اليهودي في فلسطين عقب ظهور وعد (بلفور) عام 1917م وسعي بريطانيا لتطبيقه؛ فتم القبض عليه، وحكمتْ عليه السلطات البريطانية بالسجن عشر سنوات مع الأشغال الشاقة بعد محاكمة عسكرية؛ مما دفعه إلى الهرب لاجئًا في سوريا ثم في الأردن، ثم عاد إلى فلسطين بعد صدور قرار بالعفو عنه.

     ولما تُوفي أخوه الشيخ (كامل الحسيني) مفتي فلسطين في عام 1921م تولى منصب المفتي رغم صغر سنه، فصار مفتي القدس مِن وقتها، كما اُنتخب رئيسًا للمجلس الإسلامي الأعلى القائم على إدارة الأوقاف والمحاكم الشرعية الإسلامية بالبلاد.

تبرعات للأقصى عام 1924

     وفي عامي: 1923-1924م قاد (أمين الحسيني) حملة لجمع التبرعات لترميم المسجد الأقصى، وتم هذا الترميم في عام 1346هجريًّا الموافق عام 1927م، وعند تأسيس بعض أنصار الحركة الوطنية (الحزب العربي الفلسطيني) كان الحاج (أمين الحسيني) زعيمه الروحي والفعلي، وكان للحزب قواعده الشعبية أكثر من غيره.

     وفي عام 1936م أعلن الإضراب العام في فلسطين، الذي استمر ستة أشهر ترأس فيها الحاج أمين الحسيني (اللجنة العربية العليا) للإشراف على الحركة الوطنية الفلسطينية وقتها؛ مما جعل السلطات البريطانية تقرر القبض عليه؛ مما دفعه إلى مغادرة البلاد مرة أخرى فارًا إلى بيروت؛ حيث تابع إشرافه على إدارة الثورة في فلسطين من هناك، ومع بدايات الحرب العالمية الثانية ضعفت قوة الثورة الفلسطينية.

ضغوط بريطانية لملاحقته

      زادت بريطانيا ضغطها على فرنسا صاحبة الانتداب على لبنان حتى تسلمها الحاج (أمين الحسيني)؛ مما دفعه للانتقال سرًّا إلى العراق عام 1939م، ثم انتقل إلى إيران، ومع دخول الإنجليز إيران مع القوات الروسية هرب (أمين الحسيني) إلى تركيا عام 1941م، ومنها إلى إيطاليا؛ حيث غلب على ظنه أفضلية العمل مع دول المحور المعادية لإنجلترا، ورأى أن انتصار الإنجليز والحلفاء (قوات الحلفاء كانت تضم بريطانيا وفرنسا والصين وبولندا، ثم انضمت الولايات المتحدة الأمريكية، بعد قصف اليابان على ميناء بيرل هاربور).

 في الحرب يعني ضياع فلسطين، كما أن دعم دول المحور القوي للفلسطينيين يعد تأييدًا قويًّا للقضية الفلسطينية.

     ولم يكن توجُّه الحاج (أمين الحسيني) إلى دول المحور: (دول المحور هي دول شكلت تحالفا عسكريا في الحرب العالمية الثانية تضم أساسا ألمانيا وإيطاليا ثم انضمت إليهم اليابان وانضم إليهم دول أخرى مثل النمسا ورومانيا وبلغاريا والمجر، وتركيا)؛ لأجل القتال معها أو اعتناقـًا لمذهبها، وإنما كان رغبة في تعاون معها يخدم القضية الفلسطينية، ولاسيما وأنه لا وجود استعماريا لألمانيا زعيمة دول المحور في البلاد العربية، ولم تصطدم -وهي دولة أوروبية- بالشعوب العربية، فكان هذا الذي أداه إليه اجتهاده السياسي.

     وفي روما قابل (موسوليني) المفتي وأبدى تعاطفه مع الشعب الفلسطيني، ولكن المفتي رأى أن توجهه إلى ألمانيا حيث قيادة دول المحور أولى، فتوجه إلى ألمانيا، ومكث بها ثلاث سنوات من منتصف شهر أكتوبر 1941م إلى مايو 1945م بترحيب من زعيمها (هتلر)؛ حيث مارس نشاطه السياسي لخدمة القضية الفلسطينية من هناك، وسعى إلى تكوين جيش عربي بمعاونة ألمانيا، ولكن تراجع ألمانيا في الحرب ثم هزيمتها منعه مِن تحقيق طموحه؛ فلما اشتدت غارات الحلفاء على ألمانيا غادرها في عام 1945م إلى فرنسا التي لم تستجب لمطلب بريطانيا بتسليمه إليها.

إلصاق تهم النازية بالمجاهد الكبير

     وقد تعرض الحاج (أمين الحسيني) لحملة مِن اليهود لإلصاق تهمة التعاون مع النازية إليه، ولكن محاولتهم لم تنجح، وفي عام 1946م استطاع الحاج (أمين الحسيني) الهرب مِن فرنسا سرًّا إلى القاهرة عبْر رحلة طويلة، فكانت القاهرة منفاه الاختياري.

     وحاول الشيخ استئناف نشاطه الوطني من القاهرة، ولكن الأحداث القاسية التي وقعت بعد الحرب العالمية الثانية وترتب عليها ضياع فلسطين، وتولي دعاة القومية العربية الدفاع عن القضية الفلسطينية مِن دون الفلسطينيين - لم تمكنه من التأثير في الأحداث.

وقد قام الشيخ في مارس 1967م بزيارة لمدينة القدس والصلاة في المسجد الأقصى، فكانت زيارته الأخيرة لها، وقد توفي الحاج (أمين الحسيني) -رحمه الله- في 4 يونيو 1974م.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك