رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.عادل المطيرات 23 يوليو، 2017 0 تعليق

صفحات مشرقة من حياة أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها

هذه صفحات مشرقة عن سيرة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق الطاهرة المطهرة المبرأة من فوق سبع سموات عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، التي يجدر بكل مسلم أن يقرأها ويحفظها وينشرها بين الناس، حبا في أم المؤمنين ودفاعا عن عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

نسبها وولادتها

     هي الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر بن أبي قُحافة، كانت تُكنى بأم عبدالله، وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكِنَانية، ولدت في الإسلام، بعد البعثة النبوية بأربع سنوات أو خمس، وكانت امرأة بيضاء جميلة، ومن ثم كان يُقال لها: الحُميراء.

زواجها

     تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة ببضعة عشر شهراً وهي بنت ست سنوات، ودخل بها في شوّال من السنة الثانية للهجرة وهي بنت تسع سنوات، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين» متفق عليه.

     وقد رآها النبي -صلى الله عليه وسلم - في المنام قبل زواجه بها؛ ففي الحديث عنها -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «رأيتُك في المنام ثلاث ليال، جاء بك الملك في سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه، فأقول: إن يك هذا من عند الله يُمضه» متفق عليه.

     ولم يتزوج -صلى الله عليه وسلم - من النساء بكراً غيرها، وكانت تفخر بذلك، فعنها قالت: «يا رسول الله أرأيت لو نزلتَ وادياً وفيه شجرةً قد أُكِل منها ووجدتَ شجراً لم يؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال: في التي لم يرتع منها، تعني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لم يتزوج بكراً غيرها» رواه البخاري، وهي زوجته -صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة كما ثبت في الصحيح.

فضلها

 - عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- «أن النبي -صلى الله عليه وسلم - بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، فقلت: فمن الرجال؟ قال أبوها. رواه البخاري.

- وعنها -رضي الله عنها- فقالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يوماً: «يا عائش، هذا جبريل يقرئُك السلام» فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، تَرى ما لا أرى - تريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم -. رواه البخاري.

- وعن عروة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة: «يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة؛ فإنه والله ما نزل عليّ الوحي في لحاف امرأة منكن غيرها». رواه البخاري.

- روى الشيخان بإسناديهما إلى عائشة «أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ناساً من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما أتوا النبي -صلى الله عليه وسلم - شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم؛ فقال أُسيد ابن حضير: جزاك الله خيراً فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله لك منه مخرجاً وجعل للمسلمين فيه بركه.

- عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ذكر فاطمة -رضي الله عنها- قالت: فتكلمت أنا فقال: «أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة؟» قلت: بلى والله قال: «فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة». رواه الحاكم وصححه الألباني.

-  عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «كمل من الرجال كثيرٌ ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسيا امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». متفق عليه.

- روت من الأحاديث (2210) حديثاً وهي أربع المكثرين من الرواية بعد أبي هريرة وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك رضوان الله عليهم.

خصائصها

     قالت عائشة رضي الله عنها: لقد أعطيت تسعاً ما أعطيتها امرأة إلا مريم بنت عمران، لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أن يتزوجني، ولقد تزوجني بكراً وما تزوج بكراً غيري، ولقد قبض ورأسه لفي حجري، ولقد قبرته في بيتي، ولقد حفت الملائكة بيتي، وإن كان الوحي لينزل عليه وهو في أهله فيتفرقون عنه وإن كان لينزل عليه وإني لمعه في لحافه، وإني لابنة خليفته وصديقه، ولقد نزل عذري من السماء، ولقد خلقت طيبة وعند طيب، ولقد وعدت مغفرة ورزقاً كريماً. رواه أبو يعلى.

ومما ذكره ابن القيم من خصائص أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

- أنها كانت أحب أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إليه كما ثبت عنه ذلك في البخاري وغيره وقد سئل أي الناس أحب إليك قال: (عائشة) قيل فمن الرجال؟ قال: (أبوها).

- أنه لم يتزوج امرأة بكرا غيرها.

- أنه كان ينزل عليه الوحي وهو في لحافها دون غيرها.

- أن الله -عز وجل- لما أنزل عليه آية التخيير بدأ بها فخيرها فقال: «ولا عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك؛ فقالت أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة فاستنّ بها (أي اقتدى) بقية أزواجه -صلى الله عليه وسلم - وقلن كما قالت.

- أن الله -سبحانه- برأها مما رماها به أهل الإفك، وأنزل في عذرها وبراءتها وحيا يتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة، وشهد لها بأنها من الطيبات، ووعدها المغفرة والرزق الكريم، وأخبر -سبحانه- أن ما قيل فيها من الإفك كان خيرا لها، ولم يكن شرا ولا عائبا لها ولا خافضا من شأنها، بل رفعها الله بذلك، وأعلى قدرها، وأعظم شأنها، وصار لها ذكر، بالطيب والبراءة بين أهل الأرض والسماء فيا لها من منقبة ما أجلها.

- أن الأكابر من الصحابة -رضي الله عنهم- كان إذا أشكل عليهم أمر من الدين استفتوها فيجدون علمه عندها.

- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - توفي في بيتها وفي يومها، وبين سحرها ونحرها ودفن في بيتها.

- أن الملَك أَرى صورتَها للنبي -صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتزوجها في سرقة حرير فقال النبي -صلى الله عليه وسلم - إن يكن هذا من عند الله يمضه.

- أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يومها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم - تقربا إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم - فيتحفونه بما يحب في منزل أحب نسائه إليه -صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنهن أجمعين.

علمها

- تلقت -رضي الله عنها- العلم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فأخذت عنه علماً كثيراً طيباً، فكانت من المكثرين في رواية الحديث، ولا يوجد في نساء أمة محمد -صلى الله عليه وسلم - امرأة أعلم منها بدين الإسلام.

- روى الحاكم والدارمي عن مسروق، أنه قيل له: هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم - يسألونها عن الفرائض.

- قال الزُّهري: لو جُمعَ علمُ عائشة إلى علم جميع النساء، لكان عِلم عائشة أفضل.

- عن أبي موسى قال: ما أشكل علينا أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم - حديثٌ قط فسألنا عائشة، إلا وجدنا عندها منه علماً.

- قال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس، أحسن الناس رأياً في العامة.

- قال عروة: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة.

محنتها

     ابتليت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بحادث الإفك الذي اتهمت فيه بعرضها من قبل المنافقين، وكان بلاءً عظيماً لها ولزوجها، وأهلها، حتى فرجه الله بإنزال براءتها من السماء قرآناً يتلى إلى يوم الدين، قال تعالى في سورة النور: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26).

وفاتها

     تُوفيت -رضي الله عنها- سنة سبع وخمسين، وصلى عليها أبو هريرة، ودفنت بالبقيع، وكان لها من العمر: ثلاث وستون سنة وأشهر، رضي الله عنك يا أمنا، يا حبيبة رسولنا -صلى الله عليه وسلم -، يا طاهرة يا مطهرة، وحشرنا الله -تعالى- مع رسولنا عليه الصلاة والسلام في الفردوس الأعلى... آمين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك