رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 2 أكتوبر، 2017 0 تعليق

صفات الله -عز وجل(7)

بعد الانتهاء من الندوة والعشاء الخفيف، اقترب مني ذلك الشاب الذي علق على حديث نزول الله -عز وجل- إلى السماء الدنيا بأننا نستطيع أن نستشهد بهذا الحديث لإثبات صفة الكلام لله -عز وجل-، سألني.

- وهل هناك من ينكر أن الله يتكلم بما شاء متى شاء؟!

- نعم، فرق كثيرة تنكر هذه الصفة لله -عز وجل- وذلك أنهم قالوا: إن كلام الله يستلزم كذا، وكذا، وكذا، والله -عز وجل- مقدس عن هذه الأمور.

- وكيف يمكنهم ذلك والله -عز وجل- يقول في محكم تنزيله: {وكلم الله موسى تكليما}(النساء: 164)، وقال -سبحانه-: {يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي}(الأعراف: 144)، وقال -سبحانه-: {منهم من كلم الله}(البقرة: 253)، وقال -سبحانه-: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب}(الشورى: 51)، وقال -سبحانه-: {فلما أتاها نودي يا موسى}{إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى}(طه: 11-12)، وقال -سبحانه-: {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني}(طه: 14)، وغير جائز أن يقول هذا أحد غير الله.

والأحاديث في إثبات كلام الله -عز وجل- كثيرة، يحضرني منها:

     عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «إذا أحب الله عبدا نادى جبرائيل، فقال: إني أحب عبدي فأحبوه»، فينوه بها جبرائيل في حملة العرش، فيسمع أهل السماء لغط حملة العرش؛ فيحبه أهل السماء السابعة، ثم سماء سماء حتى ينزل إلى السماء الدنيا، ثم يهبط إلى الأرض فيحبه أهل الأرض.

     وكذلك الأحاديث القدسية، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم  يحدث فيها عن رب العالمين، مثلا: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: «قال الله -تبارك وتعالى- وجبت محبتي للمتحابين في وللمتجالسين في وللمتزاورين في وللمتباذلين في». صحيح.

     وفي الحديث الآخر: «قال الله -تعالى-: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة». صحيح.

قال الله -تعالى-: «إذا قبضت من عبدي كريمته وهو بها ضنين لم أرض له ثوابا دون الجنة، إذا حمدني عليها». حسن.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قال الله -تعالى-: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار». متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم  : «قال الله -تعالى-: أَنفقْ يا ابن آدم أُنفقْ عليك». متفق عليه.

شاركنا المجلس اثنان من الحضور، بيد كل منهما (استكانة) شاي، جلسا مستمعين.

- والقرآن كله كلام الله، تكلم به حقيقة، وسمعه جبريل -عليه السلام- ونقله إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، لا أدري لماذا لا يتأدب البشر مع ربهم، ويتوقفون عن التقول عليه -سبحانه- فلا يصفونه بما وصف به نفسه، ولا يقولون بما قال به هو -سبحانه- وتعالى.

- هؤلاء القوم أرادوا أن ينزهوا الله -عز وجل- عن مشابهة المخلوقات، فنفوا عنه بعض الصفات التي أثبتها لنفسه -سبحانه-، ولم يلتزموا بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن صفات الله -عز وجل- لا مجال فيها للاجتهاد، وإنما هي توقيفية، نتعلمها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن لم يسلك طريق الرسول صلى الله عليه وسلم  والصحابة في هذا الباب، ضل؛ فما عرف الله حق معرفته؛ فنقول في صفة الكلام لله -عز وجل- كما نقول في صفة العلم لله -عز وجل- وكما نقول في صفة القدرة لله -عز وجل- وكما نقول في صفة السمع لله -عز وجل-: «إن الله يتكلم كلاما يليق بجلاله لا يشبه كلام المخلوقين، يتكلم بما شاء متى شاء، كلاما مسموعا يسمعه من شاء -سبحانه- ولقد كلم الله نبيه موسى كلاما سمعه موسى -عليه السلام- فقد سمع موسى قول الله -تعالى-: {وما تلك بيمينك يا موسى}؟، وسمع قول الله -تعالى-: {ألقها يا موسى}، فألقى عصاه امتثالا لأمر الله -تعالى- وسمع قول الله -تعالى-: {خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى} فأمسك الحية فعادت عصاه التي ألقاها، كل هذا الحوار حصل على الحقيقة مع موسى -عليه السلام-؛ فلقد اصطفاه الله بكلامه إليه مباشرة، وهذا ثابت في كتاب الله، ويتكلم الله مع ملائكته، ويتكلم يوم القيامة -سبحانه- كلاما يليق بجلاله -عز وجل- وينادي أصحاب الجنة (سلام) حقيقة، ويسمع أهل الجنة هذا الكلام، إننا نؤمن بكل ذلك ونعرف ربنا بهذه الصفة التي أخبرنا عنها -سبحانه- فمن أنكرها لم ينعم بهذه النعمة العظيمة التي هي معرفة الله -عز وجل- كما يحب ربنا ويرضى؛ فإن القلوب لن تجدألذ ولا أنعم ولا أحسن من التعرف على الله -سبحانه- وصفاته -سبحانه-، وهذه أعظم وسيلة يحبها الله للتقرب إليه، ويحب من يحبها، ويحب من يستعملها ويبحث عن معانيها ويتعبده بها -سبحانه وتعالى.

معتمدنا في كل ذلك اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فنصف الله بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ولا نتعدى ولا نتجاوز ولا نلحد في أسماء الله وصفاته -سبحانه وتعالى.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك