رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 22 مارس، 2018 0 تعليق

صفات الله عز وجل(30) يجب الإيمان بصفات الله كلها

- لا ينبغي لمسلم أن يؤمن بصفات معينه لله -عز وجل- وينفي أخرى بناء على قبول عقله لتلك الصفات من عدمه

- هل لك أن توضح كلامك وتخصصه أو تبينه بأمثلة؟

- كنت و(أبو إبراهيم) مؤذن مسجدنا، جالسين في استراحة الإمام، بانتظار الكهربائي لتعديل بعض مفاتيح الإنارة الداخلية للمسجد.

- مثلا: لا أحد ينكر صفة (السمع) لله -عز وجل- وأن سمعه -سبحانه وتعالى- يليق بجلاله، لا يشبه سمع المخلوقين، وأنه -سبحانه- يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، وثبت في كتاب الله أنه -سبحانه- يسمع كل شيء {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}(المجادلة: 1)، وقال -تعالى-: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}(آل عمران:181)؛ فلا ينكر أحد صفة (السمع) لله، ولكنهم ينكرون صفة (نزول الله) إلى السماء الدنيا، أو صفة (اليد) لله، أو صفة (الأصابع)؛ لأن عقولهم لا تقبل ربا له (يد)، أو له (يدان)، أو له (أصابع)، أو له (وجه)؛ وذلك أنهم يتخيلون هذه الصفات كما هي للمخلوق؛ فينفونها عن الله -عز وجل- مع أن القول في جميع الصفات واحد.

     نثبت لله ما أثبته لنفسه في القرآن أو السنة دون تكييف، ولا تمثيل، ولا تشبيه، ولا تعطيل، ولا تأويل، وجميع صفاته تليق بعظمته، وجلاله، ولا تشبه صفات المخلوقين؛ فعلمه لا يشبه علم المخلوقين، وقوته لا تشبه قوة المخلوقين، وسمعه لا يشبه سمع المخلوقين، ووجهه -سبحانه- لا يشبه وجه المخلوقين، ويداه لا تشبه أيادي المخلوقين، وأصابعه لا تشبه أصابع المخلوقين، ونزوله لا يشبه نزول المخلوقين، ومجيئه لا يشبه مجيء المخلوقين، وبطشه لا يشبه بطش المخلوقين، وهكذا في جميع الصفات، طالما أخبرنا الله عن صفة من صفاته لا يحق لنا أن ننكرها، أو نتأولها، أو نشبهها، بل نؤمن بها كما جاءت؛ لأن ذلك من الإيمان بالله.

- هذا علم جديد بالنسبة لي.

- أنت -زادك الله علماً- متخصص في القراءات، وتحفظ القرآن بالقراءات السبع، وتمنح إجازات في حفظ القرآن، وهذه نعمة عظيمة، ومع ذلك ينبغي أن تعرف هذه القواعد العامة في باب صفات الله -عز وجل.

- صدقت، وهي قاعدة سهلة ميسرة، ويمكن لأي أحد أن يفهمها ويطبقها، تعال نطبقها على صفة من صفات الله:

- ذكر لي آية فيها صفة (الساق) لله -عز وجل.

- {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ}(القلم: 42).

- أحسنت، يمكن أن نذكر حديث النبيصلى الله عليه وسلم  الذي يبين هذه الآية؟

- قالصلى الله عليه وسلم : «يكشف ربنا عن ساقه؛ فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة؛ فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا»البخاري.

     وفي صحيح مسلم: «فيبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر ثم يتبدى الله لنا في صورة غير صورته التي رأيناه فيها أول مرة؛ فيقول: أيها الناس، لحقت كل أمة ما كانت تعبد وبقيتم، فلا يكلمه يومئذ إلا الأنبياء فارقنا الناس ونحن كنا إلى صحبتهم أحوج، لحقت كل أمة ما كانت تعبد، ننتظر ربنا الذي كنا نعبد؛ فيقول: أنا ربكم؛ فيقولون: نعم؛ فيكشف عن ساق؛ فيخرون سجدا أجمعين، ولا يبقى أحد كان، يسجد في الدنيا سمعة ولا رياء ولا نفاقا إلى على ظهره طبق، وأخذ كلما أراد أن يسجد، خر على قفاه، ثم يرفع برنا ومسيئنا، وقد عدل لنا في صورته التي رأيناه فيها أول مرة؛ فيقول: أنا ربكم؛ فنقول: نعم.

- وما المانع أن نقول: إننا نثبت لله ساقا تليق بجلاله، لا تشبه ساق المخلوقين؛ فلا ننكر ولا نشبه ولا نؤوِّل؛ فقد كفانا الرسول صلى الله عليه وسلم ببيان المعنى بما أوحى إليه رب العالمين -سبحانه وتعالى.

- نعم، هذه هي العقيدة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن سار على هديهم. في تفسير (فتح القدير) يكشف ربنا -تبارك وتعالى- عن ساق عظيمة، جلت عظمتها وتعالى شأنها أن يكون لها نظير، أو مثيل، أو شبيه؛ فتنكير (ساق) في الآية للتعظيم والتفخيم.

- وماذا عن تفسير (الكرسي) في قوله -تعالى-: {وسع كرسيه السموات والأرض}(البقرة: 255)؟

- أظنك تعلم أن أفضل التفاسير ما فسر بالآيات، ثم ما فسر بأحاديث النبيصلى الله عليه وسلم.

- نعم.

- ثبت في صحيح البخاري ومسلم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال جهنم يلقى فيها، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه؛ فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قط، قط». أما في تفسير (الكرسي)؛ فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه وأبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، الكرسي: موضع القدمين.

وكما هي  القاعدة المعلومة عند طلبة العلم أنه لا مجال للقول في الرأي في هذه القضايا الغيبية؛ فلها حكم المرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، أي كأنه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- مرة أخرى ما المانع أن نقول: إن لله قدمين تليقان بجلاله، لا تشبه أقدام الخلق؟ فلا نؤوِّل هذه الصفة لله -عز وجل.

- إن خطورة عدم إثبات هذه الصفات لله -عز وجل- هو التعدي على الله، وعدم تحقيق الإيمان بالله، كما يريد ربنا ويرضى، لقد أراد الله أن يبين لنا بعض صفاته، وهو أعلم بنا، وأعلم بما نستطيع أن نحققه، سواء في العقيدة أم في العبادة أم المعاملة، أم في غير ذلك؛ فأخبرنا الله في القرآن وبوحي إلى الرسولصلى الله عليه وسلم عن بعض صفاته وبعض أسمائه؛ فلا ينبغي لنا أن ننكر اسما من أسمائه الحسنى التي أعلمنا إياها، ولا ينبغي أن نضيف له -سبحانه وتعالى- اسما لم ينزله إلينا في القرآن والسنة، وكذلك لا ينبغي لنا أن ننكر صفة من صفاته، كما لا ينبغي لنا أن نصفه بما لم يصف به نفسه -عز وجل- هذه الأمور اختص الله بها، ويجب علينا الإيمان بها استسلاما دون أن نعمل عقولنا في قبولها أو ردها، وإلا فقد قصرنا في تحقيق الإيمان بالله الذي هو أول أركان الإيمان.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك