رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 15 أكتوبر، 2017 0 تعليق

صفات الله عز وجل (8)

     ينبغي على العبد أن يذكر نفسه دائما أن صفات الله ليست كصفات المخلقوين: (ليس كمثله شيء) سبحانه، وأي صفة لله لا ينبغي أن يربطها بصفات المخلوقين؛ فليس العلم كالعلم ولا القوة كالقوة ولا الاستواء كالاستواء ولا اليد كاليد ولا السمع كالسمع، دائما يثبت لله الصفة ويقول: «كما يليق بجلاله -سبحانه- لا يشبه شيئا من خلقه ولا ننكر صفة وصف بها نفسه سبحانه»، وبهذا المنطق يعرف العبد ربه كما يحب الله -سبحانه وتعالى- ويرضى.

- أراك تكثر من قول «يعرف العبد ربه».

- وهل هناك أسمى وأشرف من أن يتعرف العبد على ربه بأسمائه -سبحانه- وصفاته؟ وهل هناك عبادة أحب إلى الله من أن يتعرف العبد عليه -سبحانه؟ هذا العلم يورث إيمانا في القلب لا يورثه أي علم آخر، الآيات التي فيها أسماء الله وصفاته هي أعظم آيات القرآن، والأذكار التي فيها أسماء الله وصفاته هي أشرف الأذكار، والأدعية التي فيها أسماء الله وصفاته هي أنفع الأدعية والذي يميز العباد يوم القيامة وينجيهم من أهوال يوم القيامة، هو معرفة الله -عز وجل-، فمن عرف الله كما يحب ربنا ويرضى، يعرف كيف يعبده؟ وكيف يدعوه؟ وكيف يتقرب إليه؟ وكيف يناجيه؟ وكيف يلجأ إليه؟ وكيف يشكره؟ وكيف يحمده؟ إنه أشرف وأعظم وأثمن علم يمكن للعبد أن يبذل عمره كله فيه.

كنت وصاحبي جلوسا في المسجد الذي خلا من جميع المصلين بين العشائين وقد أخذ كل منا مصحفه ليقرأ حزبه اليومي، سألني.

- تحدثنا عن صفة نزول الله -عز وجل- إلى السماء الدنيا، فماذا عن صفة مجيئه يوم القيامة؟

- هنا دعني أذكر قاعدة أخرى بعد أن ذكرنا أننا نؤمن بما وصف الله به نفسه دون تشبيه أو تعطيل أو تأويل، قاعدة أخرى ينبغي على العبد أن يذكر بها نفسه، {أن الله على كل شيء قدير}، يفعل ما يشاء -سبحانه- متى شاء،  دون أن نعرف نحن الكيفية، وبذلك نقول: إن الله ذكر في كتابه أن يجيء يوم القيامة للفصل بين العباد الذين وقفوا في المحشر ينتظرون رب العزة ليفصل بينهم، ففي الحديث المتفق على صحته عند (البخاري ومسلم):  إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله -سبحانه- من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغير أهل الكتاب. فيدعى اليهود، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله! فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد. فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربنا، فاسقنا؛ فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار، ثم يدعى النصارى، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ما تبغون؟ فيقولون: عطشنا، يا ربنا فاسقنا، قال: فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنهم سراب، يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار.

     حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، أتاهم رب العالمين -سبحانه وتعالى- في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال: فماذا تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد. قالوا: يا ربنا، فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم، ولم نصاحبهم، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئاً (مرتين أو ثلاثاً) حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب. فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاءً ورياءً إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خرَّ على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا. ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة».        للحديث بقية

 

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك