رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 24 أغسطس، 2017 0 تعليق

صفات الله -عز وجل (2)

 

كنا في طريق عودتنا إلى منازلنا مشيا؛ لقرب المسافة، فقد كان الديوان في الجهة الأخرى من الحي الذي نسكنه.

- لنكمل حديثنا عن القواعد في صفات الله -عز جل.

- أين كنا قبل انقطاع حديثنا؟

- ذكرت أن صفات الله -عز وجل- تليق به -سبحانه- ولا تشبه شيئا من صفات المخلوقين وإن اتحد اللفظ أحيانا، فـ(العليم) في حق الله ليس كـ(العليم) في حق البشر، و(العظيم) في حق الله ليس كـ(العظيم) في حق المخلوقات، وأيضا ذكرت أن أسماء الله تدل على صفات الله -سبحانه-، فيمكن اشتقاق صفة من كل اسم من الأسماء الحسنى، أما صفات الله فلا يشتق منها أسماء لله -عز وجل-، مثل قول الله -تعالى-: {إن الله يفعل ما يريد} (الحج:14)، أو قوله -تعالى-: {ولكن الله يفعل ما يريد} (البقرة:253)، لا نشتق من هذه الصفة اسم (المريد) لله -عز وجل.

أعجبني فهم صاحبي، وحفظه للموضوع.

- أراك حفظت الموضوع من المرة الأولى.

- نعم؛ فهو موضوع أثار اهتمامي، وكما قلت ليس هناك أشرف ولا أقدس من أن يتعلم المرء أسماء الله وصفاته، ويتعرف على ربه بطريقة صحيحة، فيعبده على بينة، ويدعوه على بصيرة، ويملأ قلبه باليقين تجاه الله -عز وجل.

- أحسنت يا (أبا مهند)، لنكمل حديثنا حتى نبلغ منازلنا.

- جميع صفات الله -عز وجل- لا يشركه فيها أحد ولا يشبهه فيها شيء: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (الشورى:11)، والحديث عن صفات الله -سبحانه- مثل الحديث عن ذات الله -عز وجل-، تنزيها وتقديسا وإيمانا ويقينا، ولا يحتاج المرء إلى علم الكلام ولا الفلسفة ولا المنطق ليعرف صفات الله كما يريد الله، ويؤمن بهذه الصفات كما يحب الله -عز وجل-؛ فقد أنزل القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يتلوه على صحابته، وأغلبهم (أميّ) لا يقرأ ولا يكتب، وإنما يسمع ويفهم ويؤمن دون حاجة إلى فلسفة المتكلمين، ولا كلام المتفلسفين، فكان يقرأ عليهم -صلى الله عليه وسلم -: {الرحمن على العرش استوى} (طه:20)، ولم يسأله أحد عن المراد بهذه الآية، ولا عن معناها؛ لأنهم فهمهوها، ولو كانت بحاجة إلى بيان، لفعل ذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم -؛ لأن من مهماته أن يتلو ويعلم ويبين -صلى الله عليه وسلم - فما فعل شيئا من ذلك، وإنما فهم الجميع مراد الله وآمنوا بما أنزل من عند الله، وعندما أتى بعد عهد الصحابة، من أراد أن يغير مراد الله، ويتدخل في هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أجاب عليهم الإمام مالك بن أنس: «الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والسؤال عن ذلك بدعة والإيمان به واجب»، وكان -صلى الله عليه وسلم - يطرد عن مجلسه من يتحدث عن صفاته الله -عز وجل- بهواه.

استوقفني صاحبي.

- هل نستطيع أن نطبق قول الإمام مالك على جميع صفات الله -عز وجل؟

- نعم في جميع الصفات الثابتة في القرآن أو السنة الصحيحة، نقول: إن «الصفة معلومة والكيفية مجهولة والسؤال عن ذلك بدعة والإيمان به واجب»، مثلا صفة المجيء الله -عز وجل- يوم القيامة، كما قال -سبحانه-: {وجاء ربك والملك صفا صفا} (الفجر:22)، نقول: «المجيء معلوم والكيفية مجهولة، والسؤال عنه بدعة والإيمان به واجب»، وهكذا في جميع الصفات، لا نقول (كيف؟)، «كيف استوى على العرش؟»، «كيف ينزل ربنا كل ليلة؟»، «كيف يكون لله يد؟»، «كيف يسمع ربنا؟» «كيف يرى ربنا؟» «كيف يكون لله وجه؟»، «كيف يحب ربنا؟»، «كيف يغضب ربنا؟»، وهكذا لا نسأل (كيف) في الصفات تسلم!

- قاعدة جميلة ومنطقية، فقد أمر الله الجميع أن يؤمنوا بما أنزل في كتابه، ولا شك أن في الناس من لا يعرف شيئا عن الفلسفة، ولا عن علم الكلام، فلا يمكن أن يتوقف معرفة صفات الله -عز وجل- على العلماء والمتخصصين، وماذا بعد من قواعد؟

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك