رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 10 أبريل، 2018 0 تعليق

صفات الله عز وجل- أين الله؟

 

     سؤال هل يجوز أن نسأل (أين الله؟)، أجاب عنه أعلم الخلق بالله محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففي صحيح مسلم، عن معاوية بن الحكم قال: «كانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد، فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمنا  وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، لكن صككتها صكة فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعظم ذلك علي قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: أئتيني بها؟ فأتيته بها فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت أنت رسول الله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: أعتقها فإنها مؤمنة» ولذلك لا حجة لمن يقول «لا يجوز أن يسأل المسلم هذا السؤال» أو يعده عملا شنيعا وقولا قبيحا، أو أن يقول الجواب عنه أن الله في كل مكان، كل ذلك ليس وفق هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا العقيدة التي جاء بها من عند الله.

- هل تعلم العقيدة بهذه السهولة؟

- نعم، إذا اتبعنا هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بعث في أمة أمية أي أن أغلبها لا يقرأ ولا يكتب، كان - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم كل ما يجب تعلمه في العقيدة وأولها الإيمان بالله، بأسمائه وصفاته وعبادته.

ففي الحديث المتفق على صحته، عن أبي موسى الأشعري قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير فقال - صلى الله عليه وسلم - «يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم؛ إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا بصيرا وهو معكم والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته»، فبين لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الله سميع قريب، يسمع دعاءهم فلا حاجة أن يرفعوا أصواتهم بالذكر والدعاء، وفي حديث الدجال قال - صلى الله عليه وسلم -: «ما كانت فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة أكبر من فتنة الدجال، ولا من نبي إلا وقد حذر أمته ولأخبرنكم بشيء ما أخبره نبي قبلي: إنه أعور ثم وضع يده على عينه وقال: أشهد أن الله -عز وجل- ليس بأعور» (السلسلة الصحيحة)، بهذه الكلمات كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحدث أصحابه، ويفهمون مراده، يقول لهم: إن الله له عينان تليق بجلاله -عز جل- وأنه ليس بأعور والدجال أعور، وذلك أن الدجال يدعي الألوهية، وهكذا في جميع الأحاديث التي تذكر صفات الله -عز وجل-، يحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عن الله بكلمات يفهمها من حوله، ويؤمنون بها، دون السؤال عن الكيفية أو المعنى الخفي المراد أو هل الأمر على الحقيقة أم المجاز.

- هل لك أن تذكر لنا بعض الأمثلة من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له».

وفي رواية لمسلم (صحيح) «إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله -تبارك وتعالى- السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فيعطى هل من داع فيستجاب له هل من مستغفر يغفر له حتى ينفجر الصبح».

عن أبي موسى قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ينزل ربنا -تبارك وتعالى- إلى سماء الدنيا ليلة النصف من شعبان فيغفر لأهل الأرض إلا مشرك أو مشاحن» (صحيح لغيره).

     ويجب التذكير دائما بأنه لا ينبغي السؤال (كيف؟) في صفات الله -عز وجل-؛ لأن القول في الصفات كالقول في الذات؛ فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله؛ فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل سائر الصفات؛ فإذا قال السائل كيف ينزل ربنا؟ قيل له كما قال ربيعة ومالك وغيرهما -رضي الله عنهم-: «النزول معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عن الكيفية بدعة»؛ لأنه سؤال عما لا يعلمه البشر ولا يمكنهم الإجابة عنه، وذلك إذا قال كيف ينزل ربنا إلى السماء الدنيا؟ قيل له: كيف هو؟ فإذا قال: لا أعلم كيفيته، قيل له: ونحن لا نعلم كيفية نزوله؛ إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف وهو فرع له وتابع له فيكف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه وبصره وتكليمه واستوائه ونزوله وأنت لا تعلم كيفية ذاته؟ وإذا كنت تقر بأن له حقيقة ثابتة في الأمر نفسه مستوجبة لصفات الكمال لا يماثلها شيء؛ فسمعه وبصره وكلامه ونزوله واستواؤه ثابت في الأمر نفسه وهو متصف بصفات الكمال التي لا يشابهه فيها سمع المخلوقين وبصرهم وكلامهم ونزولهم واستواؤهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك