رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 8 أبريل، 2014 0 تعليق

صفاء الشحادات، مندوبة اللاجئين السوريين في جرش لـ«الفرقان» اللاجئـون السوريون في جرش بين ألم الجوع وخطــر التنصير


الوضع مأساوي لا يقف عند حدود الحاجة للطعام والشراب، وإنما تعداه لحملات تنصيرية وتبشيرية ممنهجة من النصارى والروافض على حد سواء

من أهم الاحتياجات التي يحتاجها اللاجئون السوريون التي قد لا ينتبه لها الكثيرون، حاجتهم للعلم الشرعي وتبصيرهم بأمور دينهم

النظام البعثي العلماني النصيري ضرب الجهالة على السوريين طيلة العقود الماضية، وكثير منهم من عوام أهل السُنَّة الذين بقيت فيهم الفطرة والانتماء للمسلمين

 

 

في كل يوم يطول فيه أمد الثورة السورية يتكبّد السوريون عناء اللجوء الذي فُرض عليهم جراء الصراع والمعارك الدائرة في بلدهم، وبات لكل منهم قصته الخاصة في البحث عن ملجأ جديد إثر تغير ظروفهم وأوضاعهم المعيشية منذ بداية تلك الأزمة الطاحنة.

وتشكل أزمة اللاجئين السوريين في الأردن أحد هذه القصص المؤلمة بل والقاسية؛ فقد أشارت الإحصائيات الأخيرة للأمم المتحدة أن عدد اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي الأردنية بلغ (591 ألفا و176 فردًا) منهم (136 ألفا و952 فردًا) يعيشون في مخيمات تم إقامتها لإيوائهم بها.

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن «مصدر مسؤول في إدارة مخيمات اللاجئين السوريين» القول أن  (516) لاجئًا سوريًا دخلوا إلى الأردن مؤخرًا هربًا من تصاعد الأزمة التي تشهدها بلادهم منذ نحو ثلاثة أعوام، ومن المناطق التي لا يسمع عنها الكثيرون وتتعرض لمأساة حقيقية هي منطقة (جرش)، وما فاقم مأساة اللاجئين لتلك المدينة أنها لم تقف فقط عند حد المأكل والملبس والمسكن، ولكن تعدَّت ذلك إلى التهديد في العقيدة، ومحاولات التنصير المستمرة.

 

-  وللوقوف على حقيقة هذه المأساة حاورت الفرقان السيدة: صفاء الشحادات، مندوبة اللاجئين السوريين في جرش للتعرف على أوضاع هؤلاء المنكوبين والمأساة التي يتعرضون لها وسألناها بداية عن الوضع في (جرش) فقالت مشكورة:

-  بداية أشكر للفرقان إتاحة هذه الفرصة، في الوقت الذي يجهل فيه الكثيرون حقيقة ما يجري لنا في هذا المكان، فإن السوريين في محافظة جرش يتعرضون لوضع مأساوي بمعنى الكلمة، وكما ذكرت في المقدمة، لا يقف هذا الوضع عند حدود الحاجة للطعام والشراب فقط، وإنما يتعرض السوريون لحملات ممنهجة من التنصير والتبشير من النصارى والروافض على حدٍ سواء، وعموماً فإن السوريين في المملكة الأردنية يحصلون من برنامج الغذاء العالمي على كوبون غذائي بقيمة (24 ديناراً)، لكل فرد شهريًا لمن يحصل على (مفوضية) من هيئة الأمم المتحدة، ومن لا يملك (مفوضية)، غير مشمول ببرنامج الغذاء العالمي وهم قلة في جرش ولله الحمد.

     والدعم المقدم للسوريين في (جرش) من الهلال الأحمر الأردني بالتعاون مع الهلال الأحمر الكويتي هو برنامج كوبون الخبز بمعدل (نصف دينار) لكل عائلة، ولكن تنفيذ المشروع كان يتم  كل شهرين مرة، أو كل ثلاثة  أشهر تقريبًا، وكان من ضمن المشروع توزيع أربعة طرود تحتوي على منظفات، وطردين غذائيين وتسعة بطانيات كانت تعطى على دفعات لكل عائلة، وأيضًا تم تقديم بطاقات صرف لمدة سنة عن طريق الهلال الأحمر الأردني وبالتعاون مع برنامج سويسرا، والشيخ/ بدر الحجرف من الكويت؛ حيث كانت قيمة المساعدات كالتالي: خمسين ديناراً للعائلة المكونة من فرد أو فردين، ومائة دينار للعائلة المكونة من ثلاث أو أربعة أو خمسة أفراد، مائة وعشرون ديناراً للعائلات الأكثر من خمسة أشخاص، وتمت زيادتها في موسم الشتاء بقيمة 70 ديناراً فقط فوق الراتب المقرر .

-  إذًا أين المشكلة طالما أن المساعدات تتم بهذه الطريقة؟

-  للأسف لم يكن مشروع بطاقة الصرف شاملاً جميع العائلات في (جرش) المسجلة في الهلال الأحمر الأردني، وتم اختيار العائلات من قبل الهلال الأحمر الأردني بالتعاون مع الأمم المتحدة  وبناءً على هذا البرنامج أوقفت الأمم المتحدة (المفوضية) أي الدعم الذي كانت تقدمه لهذه العائلات، وتم إحالتهم إلى بطاقات الهلال الأحمر الأردني مع العلم أن الهلال الأحمر الأردني أوقف التسجيل فيه منذ شهر أبريل 2013؛ حيث لم يتم تسجيل أي عائلة جديدة  منذ سنة تقريبًا، وبقيت مساعدات الهلال الأحمر الأردني المذكورة سابقًا محصورة فقط بالعائلات المسجلة لديهم قبل تاريخ شهر أبريل 2013، مما تسبب بمشكلة كبيرة للعائلات اللاجئة حديثًا إلى جرش.

-  وماذا عن باقي الجمعيات؟

-  بالنسبة لباقي الجمعيات وهم (جمعية مركز عثمان)، و(جمعية الكتاب والسُنَّة)، فالدعم المقدم لهم ومنهم كان محدودًا ولفترة بسيطة، و(جمعية مركز مخيم سوف) كانت مقتصرة على مساعدة (60) عائلة سورية موجودة في المخيم نفسه ولم تكفهم أصلاً بحاجاتهم الضرورية مثل الغاز والتدفئة.

-  هل من مشكلات أخرى يواجهها اللاجئون في جرش؟

-  من أهم المشكلات والتحديات عدم معرفة أهل الخير بوجود هؤلاء الناس وبحقيقة وضعهم، ومن طريقة توزيع المساعدات في الجمعيات التي تمت بشكل عشوائي لا يتبع إلى نظام ودراسة فعلية مرتبطة بحقيقة وضع كل عائلة سورية تقدم لها أي مساعدة.

     ومن ألمي لما رأيت من بعض الجمعيات من سوء تعامل والنطق بألفاظ تسيء للإسلام بالدرجة الأولى، والمسلمين والتعامل الأخوي بالدرجة الثانية، بدأت وبالتعاون مع أشخاص بزيارات ميدانية إلى العائلات السورية في (جرش) وبشكل مفاجئ ورؤية الواقع ومعرفة الوضع والاستماع لهم ولقصتهم ومعاناتهم وطلباتهم، فكم وجدت من أسر عفيفة  لم تسجل في جمعيات، ولا يعرف أحد بهم والله شاهد على وضعهم ومعاناتهم، وقمنا بتسجيل العائلات التي أجرينا لها مسحا ميدانيا، وتصوير أغلب البيوت والعائلات طبعًا بعد أخذ الموافقة منهم، وتم تقديم الدعم المعنوي لهم، وحثهم على الصبر والتعلق بالله، وأن الرزق من الله، وأن البشر أسباب، وأن الله مسبب الأسباب، وتم إحصاء عدد العائلات السورية في كل منطقة قمنا بزيارتها ومن ذلك على سبيل المثال:

- في منطقة (سوف) يوجد (140) عائلة سورية نعرف بيوتهم ونعرف وضعهم والمساعدات التي تلقوها والحاجات التي تنقصهم وهم منظمون عندنا حسب وضعهم.

- وفي منطقة (بليلا) يوجد (180) عائلة سورية وكذلك العدد في (نحلة)، و(ساكب)، و(المسطبة) و(الرشايدة)، وغيرها من الأماكن كلها معروفة لدينا ومعروفه حاجاتهم وأوضاعهم ولله الحمد.

- وفي منطقة (المشيرفة) يوجد (50) عائلة سورية لا يعرفون لمن تتبع هذه المنطقة من المحافظات إلى (جرش)، أم إلى (إربد)، أم إلى (المفرق) ليتوجهوا للمطالبة بحقوقهم أو أين يسجلون، ولا علم لأحد من أهل الخير أو الجمعيات بهم، ووجدت منهم من يسكن في حظائر للغنم أعزكم الله، فهم أناس بسيطون جدًا أغلبهم من أهل (الغوطة الشرقية) في سوريا، والحمد لله تم ومن خلال دعوة - لجنة سوريا نحن معكم قولا وعملا- في السعودية لزيارة هؤلاء الناس ورأوا حقيقة الوضع، وتم وبفضل الله نقل العائلات التي تسكن في هذه الحظائر وإسكانهم ببيوت أفضل في منطقة (النعيمة) والتكفل بإيجار البيت، وأيضًا تم تقديم الدعم المادي لكل العائلات وكسوة البيوت بكامل الأشياء المطلوبة من برادات وغسالات وبطانيات ومدافئ وغيرها من اللوازم، وتم أيضًا إنجاز (حملة دفء الحرمين) مع هذه اللجنة شملت (75) عائلة سورية فقط وكفالة (17) عائلة سورية في جرش براتب شهري، ولكن للأسف يوجد كثير من هذه الحالات هنا في جرش ولكن لم نتمكن من مساعدتهم، ونرجو من أهل الخير الإسهام في مساعدة هؤلاء المنكوبين.

     وقد توجهنا إلى عدد من الجمعيات الموجودة في محافظات مثل (المفرق) و(إربد) وغيرهم لتقديم الدعم إلى هؤلاء المحتاجين هنا، ولكن للأسف كانت دائمًا عبارات الرفض وعدم القبول هي المتكررة من الجميع فضلا عن عبارة أننا لم نكفِ حاجة السورين هنا حتى نوسع نشاطنا في محافظات أخرى.

-  هل لديكم إحصائيات دقيقة بعدد اللاجئين السوريين في (جرش)، وأهم الاحتياجات التي تنقصهم؟

-  عدد العائلات السورية الموجودة في (جرش) وريفها (4500) عائلة سورية، وستجد من ضمنهم وبنسبة كبيرة من لم يتلق أي مساعدة من أحد حتى منا، وعندهم نقص في أشياء كثيرة من أساسيات البيت طبعًا، فضلا عن الحاجة الضرورية وهي إيجار البيت، فبعض الناس يضطر إلى بيع كوبون الغذاء من أجل دفع الإيجار، والجملة المشهورة عندهم: (لا نريد أن نأكل أو نشرب، المهم أن ندفع إيجار البيت لكي لا نصبح بالشارع)، (بيت يؤوينا ولا طعام يغذينا)، واسمحوا لي أن أخبركم أنه وفي أحد الجولات أصرت علي إحدي الأخوات على مساعدتها ببطانيات رغم أن بيتها خال، وسألتها لم تصرين على البطانيات دون الأشياء الأخرى فأجابت لأغطي بناتي عندما أصبح بالشارع لأني لا أقدر على دفع الإيجار.

     ومن أهم الاحتياجات التي يحتاجها اللاجئون السوريون التي قد لا ينتبه لها الكثيرون، حاجتهم للعلم الشرعي وتبصيرهم بأمور دينهم، وتوعيتهم، فكما هو معروف لدى الجميع أن سورية كانت تسودها غيمة من التجهيل القصري بالأمور الإسلامية؛ لذلك فالناس هنا في أشد الحاجة إلى توعيتهم وحثهم على العودة إلى الله، واللجوء إليه، والتعلق به، ونصرة دينه، ومعرفة الأمور الأساسية في دين الله عز وجل بشكل صحيح مثل الصلاة والوضوء وقراءة الفاتحة وغيرها من الأمور التعبدية، ونهدف من ذلك أن نعود بإذن الله إلى سورية بداعيات ينصرن الإسلام والمسلمين.

-  هل نظمتم أي أنشطة وفعاليات في هذا المجال؟

-  نعم ولا شك، فقد بدأنا بالقيام بدورات في العقيدة والفقه، وأيضًا مسابقات حفظ الأحاديث مثل الأربعين النووية، وغيرها، كما تشمل تلك الدروس أيضًا المنهج المدرسي، وأريد الإشارة إلى أن هذه الأنشطة لا تحتاج سوى القليل من الدعم ومع ذلك فقد توقفنا منذ فترة لعدم وجود هذا الدعم البسيط؛ لذا فإننا لم ننجز سوى ثلاث دورات فقط، والحمد لله على كل حال.

-  ننتقل إلى قضية مهمة جدًا التي ذكرتها في مقدمة كلامك، وهي قضية التنصير، فما حقيقة هذا الأمر؟

-  مع الأسف الشديد هذه القضية قضية حاصلة بالفعل، ولا يستطيع أحد إنكارها، لدرجة وصلت أنه يتم تنظيم رحلات منتظمة للأطفال، عن طريق شخص اسمه بشارة؛ حيث كان يوزع عليهم دفايات وبطانيات على شرط أن ينادوه (عمو بشاره)، ومع الأسف أصبح هذا الشخص رمزًا لأطفال سوريا في الأردن، وكذلك الحال في منطقة (الأغوار)؛ حيث قاموا بوشم الأطفال بالصليب، إلا أن الله وفق أحد الشيوخ لإزالة هذا الوشم عن طريق عملية جراحية، والمأساة ضخمة وما خفي كان أعظم.

ويكفي أن أنقل لكم هنا نداء الداعية السورية (غادة النادي) الذي وجهته للأمة الإسلامية وقالت فيه:

     «إن ما يحدث في الداخل السوري من قتل وذبح ومجازر وتمثيل بالأحياء والأموات، أرحم مما يحدث في مخيمات اللجوء بالأردن، شاهدت تقريرًا إخباريًا (أمريكيا) من مخيمات اللاجئين السوريين (بجرش) الأردنية، والمشهد يعج بالآتي: مجموعة كبيرة من اللاجئين السوريين: نساء، بنات، أطفال، شيوخ، شباب مع مجموعة من حوالي 22 فردًا (نساء ورجال) تابعين لإحدى الجمعيات التبشيرية الأمريكية، يحملون معهم صنوفًا هائلة من أفخم الثياب، والأغطية، والأطعمة، والابتسامات، والقُبل وكلمات المواساة بأحضان دافئة.!!

مُقدمة التقرير: صورة كبيرة لتمثال مسيحهم، إلههم المصلوب القابع بإحدى جبال (جرش)، ثم تنتقل الكاميرا للتركيز على حجاب أخواتي من السوريات، ولحى إخواننا من السوريين!

     ويأتي صوت رئيسة البعثة التبشيرية النصرانية: ها هم أولاء أهل السُنَّة من سوريا يقبلون (مسيحنا) مُخلِّصًا لهم، يداوي جراح ما فعلته بهم حرب «إخوانهم» من «المسلمين» ويقدم لهم الخلاص في الدنيا «طعام، وغطاء، ودواء، ورحمة».. ويقدم لهم الخلاص في الآخرة «مغفرة و جنة»!

ثم تظهر شابة سورية مسلمة بزيها الإسلامي «الشرعي» وتُلقنها رئيسة البعثة، وتردد الفتاة خلفها: نعم آمنت بالمسيح إلهًا ومُخلِّصًا وبعد أن ينتهيا يتعانقان، وينفجران في نوبة بكاء هستيري.

ثم تدور الكاميرا على بقية إخواننا السوريين، منهم من يبتسم ويُقبِّل الصليب، ومنهم من يتوارى بنظراته الغارقة في الحسرة والأسى خجلاً من أن يراه أحد وهو على مشارف الكفر بالله تعالى، أو وهو يُردد كلمات الكفر حتى لا يموت هو وصغاره بردا وجوعا!!

     ما أعظم مصاب إخواننا السوريين، تخلى العالم عنهم، وأسلمهم لأعداء مجرمين لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، سرقوا منهم حياة أطفالهم، وأعراض نسائهم، وأملاكهم وديارهم، وأخرجوهم من أرضهم أذلة مكرهين، ثم تلقفتهم أيادي المنصرين تريد سرقة إيمانهم وهو أعز ما يملكون، فلعمري ماذا يبقى لهم إن فقدوا إيمانهم مع ما فقدوه من دنياهم؟!

     إن النظام البعثي العلماني النصيري قد ضرب الجهالة على السوريين طيلة العقود الماضية، وكثير منهم من عوام أهل السُنَّة الذين بقيت فيهم الفطرة والانتماء للمسلمين، لكن ليس لديهم حصانة من علم تقيهم التنصير، أو يعرفون بها خطره على أنفسهم وأولادهم، ولاسيما النساء والأطفال، وهم أكثر اللاجئين، فواجب على العلماء وطلاب العلم أن ينفروا لمخيمات اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان والأردن لتحصينهم بالعلم والدعوة ضد جهود المنصرين، وواجب على أثرياء المسلمين أن يسدوا حاجة هؤلاء اللاجئين؛ لئلا تضطرهم الحاجة إلى المنصرين، ولاسيما من كانوا قريبًا منهم، ويتيسر لهم الوصول إليهم.

     إن تخلي المسلمين عنهم خذلان لهم، وفيه إسلامهم للمنصرين ليبدلوا دينهم، ويفسدوا عقائدهم، فيخسروا آخرتهم مع دنياهم وتخسرهم الأمَّة، ووالله ليُسألن القادرون عن حمايتهم إذا لم يحموهم من شر التنصير والمنصرين، فأين هي أخوة الإيمان؟ وأين هي نخوة أهل الإسلام؟ يا أمة الإيمان والإسلام، فاتقوا الله تعالى في إخوانكم الذين قضوا في المعارك، لا تخذلوهم في حريمهم وأطفالهم، نسأل الله تعالى أن يحفظ عليهم دينهم، وأن يخذل النصيريين والروافض والمنصرين، إنه سميع قريب.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك