رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: جهاد العايش 12 مارس، 2012 0 تعليق

صبــراً أهــل الشـام فإن موعدكم الجنة

 

أهل الشام خصَّهم دون غيرهم من أهل الأرض بميزات وخصائص لم تكن لغيرهم عبر التاريخ

من عجائب خذلانكم أنه  استعداكم  وتآمر عليكم كل ملل الكفر بأنواعها من صليبية ويهودية وشيوعية وبوذية وفرق ضالة انتسبت للإسلام

 استحييت من ربي عند لقائه أن أجيبه، ماذا أنا فاعل لأهلنا في الشام وهم يُدكّون ليل نهار دون رادع للمجرم أو داعم أو مناصر للضحية؟ أما أنا فلم يكن مني حيلة لنصرة الشام وأهلها إلاّ هذا القلم, فأكون به يا ربِّ قد بلّغت, اللّهم فاشهد.

فقد عزَّ النصير لنصرة الشام وأهلها, وتلاعب بأعصابهم ومصيرهم كبار الساسة فاستنزفوا أرواحهم لما استنزفوا أوقاتهم, أمّلوهم بتصريحات جوفاء, ومؤتمرات خرقاء, ودمى من لجان تحقيق مسلوبة  القرار والإرادة, كل هذا في وقت تدك فيه الشعب السوري الأعزل آلة حرب عمياء لا تميز بين بشر وحجر وشجر, ومع هذا تتمادى اللجان والمؤتمرات في استنزاف المزيد من الأوقات ليتزامن معها مزيد من الأرواح المزهقة والبيوت والمساجد والممتلكات المهدمة .

       تلاشت عند كثير من  ساسات عربنا معان ومبادئ كان أسلافهم في جاهليتهم يمتازون وينادون بها, يعملون لنصرة المظلوم بينهم, يعقدون التحالفات الجادة والسريعة والعملية لنصرة المظلوم كان أشهرها في جاهلية العرب هو (حلف الفضول) الذي فيه تعاقدوا وتعاهدوا ألا يجدوا مظلوما إلا نصروه، نبينا صلى الله عليه وسلم يستذكر هذا الحلف الذي كان قبل مبعثه, يقول: «لو دعيت فيه بالإسلام لأجبت», أي: لو دعي إليه أو مثله بعد المبعث لأجاب هذه الدعوة وكان طرفا في نصرة المظلومين دون تردد.

       يؤكد هذه  المعاني صلى الله عليه وسلم قائلا: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

        لقد بوب البخاري هذا الحديث تحت باب: لاَ يَظْلِمُ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ، وَلاَ يُسْلِمُهُ, لكننا لا نجد معاني الشهامة والرجولة في جاهلية العرب قديما  ولا بعد إسلامهم  معمولا بها   في نصرة إخواننا  في سورية,  فلا جامعة الدول  العربية  التي انتهت صلاحيتها قبل ولادتها, ولا منظمة المؤتمر الإسلامي اللتان أصبحتا عبئا على الأمة دون فائدة تاريخية تذكر لهما في نصرة القضايا العربية أو الإسلامية . 

        أما أهلنا في الشام, هذه الأرض المباركة في أهلها وأرضها وسمائها وكل شيء فيها, فعليهم أن يدركوا أن نبينا ونبيهم  صلى الله عليه وسلم  خصَّهم دون غيرهم من أهل الأرض بميزات وخصائص لم تكن لغيرهم عبر التاريخ لنجد للأمل مبعثا في القلوب, إنه ليس أي أمل وليس  هو من أَيِّ مُؤمِّلٍ, إنها بشرى، بل بشارات رسول الله فيكم, ليست من كلام عامة البشر، بل هو سيد الأولين والآخرين .

-خذلكم الناس, لكن «الله تكفّل لي بالشامِ وأَهلِه» فإذا الله هو الله الذي وعد رسوله بكفالتكم فكيف يضيّعكم؟! وكيف لكم أن تتكلوا على غيره؟! لا يضركم من خذلكم أو خالفكم, عدوكم لا يزنُ عند الله جناح بعوضة، أنتم في كفالة الله مدى الحياة ما دمتم مع الله وفي رضاه, الأمر أنف تجنبوا سخطه وتتبعوا رضاه, تكونوا دوما في كفالته.

-خذلتكم طائرات التحالف ومن ينبغي أن يكونوا لكم من المناصرين من عرب ومسلمين  أتخمت مخازنهم بالطائرات الحربية ومخازن أسلحة بأنواعها وأحجامها, فكانت سماؤكم مكشوفة تمطركم من عدوكم, القذائف تأتيكم من كل حدب وصوب, فكانت لكم «ملائكة الله باسطة أجنحتها على الشام» أي إن الملائكة تحفكم وتحوطكم بإنزال البركات ودفع المهالك والمؤذيات, إنه خير جند وخير نصير لا يعصون الله ما أمرهم ولا ينشقون عنه ولا يركنون إلى غير ركن الله, يفعلون ما يؤمرون, هؤلاء هم من بسطوا أجنحتهم في سمائكم, هنيئا لكم  ببسط هذه الأجنحة  المباركة فوق سمائكم, أتدرون من كلّفها بهذه المهمة؟ هو الله؛ فما عسى  طواغيت الأرض وأقمارهم الصناعية التجسسية من دون الله فاعلون؟!

- فسدت الشعوب من دونكم ولم يعلموا أن سر فسادهم هو  قول  رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِذا فَسَدَ أَهلُ الشَّام فلا خَيْرَ فيكم، لا تَزالُ طائِفةٌ مِنْ أُمَّتي منصورين, لا يَضُرُّهُم مَنْ خَذَلَهُم حَتَّى تقومَ الساعةُ».

        ومن عجائب خذلانكم أنه  استعداكم  وتآمر عليكم كل ملل الكفر بأنواعها من صليبية ويهودية وشيوعية وبوذية وفرق ضالة انتسبت للإسلام والمنافقين من المسلمين, وجمهور كبير من المسلمين لا حول لهم ولا قوة, فلا عزاء لكم إلاّ بالله القوي المتين.

         أنتم صمام أمان للأمة في دينها وأخلاقها، أنتم معيار مستوى ما عند الأمة من دين وأخلاق بصلاحكم وصلاح حالكم صلحت الأمة وبورك لها فيما عندها وما عداه فضده بلا خلاف, كونوا سبب ومشعل هداية, كونوا نورا نستضيء به؛ فالله الله أن تتركوا زمام قيادتكم للهداية أو تتنكبوا صراطها المستقيم, شرفكم الله أنكم منصورون غير مبالين بمن ترككم في ساحات الوغى من غير نصرة أو دعم أو مؤازرة, كونوا مع الله فسنرى وترون عجائب قدرة الله في عدوكم وبنصره لكم, هذا يقين وعد به رب العالمين, قال تعالى:  {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد: 7).

          ياأهل الشام في كل مكان إن الأرضَ المقدسةَ لا تُقدٍّس أحدا إنما يُقدِّس الإنسان عمله  فاعملوا لله وتتبعوا  رضاه, قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (التوبة:105).

- يا أهل الشام, هل علمتم أن المطعون فيكم  شهيد ولعدوكم عذاب, هذا ما أخبر به نبينا صلى الله عليه وسلم فقال: «وأرسلتُ الطاعون إلى الشام فالطاعون شهادة لأمّتي ورجزٌ على الكافر» حتى وباؤكم شهادة لكم , وهذا من فضلكم وبركتكم , فاحفظوا لله أمره واجتنبوا نهيه ,  واشكروا له ما خصكم به دون غيركم . 

-احفظوا حسن ظن الله ورسوله بكم أنكم عمود الأمة وركزها الذي تعتمد عليه, بعد أن انتزع من الجزيرة إلى بلاد الشام, فالرسول صلى الله عليه وسلم شاهد عيان على هذا التكليف وهذا التشريف, قال رسول صلى الله عليه وسلم: «إني رأيتُ عمودَ الكتاب انتُزِعَ من تَحتِ وسادَتي ، فَنظرت فإذا هو نورٌ ساطعٌ عَمدَ به إلى الشام ، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام»، فهلاَّ  كنتم أهلا لذلك, فلا تخيبوا الظن, ولا توهنوا العزم؛ فالله الله بالراية معكم ونحن تبعا لكم ومن خلفكم فلا تضيعوها حتى لا يكون من هم سواكم لها أضيع .

-  قال صلى الله عليه وسلم : «عُقْرُ دارِ المؤمنينَ بالشام»، يا الله ما أعظمه من وصف لدار الإيمان, إنها  الشام, إنها وسط الإيمان وأصله, الشام ليست محطة من محطات الإيمان إنها مقر الإيمان ومبعثه, إنها رسائل الشام الإيمانية  إلى العالم تصدع من شوارعها وأزقتها يهتف أهلها بصوت رجل واحد: «ما لنا غيرك يا الله» و»الله أكبر» و»حسبنا الله ونعم الوكيل» كلمات اقشعرت لها أفئدة المؤمنين, أرعبت قلوب قوم كافرين, زلزلت عروش الظالمين, يا له من يقين وحسن ظن بالله ربِّ العالمين, هنيئاً لكم من مؤمنين.

- بعد هذا كله أأيقنتم لماذا أمرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم آخر الزمان, وقال: «عَليكُمْ بالشَّامِ»؟  هي وصية النبي أن نأخذ بطريق الشام ونلزم فريقها, نعم هي وأهلها طريق الاستقامة علامة الهداية, كيف لا وأنتم على الحق  ظاهرون وبه متمسكون وعن  غيره  منقطعون, كما أخبر عن ذلك رسول الله[: «لا يزالُ أهلُ الغربِ ظاهرين على الحق, حتى تقومَ الساعةُ», فلا يضركم متخاذل ولا جبان فضلا عن قليل حيلة يأسان, فالله معكم يرعاكم ويحفظكم, ما دمتم لأجله ظاهرين قائمين, قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (النساء: 104), بعد هذه الطائفة من البشارات والكرامات التي خُصَّت بها  شامكم  وأهلكم تستجدون أحداً من البشر؟!

         ياأهل الشام ما أعظم شأنكم عند ربكم,  بشراكم رضا رسول الله عنكم, حُقَّ لِغيركم أن يَحسُدكم على ما اختصكم به ربكم ونبيكم, واعلموا أن ما كان بكم من بلاء عظيم  وخطب جسيم؛ لأن ربكم علم ما بكم  من صلابة في دينكم وإيمانكم, ولتكونوا مثلاً للأمة يحتذى بكم, فزيد لكم في البلاء, ألم تعلموا قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: يا رسول الله أيُّ الناس أشد بلاء؟ قال: «الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة».

إن النصر مع الصبر, وإن الفرج مع الكرب, وإن مع العسر يسرا, إنها مرحلة تمحيص واختبار لكم  لتكونوا الأقدر على قيادة الأمة غدا والأنفع لها بإذن الله.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك