صاحب السمو في كلمته في القمة العربية في الأردن- الربيع العربي أطاح بأمن واستقرار المنطقة وعطل التنمية والبناء
اختتمت الأسبوع الماضي أعمال القمة العربية الثامنة والعشرين بمنطقة البحر الميت في الأردن بحضور معظم القادة العرب، ومشاركة ممثلين عن منظمات إقليمية ودولية، وتصدرت القضية الفلسطينية والأزمات في كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن أهم بنود جدول أعمال القمة.
وبدأت أعمال القمة العربية بكلمة لرئيس الدورة الـ27 للقمة العربية الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الذي سلَّم بعدها الرئاسة إلى ملك الأردن عبد الله الثاني، وكان وزراء الخارجية أقروا في اجتماعاتهم التحضيرية للقمة الـ27 مشروع قرار لإدراجها في البيان الختامي للقمة، وترتبط القرارات بأهم بنود جدول الأعمال، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن والعراق، كما أقر الوزراء تفعيل مبادرة السلام العربية، ورفض ترشيح إسرائيل لعضوية مجلس الأمن لعام 2019 و2020، وإدانة التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية.
وهم الربيع العربي
وفي كلمته التي ألقاها حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح -حفظه الله ورعاه- أن ما يسمى الربيع العربي وهم أطاح «بأمن واستقرار أشقاء لنا، وعطل التنمية والبناء لديهم، وامتد بتداعياته السلبية ليشمل أجزاء عدة من وطننا العربي»، ودعا سموه في كلمته إلى استخلاص العبر مما حصل، وإلى تصحيح العديد من مسارات «عملنا تحصينا لمجتمعاتنا وتماسكا لجبهتنا الداخلية وتحقيقا لتطلعات شعوبنا المشروعة».
تحديات جسيمة
ثم أكد سموه على أن عالمنا العربي يواجه اليوم تحديات جسيمة ومخاطر محدقة تفرض علينا الالتزام بنهج في عملنا العربي المشترك يواجه هذا الواقع، ويتصدى لتلك المظاهر؛ فنحن مطالبون على مستوى آلية القمم العربية أن يكون التعامل وفق نهج مختلف عما درجنا عليه في السابق ولتكن هذه القمة المباركة اليوم بداية لتحديد مسار جديد لنا نعمل من خلاله على التركيز على موضوعات محددة تمثل تشخيصا للمعوقات التي نواجهها ولندع بقية موضوعاتنا الاعتيادية للنظر فيها والتعامل معها عبر المستويات الوزارية.
مزيد من الفرقة
كما بين سموه أن الخلافات التي نعاني منها لن تقودنا إلا لمزيد من الفرقة في موقفنا وضعفًا في تماسكنا، الأمر الذي يتوجب معه علينا العمل وبكل الجهد لأن نسمو فوق تلك الخلافات، وألا ندع مجالا لمن يحاول أن يتربص بأمتنا، ويبقي على معاناتها، ويشل قدراتها على تجاوز هذه الخلافات، لتبقى أسيرة لها تعطل قدراتها وإمكاناتها على النهوض والبناء، والوصول إلى وحدة في الموقف وصلابة في الإرادة لمواجهة المتغيرات الراهنة والمتغيرات التي سنواجهها في المرحلة القادمة.
أزمات وكوارث
وأكد سموه على أن العالم يعاني أزمات وكوارث وحروبا طاحنة ألقت بظلالها على الأوضاع الإنسانية لشعوب عديدة من حولنا على المستوى الإقليمي والدولي ومع إدراكنا لها فلقد عملنا وسنواصل عملنا مع المجتمع الدولي للتخفيف من معاناة هذه الشعوب وفاء لمسؤولياتنا الإنسانية وإدراكا لحجم المأساة التي تكابدها هذه الشعوب، ولا زال المجتمع الدولي يقف عاجزًا عن إيجاد حل للكارثة التي يعايشها الأشقاء في سوريا بكل أبعادها رغم نتائجها وإفرازاتها الخطيرة؛ فالجهود السياسية لازالت متعثرة بسبب تضارب المصالح والمواقف المتصلبة التي نأمل أن توفق جهود مبعوث الأمين العام لسوريا السيد ستيفان دي ميستورا معها في تحقيق التطور الإيجابي الذي نتطلع إليه، وفي هذا الصدد أشيد بالدور الذي تقوم به الدول المستضيفة للاجئين السوريين وما تتحمله من أعباء جسيمة جراء ذلك لاسيما الأشقاء في الأردن ولبنان والعراق ومصر والجمهورية التركية الصديقة.
الوضع في اليمن
وحول الوضع في اليمن قال سموه: إننا وفي الوقت الذي نعبر فيه عن ألمنا الشديد لاستمرار معاناة الشعب اليمني الشقيق نتيجة عدم الانصياع للإرادة العربية والدولية التي وضعت أسس الحل السلمي، فإننا نؤكد مجددًا تلك الأسس القائمة على المرجعيات الثلاث؛ فهي السبيل الوحيد لإنهاء تلك الكارثة التي استنزفت الأرواح ولا تزال، وخلفت الدمار الهائل، ولعودة الاستقرار لربوع ذلك البلد الشقيق.
إن الوضع فيما تبقى من أجزاء عالمنا العربي في العراق وليبيا والصومال بما يحمله من معاناة كبيرة لأشقائنا وتهديد جسيم لأمنهم وزعزعة بالغة لاستقرار منطقتنا يبقى ألما نعانيه ونسعى إلى التخفيف من آثاره عليهم.
مسيرة السلام في الشرق الأوسط
وحول مسيرة السلام في الشرق الأوسط قال سموه: لازالت إسرائيل تقف حائلا أمام إنجاح هذه المسيرة لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وأكرر الدعوة هنا إلى المجتمع الدولي ولاسيما مجلس الأمن للقيام بواجباته لإنهاء هذه المأساة التي هي أساس ما تعانيه المنطقة من توتر وعدم استقرار، ولا يفوتني هنا أن أشيد بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الذي طالب إسرائيل بإيقاف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية.
وحول الوضع في ليبيا الشقيقة يزداد قلقنا على مصير أشقائنا هناك وعلى مستقبل وطنهم وسلامته ووحدة أراضيه، ونأمل أن تتضافر الجهود الوطنية والعربية والإقليمية وجهود الأمم المتحدة للحفاظ على ليبيا الموحدة والمستقرة على أساس قرارات الشرعية الدولية وبما يمكن حكومة الوفاق الوطني من تحقيق هذا الهدف المنشود.
وحول العلاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية فإننا نؤكد الأسس المستقرة في العلاقات الدولية والقانون الدولي التي أساسها احترام سيادة الدول، والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية لها، واحترام متطلبات حسن الجوار متطلعين الآن إلى استمرار المشاورات والحوار البناء بين دول المنطقة وبينها لتحقيق الأمن والاستقرار فيها.
مواجهة الإرهاب
وعن ظاهرة الإرهاب قال سموه: رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها المجتمع الدولي لمواجهة ظاهرة الإرهاب التي تبقى تحديًا كبيرًا يهدد أمننا، ويقوض استقرارنا، ويتطلب عملاً مضاعفًا وشاملاً مع المجتمع الدولي لمواجهة التنظيمات الإرهابية وفكرها المنحرف، لنحفظ للبشرية أمنها وللعالم استقراره، ونشيد في هذا الصدد بالإنجازات التي تحققت لأشقائنا في العراق في مواجهتهم لقوى الظلام، ونتطلع بأمل لهم لتحقيق مزيد من الانتصار.
البيان الختامي
وفي البيان الختامي للقمة العربية، أكد القادة العرب أن وحدة العراق واستقراره ركن أساسي من الأمن القومي العربي مشدا على ضرورة تفعيل مبادرة السلام العربية وإدانة التدخل الإيراني في الشؤون العربية.
وأكدت القمة على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للأمة العربية جمعاء، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة عاصمة دولة فلسطين، وإعادة التأكيد على دولة فلسطين بالسيادة على كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية ومجالها الجوي ومياهها الإقليمية وحدودها مع دول الجوار.
كما رفضت القمة ترشيح إسرائيل لعضوية مجلس الأمن الدولي لمدة عامين. ودعت القمة إيران إلى الكف عن تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية، وأدانت التدخل الإيراني في الشؤون العربية. كما جددت إدانة الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، وتأييد كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة لاستعادة سيادتها على جزرها المحتلة.
وأكدت القمة على وحدة سوريا وسيادتها، وأن الحل الوحيد الممكن للأزمة السورية يتمثل في الحل السياسي القائم على مشاركة جميع الأطراف السورية، بما يلبي تطلعات الشعب السوري وفقا لما ورد في بيان جنيف (1) في 30 يونيو عام 2012، واستنادا على ما نصت القرارات والبيانات الصادرة بهذا الصدد وبالأخص قرار مجلس الأمن رقم 2254.
ورحبت في هذا الإطار باستئناف مفاوضات السلام تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف، ودعوة الجامعة العربية للتعاون مع الأمم المتحدة لإنجاح المفاوضات السورية التي تجري برعايتها لإنهاء الصراع وإرساء السلم والاستقرار في سوريا.
وأكدت القمة على أمن ووحدة اليمن ووحدته وسلامة وسيادة أراضيه، والتأكيد على دعم ومساندة الشرعية الدستورية متمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية.
وشددت القمة على أن الحل السلمي في اليمن يستند إلى المرجعيات الثلاث المتفق عليها، والمتمثلة فى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الحوار الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولاسيما القرار رقم 2216.
وأعادت القمة التأكيد على إدانة توغل القوات التركية في الأراضي العراقية، ومطالبة الحكومة التركية بسحب قواتها فورا دون قيد أو شرط باعتباره اعتداء على السيادة العراقية، وتهديدا للأمن القومي العربي.
كما دعت القمة الدول الأعضاء في الجامعة إلى الطلب من الجانب التركي «بموجب العلاقات الثنائية» سحب قواته من الأراضي العراقية، وإثارة هذه المسائل في اتصالاتها مع الدول الأعضاء. إلى ذلك أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن العاصمة السعودية الرياض ستستضيف مؤتمر القمة ال29 لمجلس جامعة الدول العربية في مارس 2018 .
وقال الجبير في الجلسة الختامية لأعمال الدورة ال28 لمجلس جامعة الدولة العربية على مستوى القمة: إن قرار استضافة الرياض للقمة المقبلة جاء بناء على طلب دولة الإمارات العربية المتحدة.
لاتوجد تعليقات