رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 16 أبريل، 2018 0 تعليق

شيخ المقرئين بالجزائر د. كمال قدة لـ«الفرقان»: هناك طفرة في إقبال النساء على حفظ القرآن الكريم وقد يأتي اليوم فيحملن مشعل القراءة والإقراء والإسناد

 

التقت الفرقان على هامش المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتلاوته مع المسؤولين عن جمعية البيان لتحفيظ القرآن الكريم في دولة الجزائر الشقيقة وهم أ. د. كمال قدة -أستاذ القراءات بجامعة الوادي بالجزائر ورئيس الجمعية ومدير مدرسة البيان لتحفيظ القرآن الكريم -وكذلك د. فوزي محيريق- أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الوادي ورئيس لجنة التطوير والإشراف بالجمعية وكان هذا الحوار.

 

- توجهنا بداية بالسؤال لرئيس لجنة التطوير بالجمعية د. فوزي محيريق عن تاريخ إنشاء الجمعية ومراحل تطورها فقال:

- الجمعية تأسست سنة 2003، وبدأت بدفعة واحدة، وكان التدريس فيها بالطريقة التقليدية، ثم شيئًا فشيئًا من خلال الخبرات المتراكمة لدى أعضاء الجمعية، بدأنا في التفكير في تغيير مقر المدرسة، وكذلك تغيير طريقة العمل والأداء، والحمد لله الجمعية بعد سنة واحدة استطاعت أن تُخرج دفعة أولى من الطلبة بها ثمانية عشر طالبًا، وبعد هذه السنة إلى اليوم سنة 2018 استطعنا أن نُخرِّج أكثر من إحدى عشرة دفعة، ومن سنة إلى أخرى ونحن نضيف أقساما، فبدأنا بقسم الطلبة نظام داخلي، ثم قسم الطالبات نظام داخلي، انتقلنا إلى قسم المتمدرسين طلبة، ثم متمدرسات، وتوجهنا كذلك إلى البحث عن فئات يمكن أن تتعلم دون حفظ، وهي فئة العاملين بالجهات الحكومية، فأصبح يُدرس بالمدرسة كثير من الجهات الحكومية في شتى الوظائف المختلفة، وهذا كان له أثر كبير ودعم كبير.

     كذلك آخر مشروع قامت به المدرسة وهي: براعم نور البيان، وهي إعداد الطفل قبل التحاقه بالمدرسة، والآن نحن -بفضل الله- في الدفعة الثالثة في البراعم؛ حيث يلتحق البرعم في سن ثلاث سنوات، حيث يصبح الطفل قادرا على القراءة من المصحف من أي موضع شاء، فنجده مهيأ في السنة الأولى للمدرسة، ويبدأ حفظ القرآن الكريم كاملًا، بإذن الله، وهذه السنة سوف تخرج أول دفعة لأول ثمرة لروضة نور البيان.

- ما أهم إنجازات الجمعية خلال تلك الفترة؟

- من المشاريع التي لاقت استحسانًا كبيرًا، الاهتمام بالمتقاعدين فأنت تعلم أن المتقاعد إذا أكمل عمله فيخلد إلى الراحة، وربما يصيبه نوع من القلق أو غيره؛ فنحن فكرنا أن نستهدف هذه الفئة -فئة المتقاعدين- وأثمرت ثمارًا رائعة، ولدينا طالب عمره ستة وثمانون سنة، الآن بقي له خمسة وعشرون حزبا تقريبًا ليختم القرآن الكريم كاملاً، حتى إن المتقاعد في حكم متفرغ يحفظ القرآن الكريم، ويقوم بمساعدة المدرسة؛ لأن المدارس القرآنية في الجزائر معظمها مدارس أهلية، وتحتاج إلى دعم مالي، وتعتمد على تبرعات المحسنين عموما.

- هل هناك دعم حكومي للجمعية؟

- في الجزائر إذا أردت أن تؤسس جمعية مهما كان نوعها قرآنية، خيرية، اجتماعية، فعليك أن تأخذ رخصة من الجهة الرسمية، فجمعيتنا أُسست بطابع قرآني جمعية قرآنية تحت إشراف مديرية الشؤون الدينية والأوقاف؛ فكل أعمالنا بالتنسيق مع مديرية الشؤون الدينية ومع الوزارة، وبحكم أن رئيس الجمعية الشيخ الفاضل: كمال قدة، هو أول مقرئ أو بروفسير في القراءات في الجزائر، فهذا بصراحة أعطى للجمعية مكانة طيبة، وهذا ما أثمر مشاركة الجمعية في هذه المسابقة وهذا المعرض؛ حيث تمثل الجزائر بأكملها، وهذا فضل من الله -عز وجل- وبفضل كل المخلصين وعلى رأسهم شيخنا العزيز، وبالتالي فعمل الجمعية بالتنسيق مع الجهة الرسمية تسمى عندنا بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف في ولايتنا ولاية وادي سوف، والمديرية تتبع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر.

     ثم عقب الشيخ الدكتور كمال قدة قائلاً: المجلس الولائي في الولاية أو المحافظة يخصصون مبلغًا لا بأس به للمدرسة بين الحين والآخر تشجيعا، وكعربون محبة ورضا من الدولة على المدرسة، فنحن نعد هذا العطاء وإن كان قليلًا نعده رضا من دولتنا عنا، نسأل الله -عز وجل- أن يتمم علينا هذا الرضا، ثم المدرسة تعتمد في مواردها المالية والاقتصادية على عطاءات المحسنين.

- ما أهم التحديات التي تواجه الجمعية في عملكم، ولاسيما -ما شاء الله- هناك تطور في العمل؟

- أجاب د. قدة قائلاً: أكبر التحديات هي: ضعف إقبال الأولاد الذكور على حفظ القرآن الكريم، وهذا موجود على مستوى المدارس القرآنية عبر العالم الإسلامي، كل واحد تسأله يقول لك: الإقبال من الإناث أكبر، طبعًا أنت تعرف أن الشباب اليوم أصبحت تستهويهم وتتجاذبهم مغريات كثيرة، والشاب عندما يبلغ ويتخرج في الجامعة أو يكون في إطار العمل يفكر في الزواج،  ويفكر في العمل وينشغل -في الغالب- بأمور الدنيا، فقليل جدًا من يوفقه الله -عز وجل-؛ هذه ظاهرة -سبحان الله- كنت أظن أنها عندنا فقط! إلا أني وجدتها في المدارس القرآنية كلها عبر العالم العربي والإسلامي، وإقبال الإناث إقبال عجيب وغريب، حتى قلت في يومٍ من الأيام مشعل القراءة والإقراء ومشعل الإسناد سيأخذه النساء هذه المرة، مثلما أقرأت رقية البجائية عندنا من ولاية بجاية بلاد القبائل الصغرى، في القرن أظن التاسع أقرأت عَلَم الدين السخاوي، وما أدراك من علم الدين السخاوي؟ جلس تلميذًا مؤدبًا بين يدي رقية البجائية، أظن أن حملة قراءة النساء ستعود من جديد، حتى في مدرستنا لو نعطيك عدد الإناث لو تطلع عليه أكثر بكثير من عدد الذكور، فأكبر التحديات وأعظم التحديات هو ضعف إقبال الذكور، ليس تفريطًا منا ولا تقصيرًا منا وإنما لما يحيط بهؤلاء الشباب، أنت تعرف العولمة وما فيها.

- ما واقع القرآن الكريم والاهتمام به في الجزائر سواء من المؤسسات الرسمية أم المؤسسات الأهلية؟

- في الحقيقة قبل ربما قبل خمس عشرة سنة لم تكن الجزائر في قراءتها وإقرائها بهذا الأسلوب المعروف الآن، أنا كنت حكمًا من قبل 15 سنة كان الإقبال ضعيفًا وكانت القراءة مناسبة في حجمها للإمكانيات الجزائرية، كنا قديمًا نعتمد على الكتابة باللوح، والأحكام هذه كانت موجودة ومعروفة، لكنها كانت في دوائر ضيقة، متى دخلت الأحكام بسرعة وقوة؟ ومتى جاء الإسناد؟ حينما رجع شبابنا وأبناؤنا الذين كانوا في الشام وكانوا في مصر، وكانوا في الحجاز، لما رجعوا أدخلوا علم القراءات ولا أقول أدخلوا علم التجويد، لا، علم التجويد موجود لكن فعَّلوا علم التجويد بإنشاء مدارس قرآنية خاصة بالتوازي مع مدارس الدولة التي كانت تعتمد فقط على القراءة التقليدية، المهم أن تقرأ قراءة صحيحة من غير فتح للمضموم أو ضم للمفتوح فقط، لكن الآن الجزائر شقت أشواطًا كبيرة، وهذا الدليل، هذا أحد أبنائنا من الجزائر جاء ليمثل الجزائر في الأداء والتلاوة، وإن شئت أن تستمع إلى أدائه وتلاوته سترى العجب، الجزائر الآن أصبح يُخشى أو يُحسب لها ألف حساب في المسابقات العالمية، إذا تقدم الجزائري الآن يتقدم بحفظٍ رصين وقراءة ماتعة، وما شاء الله الآن القرآن بخير ولله الحمد، ولاسيما عندما انتشرت المدارس القرآنية الخاصة بطريقة عجيبة ورهيبة، زي عندنا مدرستنا هذه مدرسة البيان كتب الله -عز وجل- لها القبول قبولا عجيبا ورهيبا حتى أصبحت تأتينا المدارس القرآنية من المحافظات الأخرى القريبة منا وحتى البعيدة؛ ليأخذوا التجربة ويطبقوها هناك. هناك مدرسة في مدينة تسمى: سوق أهراس في الحدود مع تونس، من شدة إعجابها بمدرستنا جاءوا قالوا: نحن جئنا؛ لنأخذ التجربة مكتوبةً والتجربة مرئية، قلنا: كيف؟  يعني: صنعوا الكراسي وصنعوا الطاولات مثل ما عندنا نسخة منا، وطلبوا منا أن يتزوج بعضهم ببناتنا، فزوجناهم، وتزوجنا منهم، والحمد لله أصبحت هناك توأمه قوية جدًا بين سوق أهراس وولاية الوادي، وكنانة في الحدود التونسية، ولله الحمد انتشر الخير، الآن في ولايتنا ومحافظتنا التي يبلغ تعدادها اليوم قرابة المليون الآن، قرابة المليون نسمة يعني: ما من زاوية وما من مدرسةٍ وما من ركنٍ وما من قاعةٍ في مسجد، وما من مسمى لمدرسة إلا وفيه أستاذٌ من البيان أو أستاذةٌ من البيان من هذه المدرسة تبعنا ولله الحمد والمنة.

- ما الطموح والرؤية، التي تريدون تحقيقها من خلال الجمعية؟

- أجاب د. المحيريق رسالة المدرسة، هي رسالة دائمة وهي أن نُخرج حفظة ومقرئين متخصصين بأخلاقٍ رصينة؛ لأننا نؤمن أولًا أن القرآن هو خُلقٌ قبل أن يكون حفظًا، هذا هو الأساس، أما طموح المدرسة على كل حال نحن مؤخرًا نعمل على بناء مركز عصري بإذن الله، مركز عصري متكامل به حتى قاعة رياضة، فهذا يعد هدفا أساسيا في الجمعية، ثم نفكر أن نقيم بعض المشاريع الاستثمارية التي تعطي دخلا ولو دخل دائم بنسبة عشرين أو خمسة وعشرين بالمية بالجمعية، ونأمل بإذن الله مستقبلا أن نُدخل إلى جمعية البيان التعليم الإلكتروني؛ فربما قد نفتح باب الجمعية لا أقول على الوطن بأكمله بل على العالم أجمع، ونرجو التوفيق بإذن الله.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك