رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 28 مايو، 2012 0 تعليق

شيخ الأزهر يقود التيارات الإسلامية لمواجهة محاولات الاختراق الإيراني للمجتمع المصري

 

رأى مراقبون أن الاجتماع الذي دعا إليه شيخ الأزهر يوم الأحد قبل الـماضي وحضره ممثلون عن الدعوة السلفية والتيارات الإسلامية في مصر، كان بمثابة رسالة تحذير، وصيحة نذير لكل من تسول له نفسه اختراق الـمجتمع الـمصري بأي صورة من الصور، أو بأي شكل من الأشكال، وجاء هذا الاجتماع للتباحث حول كيفية مواجهة الـمد الصفوي في مصر بعد افتتاح أول حسينية بحضور علي الكوراني أحد أهم الـمرجعيات المقيمين في قم، ولا شك أنها كانت أيضًا رسالة لأتباع الدولة الصفوية في الداخل، أنهم جزء غريب عن المجتمع الـمصري، وأن الـمجتمع بكل أطيافه سيقف لهم بالـمرصاد، ولا شك أن قيام الأزهر بهذه الـمبادرة مثَّل مفاجأة قوية كانت أشبه بالصاعقة، حيث ظن هؤلاء الصفويون أن الأزهر قد دان لهم، وأصبح لقمة سائغة وخاصة بعد تصريحات بعض علمائه عن رغبتهم في تدريس الـمذهب الشيعي فيه، وأنه لا مانع لديهم من تطبيع العلاقات مع إيران.  

تحذير شديد اللهجة

      وقد حذر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من إقامة أي مساجد طائفية لمذهب مخصوص أو فئة بعينها، تنعزل عن سائر الأمة وتشق الصف، وتهدد الوحدة الروحية والاجتماعية لمصر وشعبها، سواء سميت بـ«الحسينيات» أم غيرها، وهو ما يكشف عن نزعة طائفية لا يعرفها أهل السنة والجماعة في مصر، أو أي اسم آخر سوى بيت الله والمسجد وفي الحديث القدسي عن رب العزة: «إن بيوتي في أرضي المساجد وإن زواري فيها عمارها».

       وأكد شيخ الأزهر خلال لقائه مع العلماء في مقر مشيخة الأزهر، أن الأزهر ومن ورائه كل المسلمين من أهل السنة والجماعة إذ يعلن أنه ليس في حالة عداء مع هذه الدول أو تلك من الدول الإسلامية، فإنه يعلن أيضًا عن الرفض التام والقاطع لكل المحاولات التي تهدف إلى بناء دور عبادة لا تسمى باسم المسجد أو الجامع لتزرع الطائفية وثقافة كره أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والإساءة إليهم بتلك الثقافة التي لا تعرفها جماهير المسلمين في بلاد أهل السنة والجماعة وبخاصة في مصر بلد الأزهر الشريف الذي حافظ على عقيدة أهل السنة وحفظها من تحريف الغالين وانتحال المبطلين.

المصريون أكثر شعوب الأرض حبًا لآل بيت النبي

كما أكد شيخ الأزهر أن المصريين هم أكثر شعوب الأرض قاطبة حبًا واحترامًا وإجلالاً لآل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام، ولا يقبلون في ذلك مزايدة ولا احتيالاً. 

        وقال شيخ الأزهر في كلمته للعلماء: “أيها السادة العلماء تعلمون أن هذا الدين الحنيف يقوم على التوحيد الخالص وعلى التصديق بكل الأنبياء والرسل والكتب المنزلة”: يقول الله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}.

        وتابع: تعلمون أن المساجد في الإسلام إنما هي لعبادة الله وحده {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، وأنها مفتّحةُ الأبواب لكل المسلمين، بقطع النظر عن مذاهبهم الفقهية أو انتماءاتهم السياسية، يقفون فيها جميعًا بين يدي الله تعالى خاشعين، متجهين لقبلة واحدة وحيدة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُون}.

        وأوضح أن مصر تميزت في تاريخها الطويل بالسماحة الفكرية والفقهية، والتقت على أرضها الطيبة مذاهب أهل السنة والجماعة وأهل الحديث، وكذلك المذاهب الأربعةُ الفقهية المعمول بها لدى الأغلبية الساحقة في العالم الإسلامي والتي تبلغ نحو مليار ونصف المليار من المسلمين التقت كلها جنبًا إلى جنب دون تفرقة أو خلاف، ولم يكن صدفة أن قام فيها الصرح العلمي الوسطي الأصيل الأزهر جامعًا وجامعة، حاميًا لهذا التراث الإسلامي الأصيل الذي تلقيناه عن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم  - براوية أصحابه الصادقين، وأتباعهم، ومَن أخذ عنهم من أهل العلم حتى يوم الناس هذا، تلقيناه على بصيرة ويقين، توحيدًا للنسيج الروحي والاجتماعي لمصر وشعبها بفضل أبنائها من علماء هذا المعهد العريق.

الفاطمية كانت تعتنق مبادئ متطرفة

        وقال إنه حين قامت بمصر دولة الفاطميين تعتنق مبادئ متطرفة، تكفّر أصحاب النبي  صلى الله عليه وسلم  بل خلفاءه الراشدين إلا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وتسبُّهم جميعًا وتثير الخلاف بين المسلمين، وتزرع الشك في نقل الكتاب والسنة، وتضع على جوار كلمة التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وجوب الإيمان بإمامهم الذي زعموا عصمته ونزاهته عن الخطأ، حين حدث ذلك استعصت مصر على هذه الأفكار المنحرفة المتطرفة، ونفضتها عن نفسها، بمجرد سقوط هذه السلطة الباغية.

        وأشار إلى أن ديننا يقوم على كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة، والنطق بالشهادتين والوقوف بين يدي ربه مع سائر المسلمين، ولا يشق عن القلوب، ولا يفرق بين الناس، والمسجدُ هو عنوان هذه الوحدة الجامعة {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ}؛ ولهذا أوجب الفقهاء أن تفتح المساجد أبوابها للمؤمنين كافة حتى تصح الصلاة فيها، وتنعقد فيها الجماعة.

حضر اللقاء من علماء الدعوة السلفية: الشيخ محمد حسان، والدكتور أسامة عبد العظيم، والدكتور عبدالله شاكر، والشيخ وحيد عبدالسلام بالي، وآخرون.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك