رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد حمدي 15 يوليو، 2019 0 تعليق

شهر ذي القعدة أحد أشهر الحج

 

     شهر (ذي القعدة) أحد أشهر الحج، وكذلك أحد الأشهر الحرم الأربعة، قال الله -تعالى-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} (البقرة:197)، {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (التوبة:36)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» (متفق عليه).

     وهو المعني في قوله -تعالى-: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} (الأعراف:142). فالثلاثون ليلة هي: شهر ذي القعدة، والعشر هي: العشر الأول مِن ذي الحجة، وقد كان بعض الصحابة كعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يصوم الأشهر الحرم، وورد في الأثر -وإن كان به ضعف-: «صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ».

     وتتأكد الطاعات والسنن في هذه الأيام، وكذلك يغلظ ويفحش الذنب ويعظم عند الله في هذه الأيام، فالله -عز وجل- نهى عن الظلم فيها خاصة، قال الله -تعالى-: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (التوبة:36)، فينبغي تجديد التوبة، وترك الذنوب والمعاصي، ومراعاة حرمة الزمان، قال الله -تعالى-: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الحج:32).

- وشهر (ذي القعدة) حدثتْ فيه غزوة (بني قريظة) في العام الخامس مِن الهجرة عقب غزوة (الأحزاب) مباشرة؛ بسبب خيانة اليهود ونقضهم العهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال الله -تعالى-: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} (البقرة:100)، فقتلتْ مقاتلتهم وكانوا قرابة ستمائة، وسبيت نساؤهم وذراريهم، وغنمت أموالهم.

- وحدث في هذا الشهر (حصار الطائف) في العام الثامن مِن الهجرة؛ فلما استعصت على النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرًا ضربهم بالمنجنيق، وهو ما يعم به الهلاك -فلا يقصد النساء والصبيان-، وكذلك لا يمكن التمييز بينهم وبيْن الرجال المحاربين.

- وكذلك حدث في هذا الشهر (صلح الحديبية) في العام السادس مِن الهجرة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قادم للعمرة مع 1400 مِن الصحابة، فأرسل عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لقريشٍ، فشاع خبر مقتل عثمان؛ فبايعه 1400 تحت الشجرة على الموت، وسميتْ (بيعة الرضوان)، ونزلت فيها (سورة الفتح)، ثم تبيَّن عدم مقتل عثمان؛ فراسلت قريش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكرز بن حفص، وعروة بن مسعود، وسهيل بن عمرو.

     وحدثتْ مفاوضات على أن يتم الصلح عشر سنين، ويتحلل النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن إحرامه هذا العام، ويرجع ويعود لعمرة القضية في العام القادم، وتم التوافق على بعض الشروط الجائرة، منها: مَن أتى مِن قريشٍ مسلمًا يرده النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا جندل وأبا بصير.

ولهذا الصلح فوائد ودروس عظيمة ذكرها ابن القيم -رحمه الله- في كتابه (زاد المعاد)، وهو درس عظيم في السياسة الشرعية، وفقه المآلات، والمصالح والمفاسد، وبُعد النظر، وعدم الانجرار وراء العاطفة، والتسرع، وأحكام كثيرة في المعاهدات والاتفاقيات.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك