رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 3 يناير، 2011 0 تعليق

شمولية خلق الأمانة


- الأمانة صفة ملازمة للمؤمن وشاملة لكل جوانب حياته، وإذا استمر عليها استحق التأييد والنصرة من الله تبارك وتعالى، فها هي ذي ابنة شعيب تطلب إلى والدها أن يستأجر موسى - عليه السلام - {يأبت استئجره إن خير من استأجرت القوي الأمين}.

      ولقد ربط النبي[ بين الأمانة والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر وخيره وشره وما وقر في الصدر، قائلاً: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له»، والأمين ينال محبة ربه تعالى ومحبة نبيه[، ففي الحديث الذي حسنه الألباني في تحقيق مشكاة المصابيح، قال: «من سره أن يحبه الله ورسوله فليصدق حديثه إذا حدث، وليؤد أمانته إذا أئتمن».

- والأمانة تشتمل على كل العبادات والتكاليف الشرعية والأخلاقية عندما يؤديها المسلم بإخلاص ومراقبة وصدق، ويظهر ذلك على الجوارح، فمثلا المحافظة على سلامة الوضوء والالتزام بحسن إقامة الصلاة تغرس في العبد مراقبة ربه في كل الأحوال، فيكون أمينا عليها وعلى كل أحواله؛ فتحقق له البركة في أعماله وحياته ومن ضيعها كان لما سواها أضيع: {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون}.

- مسؤولية الوقت والشباب والعمر وحفظ المسؤولية تجاه الوالدين والزوجة والأبناء وأداء المسؤولية تجاه الخدم والجيران وتقوى الله في الواجبات وحفظ الدماء والأعراض وسلامة اليد واللسان، كلها داخلة في الأمانة، ففي الحديث: «والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم» رواه الترمذي.

- وصية النبي[ في حجة الوداع بأمانة الزوجة قائلاً: «فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله» رواه مسلم.

     فتوفر لها متطلبات الحياة الأساسية وتوجيهها التوجيه السليم، وتحفظها بالستر والعفاف وحفظ الأسرار والمحبة الصادقة، وتدعو الله عز وجل لها وتكافئها بالمال والكلمة الطيبة والهدايا المقدرة.

- الأمانة في الوظيفة وأداء العمل بإخلاص ومراقبته، والالتزام بالوقت، وحسن الأداء على الوجه الصحيح، ورعاية مصالح العمل، وعدم أخذ شيء من مكان العمل ولو كان يسيرا لحديث: «من استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة» رواه مسلم.

     ولا يجوز أخذ الهدايا ممن له مصلحة أثناء العمل كأن تميزه على باقي المراجعين أو تعطيه مالا يستحقه أو تغض الطرف عنه، فلما استعمل النبي[ ابن اللتبية على زكاة المواشي فعندما رجع قال: هذا لكم وهذا أهدي إليّ، فقال[: «أفلا قعد في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا».

      والموظف يقبل النصيحة ويحلم ويصبر على الآخرين وإن اتهموه زورا وبهتانا وهو يراقب ربه ويرجو ما عنده، فها هو ذا أبو بكر الصديق يوم توليه الخلافة يقول: «إن أحسنت فأعينوني، وإن اسأت فقوموني» ويحرم استغلال الوظيفة للأغراض الشخصية لحديث: «من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمّر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم» رواه الحاكم.

- حتى في السفر كان النبي[ يوصي أصحابه بالأمانة ومراقبة ربه في السر والعلانية، قائلاً: «استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك». يا لها من وصية عظيمة يحتاجها الصغير والكبير.

      حقا إن الأمانة شاملة لكل جوانب الحياة وقد حملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، فعليه استخدام العدل في كل حياته مع الحميم والعدو، وعليه أن يتعلم حتى لا يقع في الخيانة وهو جاهل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك