رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 22 مايو، 2023 0 تعليق

شرُّه عظيم .. وعاقبته وخيمة

 

- قال -صلى الله عليه وسلم-:«الظلم ثلاثة، فظلم لا يغفره الله، وظلم يغفره، وظلم لا يتركه، فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك، قال الله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، وأما الظلم الذي يغفره، فظلم العباد أنفسهم فيما بينهم وبين ربهم، وأما الظلم الذي لا يتركه الله، فظلم العباد بعضهم بعضا، حتى يُدبِّر لبعضهم من بعض».

- وأنواع المظالم كثيرة، منها: ظلم النفس، وظلم في المعاملات، وفي المال، وفي العرض. ففي النفس: بالقتل أو غيره، وفي المال: بالسرقة وغيرها، وفي العرض: بالغيبة والشتم ونحو ذلك.

- ودليل ظلم النفس: قوله –تعالى- : {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} (النساء:29)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة»، وحرم الله قتل النفس البريئة، قال - تعالى - في آية الأنعام : {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (الأنعام: 151)،  وقال - صلى الله عليه وسلم -: «كل المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله»؛ ولذا أوجب الله القصاص، قال - تعالى-:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (المائدة: 45).

- ودليل ظلم المعاملات: قوله - تعالى-: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (البقرة:231). أي لما اعتدى على الآخرين بلا مسوغ فكأنما اعتدى على نفسه. وقال رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». أي غش فأخذ ما ليس له حق فيه، وهذا تحذير عظيم. وحتى الدواب يوم القيامة يأخذ كل حقه؛ بحيث لا يظلم أحد أحدا َ: «لَتُؤَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقيامَةِ حَتَّى يُقَادَ للشَّاةِ الْجَلْحَاء مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاء». الجلحاء التي لا قرن لها، والقرناء ذات القرون؛ فإذا اقتُصَّ للبهائم فكيف بالمكلفين؟!

- ودليل ظلم المال: قوله - تعالى-: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (المائدة:38)، وحذر الرسول-صلى الله عليه وسلم - من السرقة؛ لأنها أخذ مال الآخر دون وجه حق، ففي الحديث: «أنَّ امْرَأَةً مِن بَنِي مَخْزُومٍ سَرَقَتْ، فقالوا: مَن يُكَلِّمُ فيها النبيَّ -صلى الله عليه وسلم ؟ فَلَمْ يَجْتَرِئْ أحَدٌ أنْ يُكَلِّمَهُ، فَكَلَّمَهُ أُسامَةُ بنُ زَيْدٍ، فقالَ: إنَّ بَنِي إسْرائِيلَ كانَ إذا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ، لو كانَتْ فاطِمَةُ لَقَطَعْتُ يَدَها».

- ودليل ظلم العرض: حذر الله - سبحانه وتعالى - من الاستطالة في عرض المسلم، ظنا أو تجسسا أو غيبة فقال –تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} (الحجرات:12).

- والظلم عام يشمل المسلمين وغير المسلمين: لكنه في حقِّ المسلم أشدّ؛ لذا حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على أداء الحقوق إلى أصحابها في الدنيا قبل الآخرة؛ فقال: «من كانت له مَظلِمةٌ لأخيه فلْيتحلَّلْ منها في الدنيا؛ فإنه ليس ثَم دينار ولا درهم، مِن قَبلِ أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن حسنات أُخِذ من سيئات أخيه فطُرِحت عليه».

- والظلم من أقبح الكبائر: ولذا نهى الله - جل وعز- عنه بمختلف أنواعه؛ لما يترتب عليه من العدوان والشر والفساد والبغضاء والعداوة؛ فقال - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن رب العزة - جل وعلا-: «يقول الله -عز وجل-: يا عبادي، إني حرمتُ الظلم على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تظالموا».

- وأما عقوبة الظالمين فهي عظيمة: فالظلم ظلماتٌ يوم القيامة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقوا الظلم، فإنَّ الظلم ظُلمات يوم القيامة»، وقال - تعالى -: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} (الفرقان:19)، ويقول: {وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (الشورى:8)، وقَالَ - تَعَالَى-: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} (غافر:18)، وقال - تعالى-: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} (الحج:71)؛ فالظلم شرُّه عظيم، وعاقبته وخيمة.

- فالواجب على المسلم أن يحذر أنواعَ الظلم كلها، وأن يتَّقي الله في ذلك، يرجو رحمته، ويخشى عقابه.

 

22/5/2023م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك