رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. محمد احمد لوح 20 أغسطس، 2017 0 تعليق

شروط التوحيد ثمانية (5) القبـول والثبـات

إن البشارة بالجنة لأهل (لا إله إلا الله) قُيدت بثمانية شروط كما دل على ذلك القرآن والسنة، فلا ينتفع صاحب لا إله إلا الله بهذه الكلمة العظيمة حتى يستوفي هذه الشروط ويحققها، أما إذا أخلّ بواحد منها فلا ينتفع بمجرد النطق بها وسنتناول في هذه السلسلة من المقالات هذه الشروط بشيء من التفصيل، واليوم مع الشرط السابع والثامن القبول والثبات.

القبول المنافي للرّد 

     فلا بدّ من قبول هذه الكلمة قبولاً حقًّا بالقلب واللّسان حتى تكون هذه الكلمة منجية، وقد قصّ الله علينا في القرآن الكريم أنباء من سبق ممّن أنجاهم؛ بسبب قبولهم للا إله إلاّ الله, وانتقامه وإهلاكه لمن ردّها ولم يقبلها, قال -تعالى-: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ}.

وقال -تعالى-: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} النور: 51.

- وقد أمر الله بقبول دعوة التوحيد فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}.

- ونهى -تبارك وتعالى- عن رد دعوة التوحيد فقال: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ} الأنفال 20.

- وأخبر -تعالى- أن في مقدمة من قبلوا هذه الدعوة الرسول والمؤمنين والملائكة فقال -تعالى-: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}.

- ومؤمنو الجن أيضا أعلنوا قبولهم لهذه الكلمة؛ حيث قالوا: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً} الجن 13.

وقال -تعالى-: {وَما كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً} الأحزاب 36.

الكبر والعناد

وفي الجانب المقابل فمن رد دعوة التوحيد ولم يقبلها كان كافرًا، سواء كان ذلك الرد بسبب الكبر أم العناد أم الحسد. وقال -سبحانه- في شأن المشركين: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ}.

ويترتب على التولي عن قبول دعوة التوحيد عواقب وخيمة، منها:

1. الاختلاف والشقاق: {فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ}.

2. الحرمان من محبة الله: {قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} آل عمران 32.

3. الاستبدال بهم غيرهم: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} {ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} التغابن 6.

4. وجوب البراءة منهم: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} آل عمران 64.

وزاد بعض العلماء شرطا ثامنا وهو الثبات عليها حتى الممات؛فعن أبي ذر مرفوعا: «ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة».

وقد أمر الله نبيه بالثبات فقال: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} قال ابن كثير -رحمه الله-: «يأمر -تعالى- رسوله وعباده المؤمنين بالثبات والدوام على الاستقامة، وذلك من أكبر العون على النصر على الأعداء ومخالفة الأضداد ونهى عن الطغيان، وهو البغي، فإنه مَصرَعة حتى ولو كان على مشرك».

حقق التوحيد بتحقيق شروطه

وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال: لما نزلت هذه الآية {فاستقم كَمَا أُمِرْتَ} قال: شمروا شمروا فما رؤي ضاحكاً بعدها.

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ما نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية هي أشدّ عليه من هذه الآية، ولذلك قال: «شيبتني هود وأخواتها».

     ولا شك أن من حقق التوحيد بتحقيق شروطه السبعة لا بد أن يترتب عليه الثبات، ومن هنا كان من آثار الإيمان الثبات بكل أنواعه ومعانيه عند الشدائد والمحن والمصائب، الثبات يوم تمتحن الأمة بأعدائها، الثبات للداعي في دعوته، الثبات للمصاب عند مصيبته، الثبات للمريض عند مرضه حتى الممات، الثبات أمام الشهوات، الثبات أمام الشبهات، الثبات على الطاعات..

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك