رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: رجب أبو بسيسة 25 سبتمبر، 2019 0 تعليق

شخصية الداعية التي نريد


عدم التوازن عند بعض العاملين لدين الله أصبح أمرًا واضحًا، ومقلقًا جدًّا في الوقت نفسه؛ فالكل الآن يتحدث عن حجم التحديات والعقبات التي تعترض طريق العمل لله، والكل أصبح يوقن أن العبور إلى الاستقرار أمرٌ بعيدُ المنال إلا أن يشاء الله أمرًا آخر، وحتى نكون على بصيرة مِن أمرنا، فلن نستطيع أن نَعْبُر إلى المستقبل ونصنع فيه شيئًا إلا بالشخص المتوازن بعد التوفيق مِن الله -تعالى.

     والناس في هذا المضمار كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِلٍ مِائَةٍ، لَا يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً» (متفق عليه). أي: كما أنك لا تكاد تجد في الإبل المائة ناقة تصلح أن تكون راحلة تتحمل مشاق السفر والارتحال، كذلك الناس لا تكاد تجد في كثيرٍ منهم مَن يتحمل الأعباء والأمور العظيمة.

نريد هذه الشخصية

ونحن نريد هذه الشخصية، الشخصية الراحلة المتوازنة: علميًّا، وأخلاقيًّا، وسلوكيًّا، وحركيًّا، ودعويًّا. مع إعدادها إيمانيًّا وفكريًّا.

خطورة الأمر

     وحتى تستشعر خطورة الأمر، وتتأكد أن هناك خللًا زاد عن الحد مع عدم يقظة عند كثيرٍ مِن شبابنا، دعني أسألك: ما وضعك التعبدي والعلمي والدعوي؟ ما أخبار وردك اليومي وعباداتك الشخصية؟ ما أخبار اطلاعك اليومي وقراءتك، وأيُّ كتاب تقرأ الآن؟ أظن أن الإجابة مقلقة وتجعلنا نفكر كثيرًا.

كيف نواصل السير؟

السؤال الأكثر إلحاحًا: كيف نواصل السير دون توازن؟ فالتوازن هو وقود الحركة للمستقبل، والموفق مَن وفقه الله، والشاب المصلح والاهتمام به هو البُعد الاستراتيجي للدعوة، وللعمل الإسلامي في المستقبل.

حال النبي - صلى الله عليه وسلم

     وتأمل حال النبي - صلى الله عليه وسلم - في المرحلة المكية؛ لتعرف طبيعة الطريق، فمع صعوبة الأوضاع، وتأزم الموقف في مكة إلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل مجموعة من أصحابه للحبشة بعيدًا عن ضغط الواقع؛ لأن المستقبل يحتاج الكثير «وللعلم: ليس كل مَن ذهب إلى الحبشة كان فقيرًا أو مستضعفًا؛ بل كان منهم مَن له منعة وقوة ومال، كجعفر، وعثمان، وغيرهما -رضي الله عنهما-».

ما دورك؟

والسؤال الأهم الآن: ما دورك؟

لأن بعضهم ترك دوره الحقيقي الموكل إليه، وانشغل بأشياء أخرى ثانوية غير مفيدة، وأصبحنا نرى مسؤوليات مهملة، وأدوارًا شاغرة لا يقوم بها أحد، وقد كان لها ثمرة ملموسة.

لقد أصبح شغلنا الشاغل متابعة التحليلات السياسية، والانشغال بكل جديد، والمبالغة في المباحات، والترخص فيها إلى حد الترف، ومِن ثَمَّ يسقط الكثير في تبعات ذلك من التقصير في طلب العلم، والبعد عن طريق الدعوة.

     وإن كنتُ لا أقصد بهذا الكلام عدم المتابعة، أو التهاون في الأمور المهمة، قطعًا؛ بل أقصد التوازن، فإذا رأيت خللًا في المشهد السياسي؛ فعليك أن تقدم النصح والتوجيه ثم تعود لدورك الأساسي، كذلك إذا انشغلت بأمر مهم فلا تنسَ ما هو أهم منه (دورك العلمي والدعوي).

المعركة طويلة

تَوَازَنْ إن كنت تحب الدعوة. توازن إن كنت تريد التمكين. توازن إن كنت تريد الاستمرار؛ فالمعركة طويلة، ولك دور فيها، فهل يصح الهروب والتنصل مِن دورك، ومِن التكليف الذي أنت منوط به؟

شعار المسلم

فليكن شعار المسلم في حياته: (التوازن والوسطية) في كل شيء، فقد وصف الله -تعالى- الأمة الإسلامية بأنها أمة الوسط فقال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة:143).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك