رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وسمية المسيطير 3 يناير، 2023 0 تعليق

شبهات حول المرأة في الإسلام – نماذج من تكريم المرأة في الشريعة (2)

 

ما زال حديثنا مستمرا حول حقوق المرأة وحريتها، ومحاولات العلمانيين في تشويه صورة المرأة وموقف الإسلام منها، وإظهارها وكأنها مظلومة ومسلوبة الحقوق مكسورة الجناح؛ فالإسلام بنظرهم فرّق بينها وبين الرجل في الحقوق وجعل العلاقة بينهما تقوم على الظلم والاستبداد لا على السكن والمودة، الأمر الذي يستدعي من وجهة نظرهم قراءة الدين قراءة جديدة تقوم على مراعاة الحقوق التي أعطتها الاتفاقيات الدولية للمرأة ومحاولة تعديل مفهوم النصوص الشرعية الثابتة كي تتوافق مع هذه الاتفاقيات.

     وكنا تكلمنا في الحلقة الماضية عن أنواع تكريم المرأة في الإسلام، وذكرنا منها أنَّ الاسلام جعل بعض النساء قدوة للرجال، وكذلك وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنساء، وأنواع العناية بالمرأة أمًّا وزوجة وأختا، ثم تكلمنا عن العلاقة بين المرأة والرجل، وكيف أنَّ الإسلام جعلها علاقة مقدسة وميثاقا غليظا، وذكرنا كيف تعامل الإسلام في حال حدوث كراهة بين الرجل والمرأة واستحالت العشرة بينهما، قال الله -تبارك وتعالى في حال انتهت الأمور إلى الطلاق-: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} سورة البقرة - 228، تنتظر المطلقة 3 أشهر، فربما عواطف تظهر أو مودة تعود، كل هذا لمصلحة البيت ولنفسية المرأة واستقرارها.

خير الناس

     ولتأكيد وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر - صلى الله عليه وسلم - أن أخير الناس هو من أحسن إلى أهله وأكرمهم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:»خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، فخيركم الذي يفي بحق أهله، فجعل الخيرية المطلقة في البيت، وجعل الإحسان إلى الزوجة والأبناء من أفضل القربات، وفاعله من خيرة الناس.

إكرام المرأة

      والنبي - صلى الله عليه وسلم - منذ بعثته جاء لإكرام المرأة التي ظلمت واضطهدت، وسلبت إرادتها وحريتها، فرفع الظلم عنها وصان كرامتها، وأرجع إليها حقوقها المسلوبة، حتى قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرًا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم».

     وليس صحيحا كما يشاع ويذاع أن المجتمعات الغربية ومن يسير على خطاهم قد حررّوا المرأة، اللهم إلا إذا كان هذا التحرر من الفضيلة والحياء والالتزام بالحشمة، في حضارة تقر وتشجع على البغاء والرقيق الأبيض وتشييع الفاحشة والرذيلة، وترسخ في أذهان الناس ضياع كرامة المرأة.

إنما النساء شقائق الرجال

     النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما سأل من أحب الناس إليك يا رسول الله؟ قال: عائشة، أفصح عن محبته لزوجته أمام الرجال؛ لأن المرأة كريمة عزيزة في الإسلام، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «إنما النساء شقائق الرجال».

     يقول ابن منظور: معنى (شقائق) أي نظائرهم في الخلق والطباع، وكأنهن شققن منهم، أي مثيلات الرجال فيما شرع الله وفيما منح الله لهن من النعم، إلا ما استثناه الشارع فيما فيما يتعلق بطبيعة المرأة وطبيعة الرجل، وفي الشؤون الأخرى خص الشارع المرأة بشيء، والرجل بشيء، والأصل أنهم سواء إلا فيما استثناه الشارع.

المرأة في نظر الغرب

      لننظر لمن يفتخر بالغرب وأنه أكرم المرأة ماذا يقول عن المرأة: لن أتكلم عن المرأة في العصور الوسطى وما كانت تعانيه من إجحاف وإهانة، حتى أنها كان زوجها يبيعها مثل أي متاع عنده، لكن سأتكلم عن أهل الإلحاد ماذا يرون المرأة، قد تكون صادمة لهم.

الرجل في مكانة أعلى من المرأة

     يقول (شارلز داروين) بالحرف الواحد: «الفرق الفكري الكبير لصالح الرجل على المرأة يجعله دوما في مكانة أعلى من المرأة»، وفي موضع آخر من كتابه (نشأة الإنسان): «الرجل في نهاية المطاف متفوق تماما على المرأة، أعلى من المرأة» وهي الصورة التي لا يعرف عنها الملاحدة الكثير، وهنا قد يقول قائل: لم تلزم الملحدين بكلام داروين؟

الحجة ليست في داروين، الحجة هي أن هذه هي النظرة الإلحادية للمرأة، فالمرأة والرجل في الإلحاد هما عبارة عن حيوانات ظهرت على شجرة التطور.

المرأة تطابق الغوريلا

     بل يقول (ستيفن جاي قولد) المتوفي سنة 2002: «إن المرأة تطابق الغوريلا على العكس من الرجل، هي في مرحلة أدنى تطوريا من الرجل، إن دونية المرأة لا مجال للجدال فيها لكن الجدال في درجة هذه الدونية».

     ومن شؤم الإلحاد العربي أنه اصطدم بالإسلام، فلم يجد فيه ما يجعله ينفّر المرأة من هذا الدين القويم، فصنع الإلحاد الأكاذيب حول الإسلام، وتعلل ببعض حالات الظلم التي وقعت للمرأة واستغل الإلحاد هذه الحالات واظهرها على أنها الإسلام، فهذه لعبة على من تردن الكفر فقط، أما أي امرأة تحتكم إلى نصوص الشرع مباشرة فلن تجد فيه إلا العدل كله والرحمة كلها.

حفظ المرأة من أن تؤذى

     أيضا من حفظ الإسلام للمرأة أن يمنع أن تؤذى المرأة ولو بكلمة: يقول الله -سبحانه وتعالى-: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (سورة الأحزاب -58 )، أي بغير ذنب اكتسبوه.

المتاجرة بجسد المرأة

     ومن حفظ الإسلام للمرأة منع المتاجرة بجسد المرأة، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ شر الكسب مهر البغي»، - أي شر الكسب أن تتم المتاجرة بجسدها، الآن على سلعة مكينة الحلاقة أو عبوة شاي أو سيارة يستخدم جسد المرأة في حال من الرخص والاحتقار لقيمة المرأة، لم يحصل لها مثيل حتى في زمن الجاهلية الأولى.

حفظ حقوق المرأة المالية

     كذلك الإسلام حفظ المرأة وهي زوجة: يقول الله -سبحانه وتعالى-: {وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ} (سورة البقرة -228)، فللمرأة الزوجة ما للرجل من حقوق وواجبات، وهم متساوون في التكليف والأجر، بل وأصبح للمرأة ذمة مالية مستقلة عن الرجل، تبيع وتشتري وتتاجر، ويكون المال باسمها ولم يحصل هذا الأمر في أوروبا إلا سنة 1938 م فقط منذ 82 سنة، أما في الإسلام منذ 1400 سنة.

حفظ حق المرأة في الميراث

      كما جاء الإسلام بحفظ حق المرأة في الميراث، والمرأة في الإسلام لها ميراث من المال كما للرجل ميراث، يقول الله -تبارك وتعالى-: {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُر نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} (سورة النساء -7)، ولو ننظر للغرب، كانت المرأة اليهودية لا ترث، كذلك الصينيون واليابانيون، بل إن المرأة الفرنسية كانت إلى سنة 1942 محرومة من التصرف في مالها الخاص، ما لم تحصل على إذن خطي من زوجها.

الإسلام حفظ الأنثى يتيمة

     كانت اليتيمة تورث بمالها لمن يربيها، وكان الرجل يتزوجها ولا يدفع لها مهراً؛ لأنها يتيمة؛ فنزل قول الله -تبارك وتعالى-: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} (سورة النساء - 3)، أي إن خفت أن تظلم اليتيمة ولا تعطهيا حقها، فانكح غيرها كما تحب مثنى وثلاث ورباع، واترك هذه لمن يعطيها حقها كاملاً، اتركها لمن يكرمها، فالإسلام جاء بإكرام الأنثى جنيناً وبالغة ويتيمة ًوأمًّا وزوجة ًوعجوزاً.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك