شبهات حول المرأة في الإسلام – نماذج من تكريم المرأة في الشريعة (4)
ما زال حديثنا مستمرا حول حقوق المرأة وحريتها، ومحاولات العلمانيين في تشويه صورة المرأة، وإظهارها وكأنها مظلومة ومسلوبة الحقوق مكسورة الجناح؛ فالإسلام بنظرهم فرّق بينها وبين الرجل في الحقوق، وجعل العلاقة بينهما تقوم على الظلم والاستبداد لا على السكن والمودة، الأمر الذي يستدعي -من وجهة نظرهم- قراءة الدين قراءة جديدة، تقوم على مراعاة الحقوق التي أعطتها الاتفاقيات الدولية للمرأة، ومحاولة تعديل مفهوم النصوص الشرعية الثابتة كي تتوافق مع هذه الاتفاقيات، واليوم نتكلم عن شبهة أثارها هؤلاء وهي الولاية على المرأة.
الولاية على المرأة البالغة الرشيدة تنحصر في نوعين:
- الأول: ولاية التزويج: والجمهور على أنه ليس للمرأة أن تزوج نفسها، بل يشترط لصحة نكاحها أن يعقده الولي أو من ينيبه.
- والثاني: ولاية الزوج التأديبية: وقد ذهب أهل العلم إلى أن من أحكام عقد النكاح، ولاية الزوج على تأديب زوجته، إذا استعصت عليه، وترفعت عن مطاوعته، ومتابعته فيما يجب عليها من ذلك، لقوله -تعالى-: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا}، فيعظها أولا بالرفق واللين، لعلها تقبل الموعظة، فتدع النشوز، فإن لم ينفع معها ذلك، هجرها في المضجع، فإن أصرت على البغض والعصيان، ضربها ضربا غير مبرح، بالقدر الذي يصلحها له ويحملها على توفية حقه.
الولاية في النكاح
لا يجوز للفتاة تزويج نفسها بغير إذن وليها، وهنا يصور الملحد هذه المسألة نوعا من التضييق على المرأة، في حين أن الأمر في حقيقته مسؤولية ملقاة على عاتق الولي؛ حيث يحميها من ابتزاز شخص عديم الرجولة، يريد أن يتزوجها سرا دون علم أهلها، ثم يدعها بعد أن ينال حظه منها، كذلك ليحميها الولي من أن يضيع حقها بعاطفتها، فيحفظ لها حقها الذي قد تغفل عنه لعاطفتها؛ فهي ربما تقبل بالتنازل عن كل حقوقها المالية من الزوج لفرط تعلقها به، فوليها يحفظ حقها ويضمن عدم استغلال الخاطب لها.
نظرة صحيحة للولاية
ولو نظر الملحد للولاية نظرة صحيحة عادلة لعلم أنها تضييق على الرجل، تضييق على الخاطب، فالخاطب ملزم أمام ولي الزوجة بأداء الحقوق لها، ثم إن المرأة في الإسلام لا تتزوج إلا بمن ترضى به وإلا انفسخ العقد؛ فأين التقييد في ولاية النكاح؟ يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «لا تنكح البكر حتى تستأذن» ولو زوجها الولي بغير رضاها لفسخوا العقد كأن لم يكن، جاءت فتاة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفعوا بي خسيسته؛ فجعل الأمر إليها فقالت: قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن تعلم النساء، أن ليس للآباء من الأمر شيء، فما تمضيه الفتاة يمضي، وما تفسخه يفسخ، فولاية النكاح هي لحفظ حقوقها، فهل في هذا ما يلام؟
سؤال مهم
وهنا يأتي سؤال: هل للرجل ولاية على مال المرأة؟
والجواب: للمرأة مطلق الحرية في أموالها، فليس للرجل ولاية على أموالها، لا زوج ولا أب ولا أخ ولا أحد، هذا منذ 1400 سنة، ولم يحصل هذا الأمر في أوروبا الا سنة 1938 فقط تقريبا منذ 80 سنة فلم يكن لها الحق بحيازة المال باسمها، بل للمرأة حق في مال زوجها وليس له حق في مالها؛ فأوجب الدين النفقة والسكن والمهر على الرجل، وفي المقابل ليس له الحق في مالها أو التصرف فيه.
ولو ننظر أن أغلى ما يحب الإنسان المال، فالله يفرض فرضا وجوباً على الرجال أن يدفعوا من هذه الأموال للنساء نفقة مستمرة، وهذا يعارض محبة الانسان فكيف من يدعي أن هذا الدين جاء ليظلم المرأة؟!
أي رحمة هذه!
وقد جعل الله ولاية الرجل على المرأة في نطاق الأمور التي تحتاج فيها المرأة للرجل، فأي رحمة هذه! يقول الله -تبارك وتعالى-: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (سورة الملك -14)، ويجب أن تنتبه المرأة المسلمة إلى ألاعيب ناشري الشبهات أن تلتبس عليها شبهة أو تكره شيئا مما أنزل الله فيحبط عملها، يقول الله -تبارك وتعالى-: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (سورة محمد -9)، فنحن عبيد لله، خاضعون لشرعه وأمره، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (سورة الأحزاب -36).
حال المسلم مع شرع ربه
فهذا حال المسلم مع شرع ربه التسليم التام والرضى التام والقبول التام، يقول الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (سورة النور -51)، وكذلك قوله -تبارك وتعالى-: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (سورة النساء - 65)، فما قدر الله وما شرع إلا الخير ولحكمة وعدل وكمال لك ولقلبك ولنفسك ولبيتك ولمستقبلك الدنيوي والأخروي، هذا النطاق الذي تشمله قوامة الرجل لا يمس كيان المرأة ولا يمس كرامتها، وإنما القوامة هي القيام بما في مقدور الرجل، و ليس في مقدور المرأة أو تستحي منه المرأة.
2- ومن أنواع القوامة: أن يؤمن الولي سفر المرأة لئلا يؤذيها أحد.
3- وكذلك: قوامة النفقة وهذه أساس القوامة، يقول الله -سبحانه وتعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (سورة النساء -34)، فيقوم عليها بالنفقة أبا وزوجا، فالأب يكد ويسعى ويكافح من أجل توفير لقمة عيش كريمة لابنته، والزوج لزوجته .
علاقة تكاملية
فعلاقة الرجل بالمرأة في الإسلام علاقة تكاملية فطرية طبيعية تراحمية، لكن الثقافة الغربية جعلت العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة صراع، وعلاقة تثوير المرأة على الرجل، وكأن نجاح المرأة سيكون على حساب الرجل أو على مكاسب الرجل وهذا فهم خطأ؛ فنجاح المرأة في غير ما حرم الله هو في الإسلام نجاح للرجل وفرحة للرجل السوي، بل نرى من ترك وظيفته وذهب مع زوجته لإكمال دراستها.
لاتوجد تعليقات