رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبد المنعم الشحات 27 يوليو، 2022 0 تعليق

شبهات حــول الحجاب

 

لا يكف بعض الناس عن التلاعب بالثوابت تحت ذرائع شَتَّى، ومن إنكار فرضية الحجاب على المرأة المسلمة متذرعين بعددٍ مِن الشبهات الواهية، ولنا مع هذه الشبهات وقفات في محاور عدة، المحور الأول: وجوب اتباع الشريعة ومنهج تفسير نصوصها، والمحور الثاني: بيان معنى (الحجاب والجلباب والخمار وستر العورة)، والمحور الثالث: حديث أسماء إذا حُكِم بضعفه، يكون الواجب هو ستر الوجه والكفين، وليس سقوط فرضية الحجاب، والمحور الرابع: الأجوبة عن شبهات متفرقة.

 

المحور الأول: وجوب اتباع الشريعة ومنهج تفسير نصوصها وفيه نقاط عِدَّة

أولاً: وجوب اتباع الشريعة

     أنزل الله -عز وجل- تشريعًا على محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وجعله واجب الاتباع، فقال -تعالى-: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.

ثانيًا: نصوص الشريعة جاءت مفهمة معلمة

     نصوص الشريعة جاءت مفهمة معلمة، تُفهَم بقواعد خاصة بينتها الشريعة ذاتها، وبقواعد عامة مستفادة من العقل، ومن قواعد اللغة العربية في زمن نزول الوحي، ومن ثم: فالواجب اتباع نصوص الشرع وتفسيرها بالمنهج الذي أرشد إليه الشرع، ولا يرد على العقل: أن افتراض أن ثمة مخاطِب يريد من المخاطَب أن يفهم كلامه برأيه وهواه هو نوع مِن العبث يَتَنزَّه عنه عقلاء البشر؛ فكيف بخطاب الله عز وجل؟!

ثالثًا: وسيلة مَن يجهل سؤال أهل الذكر

     من أجل هذا جعل الله وسيلة مَن يجهل الخطاب ومنهج تفسيره هو: سؤال أهل الذكر، فقال -تعالى- {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، وقال -تعالى-: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}، ومِن أجل ذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حقِّ مَن أفتى صاحب الجرح أن يغتسل رغم جرحه فمات-: «قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ إنما شفاء العي السؤال».

رابعًا: الحذر من زلات العلماء

     على الرغم مِن أن السؤال هو وسيلة العامي لمعرفة الحكم الشرعي، إلا أنه يجب عليه الحذر من زلات العلماء كما حذَّر منها ملهم هذه الأمة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: «ثلاث يهدمن الدِّين: زلة العالم، وجدال المنافق بالقرآن، والأئمة المضلون»، ويعرف العامي زلةَ العَالِم بمخالفته لمَن سبقه، وإنكار مَن أتى بعده، وبيان أن كلامه مصادم للنصوص.

خامسًا: نقل الفهم جيلا بعد جيل 

     ومن هنا يعلم: أن النصوص كما رُوِيت بالتواتر: كالقرآن والسنة المتواترة، أو بالأسانيد كباقي السنة، فإن منهج فهمها نُقِل جيلًا بعد جيلٍ؛ قال الله -تعالى مخاطبًا جيل الصحابة رضي الله عنهم-: {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «يحمل هذا العِلْم من كلِّ خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».

سادسًا: اتصال العلم منذ زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - عِلْمًا وعملًا

     ومِن ثَمَّ فقد اتصل هذا العلم منذ زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - عِلْمًا وعملًا، وقامت الأمة برفض انتحال المبطلين (وإن حمل بعضُهم شهادات علمية في زماننا)، وما قبلت الأمة فيه الخلاف مما قَدَّر الله ألا يجعل عليه بينات، وإنما جعل عليه أدلة محتملة لكي تبذل الأمة جهدها في فهمها، وهذه عبودية خاصة يتميَّز بها مَن يريد الامتثال لشرع الله عمَّن يريد الفتنة، قال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}.

سابعًا: إجماع الأمة حجة كاشفة

     جعل اللهُ إجماعَ الأمة حجة كاشفة يعلم بها الحق في أمورٍ لم يكن دليلها في الأصل مما يعرفه القاصي والداني، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الجَمَاعَةِ».

ثامنًا: المسائل الإجماعية

     والمسائل الإجماعية لا يلزم أن تكون مُجْمَعًا على كلِّ تفاصيلها، بل قد يكون الأصل مجمعًا عليه، وبعض التفاصيل فيها اختلاف، وهذه التفاصيل المختلف فيها لا تقدح في الأصل المجمع عليه.

تاسعًا: الأمور المجمع عليها ينتشر علمها

     هذه الأمور المجمع عليها ينتشر علمها؛ حتى يعلمها العالم والجاهل، والصغير والكبير، وحينئذٍ تُوصَف بأنها معلومة من الدِّين بالضرورة، ويرتِّب العلماء على وصف مسألة ما بأنها معلومة من الدين بالضرورة تكفير منكرها عند جمهور أهل العلم؛ مما يستوجب الحذر الشديد مِن الخوض في هذه المسائل.

عاشرًا: العرف لا يقدم على نصِّ القانون

     لا يوجد نظام قانوني يمكن أن يجعل العرف مقدَّمًا على نصِّ القانون، وإلا فَقَد القانون معناه، وغاية ما هنالك: أن يعترف القانون بالعرف فيما لا يعارض القانون، أو في تفسير ما أجمله القانون: كالتعبير عن الرضا في العقود، وشريعة الله -عز وجل- أولى بهذا، وهي مقدَّمة على كلِّ عرف يخالفها، وكل عرف يخالفها فهو عرف فاسد، بل وحتى الشروط التعاقدية المنصوص عليها تبطل إذا خالفت الشريعة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما بالُ أقوامٍ يشترطون شروطًا ليست في كتابِ اللهِ؟! مَن اشترطَ َشرطًا ليس في كتابِ اللهِ، فهو باطلٌ، وإن كانَ مائةَ شرطٍ، كتابُ اللهِ أحقُ، وشرطُ اللهِ أوثقُ».

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك