رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 16 ديسمبر، 2024 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1247

الشباب وقيمة الاحترام

وجهنا الله - تعالى - إلى شيء عظيم، يرسخ فضيلة الاحترام؛ حيث قال: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}، أي كلموهم بالكلام الطيب، وألينوا لهم جانبًا، ولاطفوهم، وناصحوهم بما يصلح شأنهم، فكلما درج الناس في سلم الحضارة فالمفترض أن يكون بينهم احترام أكبر ولطف أعظم؛ ولهذا فإنَّ علينا جميعًا أن نكون دقيقين في تعبيراتنا وتصرفاتنا؛ حتى لا يؤذي بعضنا بعضًا من غير قصد.

        والقاعدة الذهبية في هذا هي أن نخاطب الناس بالأسلوب الذي نحب أن يخاطبونا به، ولو أننا عملنا بهذه القاعدة لتخلصنا من كثير من مشكلاتنا الاجتماعية، وما أجمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسُ مُحَمَّدٍ بيدِهِ لا يُؤْمِنُ أحدُكُم حتى يُحِبَّ لِأَخِيهِ ما يُحِبُّ لنفسِهِ من الخيرِ»، فالناس بفطرتهم في حاجة ماسة إلى من يقدرهم، ويثني عليهم، ويحفزهم ويهتم بهم. فعلينا إلقاء السلام على من نلقاه في طريقنا، والتبسم في وجهه، وسؤاله عن حاله، والاعتذار إليه عند الخطأ، والمسارعة إلى مساعدته في ساعة ضيق أو كرب، والثناء على أعماله الحسنة، كل ذلك من الأمور التي تعبر عن الاحترام والاهتمام. احذروا يا شباب من التكبر على الآخرين وإهمالهم والاستخفاف بهم! وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا قدره»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط». نحن جمعيًا في حاجة إلى أن ننمي في نفوسنا مشاعر (الحياء)؛ لأننا -حينئذ- سنحترم الناس ونقدرهم؛ وعلى رأسهم الأبوان والمعلمون وكبار السن، ومن لهم أيادٍ بيضاء في خدمة الناس والإحسان إليهم، وفي خدمة البلاد ورفعة شأنها.  

{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}

         قال الله -تعالى-: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34-35)، أي: إذا أساء إليك مُسيء مِنَ الخَلق -خصوصًا مَن له حَقٌّ كبير عليك، كالأقارب، والأصحاب، ونحوهم- إساءةً بالقول أو بالفعل، فقابله بالإحسان إليه؛ فإن قَطعك فصِلْه، وإن ظلمك فاعف عنه، وإن تكلَّم فيك غائبًا أو حاضرًا فلا تُقابلْه، بل اعف عنه، وعامله بالقَول الليِّن، وإن هجرك وترك خطابك فطَيّبْ له الكلام، وابذُل له السَّلام، فإذا قابَلت الإساءة بالإحسان حَصَل فائِدةٌ عَظيمةٌ.  

المرء بأصغريه

          قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: كثيرٌ من النَّاس يهتمُّ بصورته الخارجيَّة ومظهره المشاهَد ولا يهتمُّ بالمخْبَر، ولهذا يكون منه أنواع من الزَّلل والخطل ولا يبالي بذلك مما يخرِم مكانته ويضعف منزلته ويوقعه مواقع الذُّل والهوان، بينما إذا اعتنى المرء بهذين العضوين (اللِّسان والقلب) عنايةً تامَّة، وحافظ عليهما، واهتم بإصلاحهما وتقويمهما في ضوء هدي الشَّريعة وآدابها القويمة، صَلَحت حاله كلُّها، قال النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا صَادِقًا» فجمَع - صلى الله عليه وسلم - في هذا الدُّعاء بين هذين العضوين الخطيرين العظيمين.

مفهوم الاحترام والتوقير

         الاحترامُ هو الإكبارُ والمهابةُ ومراعاة الحُرمةِ وحُسنُ المعاملةِ، قال ابنُ تَيميَّةَ -رحمه الله-: التَّوقيرُ: اسمٌ جامعٌ لكُلِّ ما فيه سكينةٌ وطمأنينةٌ من الإجلالِ والإكرامِ، وأن يُعاملَ الإنسان من التَّشريفِ والتَّكريمِ والتَّعظيمِ بما يصونُه عن كُلِّ ما يخرِجُه عن حَدِّ الوَقارِ، وقد أمرَت السُّنَّة بحُسن المعاملة والبشاشة، والقولِ الحَسَن وبَذل السَّلام، ودعت إلى تهذيب اللّسان، والتَّحلي بالتَّسامح، ونبذ الفُحش والبذاءة.  

من صور الاحترام المحمودة

         من صور الاحترام المحمودة إكرام الصغير لمن هو أكبر منه سنًا، أو أكثر منه فضلا، فإن ابن عمر -رضي الله عنهما- لما عرف جواب سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشجرة التي تشبه المسلم لم يُجب، يقول: «فأردت أن أقول هي النخلة، فنظرت فإذا أنا أصغر القوم، فسكتُّ» وفي الحديث: «البركة مع أكابركم»، والكبير في قومه لا يليق أن يقابل بغير الإكرام جاء في الحديث الحسن: «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه».  

مجاهدة النفس لاكتساب محاسن الأخلاق

           الخلق الحسن نوع من أنواع الهداية، ومن أسباب حصولها للعبد مجاهدة نفسه، قال -عز وجل-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} {العنكبوت:69}، فمن جاهد نفسه على التحلي بالفضائل، وجاهدها على التخلي من الرذائل حصل له خير كثير، واندفع عنه شر مستطير؛ فالأخلاق منها ما هو غريزي فطري، ومنها ما هو اكتسابي يأتي بالدربة والممارسة، والمجاهدة لا تعني أن يجاهد المرء نفسه مرة أو مرتين أو أكثر، بل تعني أن يجاهد نفسه باستمرار؛ ذلك أن المجاهدة عبادة، والله- تبارك وتعالى- يقول: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر: 99).  

من ثمرات الإيمان بتوحيد الربوبية

  • الرضا بما كتبه الله -سبحانه وتعالى- على العبد؛ لأنه يعلم أن الله هو الذي يدبر أموره كلها.
  • عدم الجزع عند المصيبة، وعلى فوت شيء من متاع الدنيا الزائل؛ لأن الله قدر كل شيء، ودبَّره تدبيرا محكَمًا.
  • الإيمان بتوحيد الربوبية يجعل القلب مطمئنًّا، آمناً، مهتدياً للحق؛ قال الله -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28).
 

خطأ التهاون في صلة الأرحام

         من الأخطاء التي يقع فيها بعض الشباب، عدم الحرِصُ على صلة أقاربه، وهذه ظاهرة خطيرة؛ لأنها تؤدي إلى انتشار الجفاء بين الأقارب في العائلة الواحدة، ولعل أحدَهم يقابل بعض أقاربه في مكان ما فلا يعرِفهم، إلا بعد أن يذكروا أسماءهم، ولقد حثنا الإسلام على صلة الأرحام، والتعرف على أحوالهم، وزيارة مرْضاهم، وقضاء حوائجهم، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّحِم مُعلَّقة بالعرش، تقول: مَن وصلني وصله الله، ومَن قطعني قطعه الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقِه، أو يُنسَأ له في أثره؛ فليَصِلْ رَحِمَه».    

توحيد الربوبية من أصول العقيدة

        من أصول العقيدة التي يجب على الشباب تعلمها أنواع التوحيد، وأول أنواع التوحيد هو: توحيد الربوبية، والربوبية صفة من صفات الله -سبحانه وتعالى-، وهي مأخوذة من اسم الرب، والرب في كلام العرب يطلق على معان منها: المالك، والسيد المطاع، والمُصْلِح، ومعنى توحيد الربوبية: أن يعتقد العبد أن الله خالق، ورازق، ومدبِّر، وأفعال الله -سبحانه وتعالى- كثيرة منها: الخلق، والرَّزْق، والسيادة، والإنعام، والتصوير، والعطاء والمنع، والنفع والضر، والإحياء والإماتة، والتدبير المحكَم، والقضاء والقدر، وغير ذلك من أفعاله التي لا شريك له فيها؛ ولهذا فإن الواجب على العبد أن يؤمن بذلك كله.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك