رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 20 نوفمبر، 2024 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1243

التراحم  . . من مكارم الأخلاق

  الإسلام يحثّ على مكارم الأخلاق ويدعو إليها، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ»، وفي رواية: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ». وقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» ومن مكارم الأخلاق المنشودة «التراحم»: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّاحِمُونَ ‌يَرْحَمُهُمُ ‌الرَّحْمَنُ، ‌ارْحَمُوا ‌مَنْ ‌فِي ‌الأَرْضِ ‌يَرْحَمْكُمْ ‌مَنْ ‌فِي ‌السَّمَاءِ» والمقصود بالتراحم: إشاعة الرحمة بين الناس في جميع مجالات التعامل، ولا شك أن حاجتنا ماسة جدا إلى التراحم، ولا سيما في هذا الزمان الذي شاعت فيه القسوة والغلظة والعنف، وصارت أخبار القسوة والعنف تطالعنا في كل لحظة تقريبًا، بل نجد من الأفلام ما يصور العنف والقسوة على أنه بطولة، حتى صار كثير من الشباب يقلدون هؤلاء، ظنًّا أن ذلك من مظاهر الرجولة، بينما التراحم من أعظم صفات المؤمنين: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كمَثَلُ الْجَسَدِ الواحد؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، والتراحم من أسباب المحبة والاجتماع بين أفراد المجتمع: قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كمَثَلُ الْجَسَدِ الواحد؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (متفق عليه).  

ملاطفة الخلق

         قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به». مدارج السالكين (4/ 2744)  

نماذج مضيئة من سلفنا الصالح

         من النماذج الشبابية المضيئة في تاريخنا الإسلامي مصعب بن عمير، الذي بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - أول سفير في الإسلام؛ ففتح الله على يديه قلوب الأوس والخزرج، فدخلوا في الإسلام جميعهم، وكانوا اللبنة الأولى والصخرة الصلبة التي قامت عليها دولة الإسلام وحضارة الإسلام، وهذا أسامة بن زيد يؤمّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جيش المسلمين الذي توجه لقتال الروم في بلاد الشام، ولم يتجاوز عمره ثمانية عشر عامًا، وكانت الروم يومها أكبر إمبراطورية في التاريخ، وهذا محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية (عاصمة الدولة البيزنطية)، وكان عمره ثلاثة وعشرين عامًا.  

رسالة إلى الشباب

          اعلموا يا شباب، أن الإسلام لَم ترتفع رايتُه، ولَم يمتدَّ على الأرض سُلطانه، ولَم تَنتشر في العالمين دعوته، إلاَّ على يد هذه الفئة المؤمنة التي تَربَّت في مدرسة النبي -  صلى الله عليه وسلم -، هؤلاء الشباب من الرعيل الأوَّل الذين حمَلوا راية الدعوة إلى الله، فحقَّق الله على أيديهم النصر، وقامت بهم دولة الإسلام الفتيَّة، ولا يُمكن للشباب أن يقوموا بما قام به أسلافهم، ويَنهضوا بمسؤوليَّاتهم، ويؤَدُّوا رسالتهم، إلاَّ إذا اقتدوا بهم وساروا على طريقهم واتبعوا منهجهم وسلكوا مسلكهم.  

أمور تعين على زيادة الرحمة في القلوب

  • طلب العلم الشرعي؛ لأنه يزيد الخشية، والرحمة من ثمرات الخشية: قال -تعالى-: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر: 28).
  • اجتناب مواطن القسوة والغفلة والعنف قال -تعالى-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} (الكهف: 28).
  • حضور مجالس الذكر، وارتياد المساجد: قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
  • اغتنام مواسم وأوقات زيادة الرحمة: قال - -: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٌ فَتَعَرَّضُوا لَهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا، فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا» (رواه الطبراني، وصححه الألباني).
  • الدعاء وسؤال الله خلق الرحمة: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} (آل عمران:8)، {رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} (الكهف:10).
 

صلاة الفجر مع الجماعة

        قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ المحافظةَ على صلاة الفَجر مع الجماعة من علاماتِ صدق الإيمان، ومؤشِّرٌ على قوَّة الإسلام، وإذا كانَ الرَّجلُ لا يشهدها مع الجماعة فهذا برهانٌ على ضعف إيمانه ودينه، ودليلٌ على استِسلامه لنفسه وهواه، وانهِزامه أمام شهواتِه، وكيف يَهنَأ المتخلِّف عنها بالنَّوم؟ وكيف يتلذَّذ بالفِراش والمسلمون في المساجد في بيوت الله مع قرآن الفَجر يعيشون؟! وكيف يُؤثِر لذَّة النَّوم والفِراش على لذَّة المُناجاة والعبادة، وأداء هذه الطَّاعة العظيمة؟! لا يفعل ذلك إلَّا خاسِرٌ محرُومٌ.  

مفاهيم خطأ..

هل العبرة بما وقر في القلب فقط؟!

إن من المفاهيم الخطأ الشائعة عند كثير من الشباب أنه إذا أُنكر عليه خطأ ما قال: أهم شيء القلب، لا تحاسبني على أفعالي، إنما العبرة بالقلب. ويُقال لهؤلاء: لا شك أن القلب هو الأصل، وأن الأعضاء والجوارح واللسان تبع للقلب، لكننا محاسبون على أقوالنا وعلى أعمالنا كما تقدم: «إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يُلقي لها بالًا! تهوي به سبعين خريفًا في النار»، وأخرج الإمام مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم». فنحن مؤاخذون بأعمالنا وأقوالنا ولا يصح لأحد أن يتحجج في فعل خطأ قولي أو فعلي بأن قلبه سليم وليس مطالبًا إلا بقلبه، لو كان قلبك سليمًا لما أخطأ لسانك ووقعت فيما حرم الله، ولما أخطأت جوارحك ووقعت فيما حرم الله، فإن القلب إذا صلح صلحت جوارحه؛ لذا ينبغي ألا نغتر بهذه المقولة الشائعة بين كثير من الشباب.  

التحذير من القسوة والغلظة

       حذر الإسلام من الغلظة والقسوة؛ لما لهما من آثار سيئة على الفرد والمجتمع؛ فالقسوة والغلظة من أسباب نفرة الناس عن صاحبها: قال -تعالى-: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: 159)، والقسوة والغلظة من أسباب العذاب والإبعاد عن رحمة الله -سبحانه-: قال -تعالى-: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (الزمر:22)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لَا يَرحَمِ النَّاسَ لَا يَرْحَمْهُ اللهُ»، وقال صلى الله عليه وسلم : «لَا ‌تُنْزَعُ ‌الرَّحْمَةُ ‌إِلَّا ‌مِنْ ‌شَقِيٍّ».  

أخطاء عقائدية يقع فيها الشباب

       من أخطاء العقيدة التي يقع فيها الشباب الحلف بغير الله، مثل الحلف بالأمانة أو بالآباء، أو بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو بالكعبة، أو بغير ذلك، فمن فعل ذلك فقد أشرك بالله -تعالى-؛ فإن الحلف لا يكون إلا بالله، فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلًا يحلف بأبيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ينهاكم عن أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت»، وروى الترمذي: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» -والعياذ بالله.  

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك