شباب تحت العشرين – 1242
عناية الإسلام بالشباب
اعتنى الإسلام بالشّباب عناية فائقة، ووجَّههم توجيهًا سديدًا نحو البناء والنّماء والخير، واهتمّ الرّسول - صلى الله عليه وسلم - بالشّباب اهتمامًا كبيرًا، فقد كانوا الفئة الأكثر الّتي وقفت بجانبه في بداية الدّعوة فأيّدوه ونصروه ونشروا الإسلام وتحمّلوا في سبيل ذلك المشاق والعنت. قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: «ما آتى الله -عزّ وجلّ- عبدًا علمًا إلاّ شابًّا، والخيرُ كلُّه في الشّباب»، ثمّ تلا قوله -عزّ وجلّ-: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}، وقوله -تعالى-: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}، وقوله -تعالى-: {وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}، وعمل -عليه الصّلاة والسّلام- على تهذيب أخلاق الشّباب، وشحذ هممهم، وتوجيه طاقاتهم، وإعدادهم لتحمّل المسؤولية في قيادة الأمّة، كما حفّزهم على العمل والعبادة، فقال -عليه الصّلاة والسّلام-: «سبعة يُظلّهُم الله في ظِلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: وعدَّ منهم: وشاب نشأ في عبادة الله»، وحثّ الرّسول - صلى الله عليه وسلم - الشّباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة، أقوياء في البنيان، أقوياء في العمل، فقال: «المؤمن القويّ خيرٌ وأحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف وفي كلّ خير»، غير أنّه نوَّه إلى أنّ القوّة ليست بقوّة البنيان فقط، ولكنّها قوّة امتلاك النّفس والتحكّم في طبائعها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الشّديد بالصّرعة، إنّما الشّديد الّذي يملك نفسه عند الغضب».من الواجبات المهمة على الشباب
من الواجبات المهمة التي يجب على الشباب القيام بها: بناء أنفسهم إيمانيا وعقليا وجسديا، تنمية جيِّدة سليمة؛ فإن ذلك ينتج شبابًا يحمل همّ الأمّة، متوجّها للخير نافعًا ومطوّرًا للمجتمع، ومواجها لتحديات الحاضر، ويسعى لنمو المجتمع وازدهاره وبلوغه أعلى درجات الكمال الحضاري، اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، فأمّا إذا كانوا بخلاف ما سبق، من وجود شباب غير مهتم بما خصّه الله من خصال، منصرف إلى حياة اللّهو والدّعَة، بحجّة أنّهم يريدون أن يعيشوا شبابهم، وأنّ الشّباب للمتعة والاستمتاع فقط، غير مدركين أنّ هذه المرحلة من حياتهم قد ألقي فيها على عاتقهم أمر الأمّة والمجتمع، فهذا ضياع لطاقة فعالة وإهدار لأكبر قوى منتجة.المستقبل للإسلام
قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: بكل جزمٍ ويقين، بلا ظنٍ ولا تخمين، نقول: إنّ المستقبل لهذا الدِّين، إنّ المستقبل للإسلام، ما التزم المسلمون دينهم، وكانوا أهلاً لحمل دين الله، ومحلا لنصر الله، الذي لا يتخلف أبداً؛ لقوله -تعالى-: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (الروم: ٤٧)، وإنّ الاعتقاد بأن المستقبل للإسلام هو الذي صنع جيل القدوة الأول: محمداً والذين معه، وهذا اليقين جعلهم يرتبطون بالعروة الوثقى التي تشدهم إلى الله، وتمنعهم من السقوط، وتُجدِّد فيهم الأمل المنشود، وتحفظهم من القنوط؛ فكانوا بهذا أنموذجًا فريدًا في الثبات على الدِّين.آثار التفكر على إيمان المسلم
إن التفكر في خلق الله -تعالى- عبادة يقوم بها الأصفياء الذين يقودون مجتمعاتهم لله -عزوجل-؛ ولذلك فهي من الأمور التي يجب على الشباب الاهتمام بها؛ لما لها من آثار عظيمة على إيمانهم وأخلاقهم ويقينهم بالله -عز وجل-، ومن آثار التفكر ما يلي:- اطمئنان القلب لقدرة الله -عزوجل-: حيث إن معرفة عظم قدرة الله وسعتها تطمئن القلب المؤمن إلى أنه في رحاب رب عظيم، يستحق العبادة وحده دون غيره، وهو وحده القادر على تلبية حاجاته وحمايته.
- التفكر يدفع المسلم لحسن الطاعة وحسن العبادة، وتجنب معصيته، فخالق بهذه العظيمة يجب ألا يعصى في الأرض.
- الصبر على الابتلاءات، فبالتفكر يدرك الإنسان أن ربه حكيم، لا يخلق شيئاً عبثاً حتى البلاء، فيصبر المسلم ويرضى وينتظر فرجه.
- انشغال القلب بالأهم، فالقلب المدرك لعظمة الكون وهو المخلوق ينشغل بما هو أعظم من ذلك بالخالق القدير.
- زيادة اليقين في وجود الله الخالق وترسيخ الإيمان بقلب المؤمن، وصدق الله القائل: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (فصلت: 53).
من غرور الشيطان للإنسان
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله: الشيطانُ يغُرُّ الإنسان بالله -سبحانه وتعالى-، فمثلًا يقول له: لو أنك على باطل لعاقبك الله -تعالى-، أو يقول له: إن رحمة الله واسعة والله غفور رحيم، أو يُمنِّيه بالتوبة، يقول: صحيح هذه معصية، والإنسان معرض نفسه للعقوبة، لكن التوبة أمامك، فالآن تمتع بهذه المعصية وبعدئذٍ تتوب. ولا شك أن هذا خطر عظيم يجب على الشباب على وجه الخصوص الانتباه له.الحلاوة الدائمة
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إن الطاعة والعبادة والبعد عن المعاصي والذنوب قد تكون في أول وهلة مرارة، ولكنها مرارة قليلة تعقبها حلاوة دائمة غير منقطعة؛ فإن مرارة الدنيا قصيرة وحلاوة الآخرة دائمة غير منقطعة؛ ولأن يصبر العبد على مرارة في الدنيا منقطعة فينال حلاوة الآخرة غير المنقطعة خير له من أن ينشغل في هذه الحياة بحلاوة زائفة ولذة فانية تعقبها حسرة دائمة ومرارة باقية.بسواعد الشباب تنهض المجتمعات
الشباب هم عُمُدُ مجتمعاتهم العتيدة، وهم أساس أركانها الوطيدة، وعلى سواعدهم تنهض أممهم وتتطور، وهم وسط العمر، ووسط كلِّ شيء خِيَارُه، وكان أصحاب الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - شباباً.القرآن يعلمنا
< يعلمنا القرآن كيف نتحرى الصدق في حديثنا، وهي فضيلة امتلاك الشجاعة الأخلاقية التي تبنى بها الثقة، لقوله -تعالى-: {قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} (المائدة: 119). < يعلمنا القرآن كيف نتعامل مع الناس، وألا نميز بين أحد منهم إلا بالتقوى، وأن نتحرى أحسن الألفاظ حين نتحدث، أما إذا أساء إلينا أحد، فيعلمنا القرآن كيف نتحكم في مشاعرنا، قال -تعالى-: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 134). < يعلمنا القرآن أيضًا شكر النعم واستشعارها وعدم القنوط من رحمة الله في الملمات والصعاب، يقول ربنا: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (إبراهيم: 7). أخطاء يقع فيها الشباب من الأخطاء التي يقع فيها بعض الشباب: الاستغراق في الغيبة والنميمة، فلا تكاد تخلو مجالسُ الشباب من هذه المُوبِقات، إلا مَن حفِظه الله -تعالى-، ولا شك أنَّ هذه الآفات تنشرُ العداوة والحقد بين الشباب، وقد حذَّرنا الله -تعالى- في كتابه العزيز، وكذلك نبينا -[- في سنته المباركة من هذه الأمراض الخطيرة، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (الحجرات: 12).
لاتوجد تعليقات