رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 23 سبتمبر، 2024 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1235

«كن عالي الهمة»

علو الهمة أدب نفسي نفيس، من امتلكه فقد امتلك مفاتيح النجاح كلها؛ إذ هو خلق مركب من كل المعاني التي تفضي بالإنسان إلى الرقي والسمو والرفعة والمكانة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ يحبُّ مَعالِيَ الأُمُورِ وأَشْرَافَها، و يَكْرَهُ سَفْسافَها».

حاجة الطالب إلى علو الهمة

الطالب في دراسته أشد حاجة إلى همة تقوي عزيمته، وتشحن طاقته، وتجمع شتات فكره؛ إذ بالهمة العالية يمكنه استسهال الصعب، والتجلد والصبر لأجل خوض الصعاب وتخطيها في كل مراحل الدراسة. وحينما يضع الطالب نصب عينيه هدفًا عاليًا ساميًا محددًا، ويضع بين عينيه تصورًا دقيقًا لكل المراحل التي عليه تجاوزها؛ لتحقيق ذلك الهدف، وأيضًا ما يحتاجه من جهد وصبر ومكابدة في طول الطريق، حينئذ يوصف هذا الطالب بأنه عالي الهمة، فتذكر يا بني أن علو همتك وبعد نظرك في الدراسة مفخرة للدين والأمة كلها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ وفي كلٍ خيرٌ»، وفي تاريخنا الإسلامي عظماء كثر، ضربوا أروع الأمثلة في علو الهمة في طلب العلم وتعليمه، قال الشافعي -رحمه الله-: «حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين، ولم يكن عند أمي ما تعطيني لأشتري به قراطيس فكنت إذا رأيت عظمًا يلوح آخذه فأكتب فيه»، إن صاحب الهمة العالية يا بني لا تتوقف آماله ولا تنتهي طموحاته؛ فهو كالطائر الذي اعتاد أن يُحلق في فضاء رحب فسيح فهو لا يرضى بالدون مها كانت العقبات ومهما تكاثرت الملمات ومهما غلت التضحيات.  

السبيل إلى علو الهمة في الدراسة

إن من أهم التحديات التي تواجهنا في حياتنا العملية هي: القدرة على تحويل «القيم» إلى «إجراءات» عملية، فـ«علو الهمة» تبقى قيمة نظرية ما لم نحوّلها إلى إجراءات عملية ومن تلك الإجراءات ما يلي:
  • أولا: أوجد جوا مناسبا للدراسة والتحصيل العلمي، وحاول -قدر الإمكان- الحدّ من المشوشات ومضيّعات الوقت، ومن أهمها الانشغال مواقع التواصل.
  • ثانيًا: خذ قسطًا من الراحة بين المادة والأخرى ولو كانت قصيرة جدا، وحاول ألا تخلط المواد ببعضها.
  • ثالثًا: ابحث عن طريقتك الخاصة والمفضلة للدراسة، وما يناسب غيرك قد لا يناسبك، والعكس صحيح، ما الطريقة التي تفضل؟ هل هي التلخيص، أو كتابة الملاحظات على بطاقات صغيرة، أو تلوين بعض أسطر الكتاب؟ اخترع الطريقة التي تناسبك.
  • رابعًا: حاول أن تدرس الدرس قبل أن يقدمه المعلم، ولو باختصار وقبل وقت شرح الدرس، فهذه من الوسائل المجربة في سرعة الفهم وثبات المعلومة.
  • خامسًا: تحلَّ بالصبر والمثابرة {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، ولا تسمح لرغبات النفس كالكسل والتسويف أن يكون عائقًا عن هدفك الذي وضعته لنفسك.

إنّ لي نفسا تواقة

قال عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -: « إنّ لي نفسا تواقة، وما حققت شيئًا إلا تاقت لما هو أعلى منه؛ تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن تاقت نفسي إلى الجنة، فأرجو أن أكون من أهلها».

أهمية الاجتهاد في الدراسة

        قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: المسلمون بحاجةٍ إلى العلوم الدنيوية حتى يستعينوا بها على طاعة الله، وعلى الاستغناء عمَّا في أيدي الناس، قال -تعالى-: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (الأنفال:60)، ومع كون المسلمين يتعلَّمون العلوم الدنيوية وغير ذلك مما يُعينهم، فالاشتغال بالعلوم الدينية مهم جدا بل أهم، فلنأخذ منها بنصيبٍ، ولنجتهد في تعلم دين الله -عزوجل-، والتَّفقه فيه، وإذا جمع بين الأمرين فهو خيرٌ إلى خيرٍ، يقول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَن يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين»، فإذا تفقَّه في دينه واستفاد مع ذلك في دنياه طبًّا أو صنعةً أخرى تنفعه أو أشياء مما ينفع العبدَ في هذه الدنيا؛ فذلك خيرٌ إلى خيرٍ.

نماذج من عُلوّ الهمة

ذكر لنا التاريخ الإسلامي نماذج من علو الهمة صعب أن يجود الزمان بمثلها:
  • الصديق - رضي الله عنه - كان طموحه أن يدخل الجنة من أبوابها الثمانية.
  • الصحابي الجليل عكاشة بن محصن - رضي الله عنه - يطلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله له ليكون مع من يدخلون الجنة بغير حساب.
  • الصحابي الجليل ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه - لم تكن له غاية دون مرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة.
إن كل هؤلاء جعلوا الآخرة هي همهم الأول بل الأوحد فلم يتعلقوا بحطام الدنيا الزائل ولم يطلبوا سفاسف الأمور بل أحسنوا الظن بربهم وتشبثوا بمعالي الأمور. فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم.

كن صاحب طموح عال وهمة كبيرة

قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: «إنَّ الناس لو كانوا إذا كبر عليهم أمرٌ تركوه ما قام دينٌ ولا دنيا»؛ ولذا ينبغي للمرء أن تكون طموحاته عالية وهمته كبيرة، مجافيًا للتواني والكسل، قوي الثقة بالله في أن يبلغه ما يرجو وخيرًا مما يرجو.

صفات عالي الهمة

  • إن صاحب الهمة العالية تراه دائمًا مجاهدًا لنفسه مشغولاً في كل ما هو مفيد.
  • صاحب الهمة تجده منظمًا في شؤونه محافظًا على وقته فلكل لحظة عنده ما يناسبها من العمل.
  • يمد يد العون لكل محتاج ويطلب من الله -تعالى- العون والتوفيق والسداد.
  • تراه بشوشًا مبتسمًا متفائلاً يفيض على الآخرين من همته.
  • تراه مخالطًا لأصحاب العزائم بل منافسًا لهم، يتهم نفسه دائمًا بالتقصير.
  • تراه متوازنًا في كل أموره فلا يطغى أمر على أمر فلا تراه مغرورا ولا تراه عاجزًا مهمومًا.
 

معاملة الناس باللطف

        قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك