رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 15 يوليو، 2024 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1225

نفسك على ما عودتها

إن النفس إذا عودتها المعالي تعوَّدَتْها، وإذا نزلت بها إلى السفاسف ربما رضيتها وقبلتها، فاسمُ إلى المعالي والقمم، وإياك والرضى بالدون فإن الراضي بالدون دنيء، واعلم أن أعلى المطالب وأزكاها أن تطلب الله ورضاه، وتسعى لتحصيل جواره ليس في الجنة فحسب، بل في الفردوس الأعلى، فإنه أوسط الجنة وأعلاها، وسقفه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة.

الشباب وطلب المعالي

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ يُحِبُّ معاليَ الأمورِ وأشرافَها ويكرَهُ سَفْسافَها»، ومعالي الأمور: هي الأمور رفيعة القدر عالية الشأن، سميت بذلك؛ لأنها تُعلي شأنَ أصحابها في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا. والسفاسف أو السفساف: هي التوافه، والأمور الحقيرة والدنيئة، وهي الحقير والتافه من الأقوال والأعمال والمطالب والاهتمامات، ولا يهتم الشاب بمعالي الأمور إلا إذا علت همته وسمت نفسه وروحه، ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يربي أصحابه على علو الهمة وطلب المعالي والسعي إلى المراتب الجليلة، وكان يحزنه أن يجد أحدا من أمته على خلاف ذلك، ومما يروى في طلب المعالي أنَّ عكاشة بن محصن - رضي الله عنه - كان في مجلس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعه يقول: «يَدْخُلُ مِن أُمَّتي الجَنَّةَ سَبْعُونَ ألْفًا بغيرِ حِسابٍ»، فتطلعت همته ليكون واحدًا منهم، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت منهم، ففاز بها ونجا من الحساب ببركة نيته وعلو همته، ومما يجب أن يعلمه الشباب أنَّ المعالي إنما تنال بالسعي والعمل، لا بالأماني والكسل، فالأماني رأس مال المفاليس، قال ربيعة للنبي -صلى الله عليه وسلم -: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: «أعني على نفسك بكثرة والسجود»، وقال لابن عمر: «نعم الرجل عبدالله.. لو كان يقوم الليل»، وإنما كان أبو بكر - رضي الله عنه -  أفضل هذه الأمة؛ لأنه كان أعلاهم همةً وأحسنَهم عملا، قال علي وعمر -رضي الله عنهما-: ما سابقنا أبا بكر إلى خير إلا سبقنا إليه، فإذا أردت أن يحبك الله فاطلب المعالى واسعَ إليها، ودعِ السفاسفَ وترفعْ عنها، فـ «إنَّ اللهَ يُحِبُّ معاليَ الأمورِ وأشرافَها ويكرَهُ سَفْسافَها».

التوازن والوسطية في حياة الشباب

      رّبَّىَ النبي - صلى الله عليه وسلم- أصحابه ولا سيما الشباب منهم على الوسطية والاعتدال، وكان - صلى الله عليه وسلم - يُقَوِّم كل توَّجّه غير صحيح، أو تفكير خطأ، أو ممارسة سلبية، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «جاء ثلاثة رهط -جمع دون العشرة من الرجال- إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم-، فلمّا أخبروا كأنّهم تقالّوها (استقلوها)، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم-، قد غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر؟! قال أحدهم: أمّا أنا فإنّي أصلّي اللّيل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدّهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النّساء فلا أتزوّج أبدا، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال: أنتم الّذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوّج النّساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي» رواه البخاري.

حقائق وواجبات

  • على الشباب أن يعلموا أن أمتهم هي خير أمة أخرجت للناس، وأن هذه الخيرية ثابتة لها ما دامت متمسكة بدينها، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.
  • على الشباب أن يكون همهم -بعد إصلاح أنفسهم- إصلاح الآخرين، وتعبيد الناس لرب العالمين، وليحذروا أن يكونوا دعاة سوء؛ فيكون عليهم وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
  • على الشباب أن يعرفوا ما لوطنهم من الحق فهو بلد الإسلام الذي ولدوا فيه، وعلى أرضه نشؤوا، وأن عليهم لولاة أمره الطاعة في المعروف، وليحذروا أن يكونوا مصدرًا للفساد والإفساد.
  • على الشباب أن يكونوا دائمي الارتباط بالله -تعالى-، من خلال أدائهم الصلاة في وقتها، وكثرة الذكر والدعاء، والاستعانة بالله -تعالى- في الأمور جميعها، والتوكل عليه، والمحافظة على الأوراد والأذكار الشرعية.

الإيمان المستحق للنصر

     قال الشيخ عبدالله بن باز {رحمه الله-»  الإيمان الشرعي الذي علَّق الله به النصر وحسن العاقبة يتضمن الإخلاص لله في العمل، والقيام بأوامره وترك نواهيه، كما يتضمن وجوب تحكيم الشريعة في كل أمور المجتمع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله -عزوجل- وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم، كما يتضمن أيضًا وجوب إعداد ما يستطاع من القوة للدفاع عن الدين.

إكرام كبار السن من الأخلاق النبيلة

     قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إنَّ من الأخلاق النبيلة والخصال الكريمة التي دعا إليها الإسلام: مراعاة قدر كبار السن ومعرفة حقهم وحفظ واجبهم؛ فالإسلام أمر بإكرام المسن وتوقيره واحترامه وتقديره، ولاسيما عندما يصاحب كبر سنه ضعفه العام وحاجته إلى العناية البدنية والاجتماعية والنفسية، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، وفي هذا وعيد لمن يهمل حق الكبير ويضيع الواجب نحوه بأنه ليس على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- وغيرُ ملازم لطريقته.

من أخطاء الشباب في الصلاة

     يتساهل بعض الشباب في الصلاة بالملابس التي فيها صوَر، والصوَر منهيٌّ عنها على وجه العموم، فكيف بالمسجد! روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ».

أخطاء يقع فيها الشباب

     بعض الشباب لا يراعون أحوال آبائهم الماديةَ، فيحاولون تقليدَ غيرهم من الشباب في الطعام والشراب والكساء، فيُكلِّفون آباءهم فوق طاقتهم، وقد حثَّنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على القناعة والرضا بما قسَمه الله -تعالى- لنا مِن الرزق، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «انظروا إلى من هو أسفلَ منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقَكم ، فإنه أجدَرُ أن لا تزدَروا نعمةَ اللهِ عليكم»، هذه وصية عظيمة ترسم منهجًا للمسلم ينبغي أن يلتزم به؛ لأنه بهذه النظرة سيعرف قدر نعم الله عليه، وهذا سيدعوه إلى شكرها، وعدم تقليد الآخرين في أفعالهم.  

الصديق الحقيقي

     الصديق الحقيقي لا يقتصر نفعه عليك في الدنيا وحسب، بل يتعدى نفعه عليك إلى الآخرة، وذلك عندما يلتقي أصدقاء التقوى وأصدقاء الإيمان في الجنّة، قال -تعالى-: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ} فقد جاؤوا إلى الآخرة وليس في قلوبهم أيّ حقد، بل كانت المحبّة تغمر قلوبهم، فالمحبة الحقيقية حينما تملأ قلبك فلن تجد فيه مكانًا للحقد، فالذين لا يحملون الغلّ في قلوبهم هم الأتقياء حقّاً، الذين يحبّون الله -سبحانه وتعالى- فيحبّون خلقه، {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (الحجر:47). متحابّين، يعيشون سعادة الإيمان ورضوان الله {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} (التوبة:72).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك