رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 25 سبتمبر، 2019 0 تعليق

سُدس أطفال العالم حرموا منه في عام 2018- التعليم حق كفلته الشريعة الإسلامية المواثيق الدولية


بالرغم من أن التعليم يُعَدُّ حقًا من الحقوق الأساسية التي كفلتها الشريعة الإسلامية وجميع المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية، إلا أنَّ البيانات الجديدة التي نشرها معهد (اليونسكو) للإحصاء، الجمعة 13 سبتمبر، بشأن الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في العالم، أفاد بأن العالم قد شهد في عام 2018 حرمان حوالي 258 مليون طفل ومراهق وشاب من حقهم في الذهاب إلى المدرسة، أي ما يعادل سُدس عدد الأطفال في سن المدرسة على مستوى العالم (من 6 إلى 17 عامًا)، وفق (اليونسكو).

الأمر الأكثر قلقًا

     كما أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن التخاذل عن اتخاذ تدابير عاجلة في هذا الصدد قد يحرم نحو 12 مليون طفل في سن التعليم الابتدائي من أن تطأ أقــدامهم المدرسة، وتنذر هذه النسب والأرقام بالصعوبات التي تعترض سبيل الجهود الرامية إلى توفير تعليم شامل للجميع، ما يعد أحد أهداف التنمية المستدامة التي وضعها المجتمع الدولي لعام 2030.

توقعات (اليونسكو)

     وتؤكد البيانات الجديدة المتعلقة بالأطفال غير الملتحقين بالمدارس التوقعات التي كانت قد كشفت عنها (اليونسكو) مؤخرًا التي توضح أنه في ظل الوضع الراهن، سوف يبقى واحد من بين كل ستة أطفال خارج المدارس الابتدائية والثانوية في عام 2030، وأنَّ ستة شباب فقط من بين كل 10 سوف يتمكنون من إتمام تعليمهم الثانوي.

الفجوة القائمة

     كذلك تبرز البيانات الفجوة القائمة بين أغنى بلدان العالم وأفقرها، فوفقًا للبيانات الصادرة عن معهد (اليونسكو) للإحصاء، فإن 19% من الأطفال في سن التعليم الابتدائي (حوالي 6 إلى 11 عامًا) غير ملتحقين بالمدارس في البلدان المنخفضة الدخل، وذلك مقارنة بنسبة 2% فقط في البلدان ذات الدخل المرتفع، ناهيك عن أن الفجوة تزداد اتساعاً عند الأطفال الأكبر سناً والشباب، كما هناك نحو 61% من مجموع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عامًا في البلدان المنخفضة الدخل غير ملتحقين بالمدارس، مقارنة بـ 8% في البلدان ذات الدخل المرتفع.

أكبر العوائق

     من جهتها، قالت المديرة العامة لليونسكو (أودري أزولاي)، إن «أكبر العوائق والصعوبات ما تزال تواجه الفتيات، وتفيد التوقعات أن 9 ملايين فتاة في سن التعليم الابتدائي لن يذهبن إلى المدرسة أو تطأ أقدامهن القاعات الدراسية، وذلك مقارنة بنحو 3 ملايين فتى، وتعيش أربعة ملايين فتاة منهن في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ الأمر الذي يدعو إلى القلق.

11 عامًا

     من جانبها، لفتت مديرة معهد (اليونسكو) للإحصاء (سيلفيا مونتويا) إلى أنه «ما يزال أمامنا 11 عامًا لضمان حق كل طفل وطفلة بالتعلم والذهاب إلى المدرسة. لكن البيانات الجديدة لا تظهر أي تقدم، بل ما يزال هناك تقصير في توفير التعليم الجيد للأطفال»، مشيرة إلى أنه «يمكن التغلب على هذه التحديات بتكثيف جهودنا وتعزيز التمويل المخصص لهذه الغاية. إننا بحاجة أيضاً إلى التزام ملموس من قبل الحكومات كافة، فضلا عن تعزيز التمويل».

أرقام خطيرة

كذلك أفادت تقارير عدة عن أرقام خطيرة لمخاطر تهدد مستقبل ملايين الأطفال، وهذه الأرقام متعلقة بالتعليم في حالات الطوارئ، وكشفت عن مخاطر جدية يتعرض لها الأطفال أهمها:

- يعيش 1 من كل 4 أطفال غير منتظمين في الدراسة في العالم في البلدان المتضررة من الأزمات.

- في 35 بلدًا من البلدان المتضررة من الأزمات عطّلت حالات الطوارئ الإنسانية والأزمات الممتدة تعليم 75 مليون طفل تتراوح أعمارهم ما بين 3 و18 عامًا.

- أكثر من 17 مليونًا من الأطفال في سن التعليم في هذه البلدان من اللاجئين، أو مشردين داخل بلدانهم أو خارجها، ومن بين هؤلاء، لا ينتظم سوى نصفهم في المدارس الابتدائية وأقل من ربعهم في المدارس الثانوية.

- فيما يتعلق بالأطفال المنتظمين في الدراسة أثناء حالات الطوارئ، يمكن أن تكون جودة التعليم منخفضة، بمتوسط يبلغ 70 تلميذًا لكل معلم، وعادة ما يكون المعلمون غير مؤهلين.

- ويزيد احتمال ترك الفتيات للدراسة في البيئات المتضررة من النزاع 2.5 مرة عن احتمال ترك الفتيان للدراسة.

أزمة في تعليم اللاجئين

من جهة أخرى ذكرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن 3.7 مليون طفل لاجئ، على نطاق العالم، لا يحصلون على التعليم، فهناك 63% منهم فقط في المدارس الابتدائية، مقارنة بـ 91% من أطفال العالم.

الدول العربية

     وفي الدول العربية ظلت مشكلة التعليم لسنوات وماتزال عقبة كبرى تواجه التنمية، وتتعدد أوجه المشكلة بدرجة تصل إلى حد الإرباك أحيانًا، لكن كثيراً من التربويين يجمعون على أن الحرمان من التعليم، أو ما يعرف في بعض الدول بالتسرب من التعليم هو أبرز وجوهها.

تقرير الأمم المتحدة

     وكان تقرير صادر عن الأمم المتحدة في إبريل الماضي، قد قدر عدد المتسربين أو من يواجهون خطر التسرب من التعليم، في العالم العربي بحوالي واحدٍ وعشرين مليون طفل، وأشار التقرير إلى أن هناك ما يزيد على خمسةَ عشر مليون طفل تسربوا من التعليم في منطقة الشرق الأوسط، فيما يعد ستةَ ملايين آخرين في خطر التسرب.

تعدد الأسباب

     وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى حرمان ملايين الأطفال في المنطقة العربية من حق التعليم، ففي حين يؤدي الفقر المتزايد في بعض الدول ولاسيما في المناطق الريفية إلى منع الآباء لأبنائهم من الالتحاق بالمدارس، وإدخالهم مبكرًا لسوق العمل لمساعدة العائلة، وتبدو الصراعات المسلحة التي تشهدها دول عربية عدة حاليًا، عاملاً مهما وبارزًا في الحيلولة دون إلحاق الأطفال بالمدارس أو عدم تمكنهم من الحضور إلى فصولهم الدراسية بسبب انعدام الأمن وتهدم العديد من المدارس في صراعات مسلحة.

تقرير (اليونيسيف)

     وكان تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، حمل عنوان: «التعليم في خط النار»، قد تناول تأثير العنف على تلاميذ المدارس في تسع مناطق، من بينها سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان وأشار التقرير إلى أن نسبة 40 بالمائة من الأطفال في هذه الدول خارج النظام التعليمي، وأن ما مجموعه تسعة آلاف مدرسة تعرضت للتدمير في الدول المذكورة.

خبراء التربية

     ويجمع خبراء التربية على خطورة حرمان الأطفال من تلقي التعليم ولاسيما في مراحل التعليم الأولى، أو ما يعرف بالتسرب من المدرسة لما فيه من خطر على المجتمع بأسره؛ حيث يزيد من حجم الأمية والبطالة بما يضعف بدوره من اقتصادات البلدان، فضلا عما يحدثه من زيادة في المشكلات الاجتماعية، وأهمها جنوح الأحداث وهو ما يهدر المزيد من الموارد على مراكز التأهيل والإصلاح عوضا عن الاهتمام بالتنمية والبناء.

إصلاح التعليم

     في حين تجتمع الآراء على ضرورة إصلاح التعليم في مراحله المختلفة في الدول النامية، فإن هذه الدعوات قد لا تأخذ في عين الاعتبار كثيرًا من الصعوبات التي تمنع تلقي أطفال تلك الدول حصتهم في التعليم، وبعض هذه الموانع واضح للعيان، مثل عدم وجود مدارس لتلقي التعليم في مناطق كثيرة، بينما لبعضها الآخر لا يمكن رصده بسهولة، مثل عدم كفاءة المدرسين وعدم تمتعهم بالقدر الكافي من التدريب.

10 موانع

     بدورها، تقوم منظمة (غلوبال بارتنرشيب) المعنية بتعزيز جهود التعليم حول العالم برصد دوري لأهم العقبات والموانع التي تحجب التعليم عن أطفال الدول النامية، ومنذ عام 2014 حددت أن أهمها 10 موانع تعمل المنظمة بالتعاون مع الحكومات المحلية على تقديم الحلول لها، وتركز المنظمة على الدول الفقيرة، وعلى وجه الخصوص القطاعات المهمشة في المجتمع التي قد تشمل الفتيات والأقليات والمعوقين.

أهم المعوقات

وهذه أهم المعوقات التي تحول بين أطفال الدول النامية وفرص التعليم في كل مراحله وفق المنظمة:

1- عدم وجود التمويل الكافي للتعليم

     تشير المنظمة إلى أن 2.7 في المائة فقط من مجمل التمويل الخارجي اُستثمر في قطاعات التعليم في عام 2016، ولا يزيد المعدل الحالي الموجه إلى التعليم الأساسي في الدول الفقيرة عما كان عليه في عام 2008، وينعكس هذا سلبا على قدرة الدول النامية على تدبير أماكن لأعداد متزايدة من التلاميذ، وتواجه الدول الفقيرة نقصا في ميزانيات التعليم خلال السنوات الأربع المقبلة يصل إلى 34 مليار دولار، وتحاول منظمة (غلوبال بارتنرشيب) توفير دعم حجمه 3.5 مليار دولار من الدول المانحة، كما تحث الدول النامية على زيادة حصة قطاع التعليم من الميزانيات العامة لكي تسد الفجوة التي يصل حجمها إلى 16 مليار دولار، لسد الحاجات الملحة في قطاع التعليم.

2- عدم وجود مدرسين

     تنوه المنظمة بالحاجة الماسة لتمكين 69 مليون معلما في المرحلتين الابتدائية والإعدادية بحلول عام 2030، وفي الوقت نفسه هناك أكثر من ثلث المدرسين في دول العالم الثالث حاليًا غير مؤهلين إلى المستوى المطلوب دوليا، وهناك حاجة لتأهيل المدرسين وتدريب مزيد منهم بوصف ذلك أولوية للدول النامية.

3- النقص في عدد الفصول الدراسية

     حقيقة يعيشها ملايين التلاميذ في الدول النامية، وفي كثير من هذه الدول يُحشر مزيد من التلاميذ في فصول ضيقة ذات جدران متهالكة، أو يجري تلقي الدروس في الخلاء، وفي دول مثل (مالاوي) يحتوي الفصل الدراسي الواحد على 130 تلميذا في السنة الدراسية الأولى، ولا تمتلك المدارس في الدول النامية كثيرًا من الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب أو دورات المياه، وفي (تشاد) مثلا لا تتوفر مياه الشرب إلا في مدرسة واحدة من كل 7 مدارس، ولا توجد دورات مياه إلا في واحدة من كل 4 مدارس.

4- نقص الكتب والمواد التعليمية

     في بلد مثل (تنزانيا) لا يتمتع باستخدام كتاب خاص به إلا نسبة 3.5 في المائة من مجموع التلاميذ في الصف السادس الابتدائي، وفي (الكاميرون) هناك 11 تلميذًا في المدارس الابتدائية لكل كتاب مدرسي، و13 تلميذا لكل كتاب حساب في الصف الثاني، ويشمل النقص مواد التعليم جميعها؛ من نشرات وأدوات كتابية ومدرسية.

5- استثناء ذوي الاحتياجات الخاصة

رغم أن التعليم حق عالمي لجميع الأطفال، فإن ذلك لا يشمل في أغلب الأحيان 93 مليون طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم، وفي بعض أفقر دول العالم توجد نسبة 90٪ من ذوي الاحتياجات الخاصة خارج المدارس.

6 - التفرقة بين الفتيات والفتيان

     تصل نسبة الحرمان من التعليم بين الفتيات حاليًا إلى أكثر من 20 في المائة لأسباب متعددة؛ منها الفقر والتفرقة الجنسية والنزاعات الأهلية، ويجبر الفقر بعض العائلات على اختيار من يتلقى التعليم من أبنائها وبناتها، وتخسر الفتيات في معظم الأحيان للاعتقاد السائد بأن تعليم البنات أقل أهمية من تعليم الأولاد، وتتوجه البنات إلى العمل أو البقاء في المنزل والاهتمام بالأطفال من إخوتها الصغار.

7- النزاعات الإقليمية

     نظم التعليم من أكبر ضحايا النزاعات الإقليمية، ويتضح ذلك من إحصاءات تؤكد أن نصف الأطفال الذين لا ينتمون إلى مدارس أو أي نوع من التعليم يعيشون في دول تعاني نزاعات إقليمية أو حروب أهلية، والنزاعات تمنع الحكومات من القيام بوظائفها على وجه صحيح، وتتسبب في تهجير الآلاف من منازلهم وإغلاق المدارس والمؤسسات الأخرى، وحتى في حالات تلقي الغوث الدولي في الدول المنكوبة لا يعد التعليم من أولويات الدعم.

8 - بعد المسافات بين المنازل والمدارس

في كثير من دول العالم يمشي الأطفال لمدة 3 ساعات ذهابا إلى المدرسة ومثلها إيابا، ويعاني الأطفال كثيرًا من المشاق في هذه الرحلة اليومية التي تعد شبه مستحيلة في حالات التلاميذ المعوقين أو الذين يعانون سوء التغذية أو المرض.

9- الجوع وسوء التغذية

يتأثر 171 مليون طفل في العالم الثالث بالجوع وسوء التغذية وهم في سن الخامسة، ويؤثر ذلك على قدراتهم على الاستيعاب والتركيز، ويعاني من هؤلاء نسبة 20 في المائة تقريبا إلى درجة عدم القدرة على القراءة وهم في سن الثامنة.

10- التكاليف الدراسية

     كثير من العائلات الفقيرة ما زالت ترى أن الذهاب إلى المدرسة عملية مكلفة ماليا، وتكون النتيجة بقاء الأطفال في المنازل أو ذهابهم إلى العمل، ورغم مجانية التعليم في كثير من الدول النامية، فإن هناك مصروفات إضافية لابد منها مثل شراء ملابس مناسبة للدراسة وأدوات مكتبية وكتب ورسوم الامتحانات والمساهمة في تبرعات صيانة المدارس.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك