رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 21 سبتمبر، 2020 0 تعليق

سَمِعْنا وأَطَعْنا.. في مقابل (كيفي)

 

- يظن بعض الناس أن الدين والشرع الحكيم (على كيفه)، يأخذ منه ما يهواه، ويرد ما لا يروق له؛ قال -تعالى-: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ...} الآية (الجاثية: 23)، فهذا غير مقتنع بالزكاة فلا يزكي، وذاك غير مقتنع بالصلاة فلا يصلي، وهذه تأبى الحجابَ، بل وتحاربه؛ بحجة عدم قناعتها به! وغير ذلك كثير..؛ فتعالوا نتأمل مواقف الصحابة -رضي الله عنهم- تجاه شرع ربهم -جل وعلا- لنرى مدى سرعة استجابتهم لأوامر الله -عز وجل- وتعظيمهم إياها.

- ففي (صحيح مسلم)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لَمَّا نَزَلَتْ علَى رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الآية الكريمة: {لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأَرْضِ وإنْ تُبْدُوا ما في أنْفُسِكُمْ أوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ به اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ ويُعَذِّبُ مَن يَشاءُ واللَّهُ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ} (البقرة: 284)...

- قالَ ( أي أبو هريرة): فاشْتَدَّ ذلكَ علَى أصْحابِ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم  -، فأتَوْا رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ بَرَكُوا علَى الرُّكَبِ (كما هي عادةُ الخائفِ الوَجِلِ)...

- فقالوا (أي الصحابة): أيْ رَسولَ اللهِ، كُلِّفْنا مِنَ الأعْمالِ ما نُطِيقُ، الصَّلاةَ والصِّيامَ والْجِهادَ والصَّدَقَةَ، وقدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هذِه الآيَةُ ولا نُطِيقُها...

- قالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أتُرِيدُونَ أنْ تَقُولوا كما قالَ أهْلُ الكِتابَيْنِ مِن قَبْلِكُمْ سَمِعْنا وعَصَيْنا؟ بَلْ قُولوا: سَمِعْنا وأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ...

- قالوا (أي الصحابة): سَمِعْنا وأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ.. أي: «سمِعْنا قولَك يا ربَّنا، وفهِمْناه، وقُمْنا به، وامتثَلْنا العملَ بمقتضاه»...

- فَلَمَّا اقْتَرَأَها القَوْمُ (أي: قرَأها)، ذَلَّتْ بها ألْسِنَتُهُمْ، فأنْزَلَ اللَّهُ في إثْرِها: {آمَنَ الرَّسُولُ بما أُنْزِلَ إلَيْهِ مِن رَبِّهِ والْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ باللَّهِ ومَلائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بيْنَ أحَدٍ مِن رُسُلِهِ وقالُوا سَمِعْنا وأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ} (البقرة: 285)...

- فَلَمَّا فَعَلُوا ذلكَ نَسَخَها اللَّهُ -تَعالَى-، فأنْزَلَ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ-: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَها لها ما كَسَبَتْ وعليها ما اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسِينا أوْ أخْطَأْنا} (البقرة: 286)...

- فلمَّا فعَلوا ذلك، أي: «قالوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}، نسَخها اللهُ -تعالى-، أي: أَثبَتَ الخطَّ ونسَخ الحُكمَ، فأنزَل اللهُ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، أي: ما تسَعُه قُدرتُها وطاقتُها وجُهدُها، {لَهَا مَا كَسَبَتْ} مِن الخيرِ، أي: ثوابُه، {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} مِن الشَّرِّ، أي: وِزْرُه، ولا يؤاخَذُ أحَدٌ بذَنْبِ أحدٍ، ولا بما لم يكسِبْه ممَّا وسوسَتْه به نفسُه».

- قالَ - صلى الله عليه وسلم -: نَعَمْ {رَبَّنا ولا تَحْمِلْ عليْنا إصْرًا كما حَمَلْتَهُ علَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنا}...

- قالَ - صلى الله عليه وسلم -: نَعَمْ {رَبَّنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لنا بهِ}...

- قالَ - صلى الله عليه وسلم -: نَعَمْ {واعْفُ عَنَّا واغْفِرْ لنا وارْحَمْنا أنْتَ مَوْلانا فانْصُرْنا علَى القَوْمِ الكافِرِينَ}...

- قالَ - صلى الله عليه وسلم -: نَعَمْ.

- في الحديثِ: شدَّةُ تعظيمِ الصَّحابةِ - رضي الله عنهم- لأمرِ اللهِ -تعالى- ورسولِه - صلى الله عليه وسلم -. وفيه: أنَّ اللهَ -سبحانه وتعالى- لا يُحمِّلُنا ما لا طاقةَ لنا به، ولا يُكلِّفُنا إلَّا وُسْعَنا، وأنَّ الوساوسَ الَّتي تجُولُ في صدورِنا إذا لم نركَنْ إليها، ولم نطمئِنَّ إليها، ولم نأخُذْ بها - فإنَّها لا تضُرُّ. وفيه: أنَّ اللهَ تجاوَز عنِ الأمَّةِ ما حدَّثَتْ به أنفُسَها ما لم تتكلَّمْ أو تعمَلْ به.

21/9/2020م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك