رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: فضيلة الشيخ: حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ 23 يونيو، 2013 0 تعليق

سوريا والجسد الواحد

ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ خطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة الماضية التي جاءت بعنوان: (سوريا والجسد الواحد)، تحدث فيها الشيخ عن وجوب التعاون والتكاتف لمساندة القضية الفلسطينية. وأن هذا التكاتف من مقتضيات الأخوة الإسلامية ، ثم تحدث الشيخ عن حرمة المسلم، ووجوب نصرة المظلوم، ثم ختمها بنداء إلى رابطة العالم الإسلامي إلى المسارعة في جمع عُلماء الأمة لدراسةِ النوازِل الواقِعة التي تنزل بالأمة من خلال قواعد وأصول الشريعة، وكان مما جاء في الخطبة:

     إخوة الإسلام: إن ما يُحيطُ بالمُسلمين من مصائِب وشُرور، وما يقعُ ببعضِ بُلدانهم من مِحَنٍ وظلمٍ وفسادٍ عريضٍ لَيستوجِبُ علينا جميعًا التعاوُن والتكاتُف، والتعاضُد والتناصُر لإقامة الحق والعدل، ودفع الباطل والظلم، يقول ربُّنا -جل وعلا-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ} (المائدة: 2).

      فالمؤمنونُ كالجسَد الواحد يشدُّ بعضُهم بعضًا، إخوةً في السرَّاء والضرَّاء، يقول -سبحانه-: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } (التوبة: 71)، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10).

 ورسولُنا -صلى الله عليه وسلم - قائدُ الأمة جمعاء يقول: «المؤمنُ للمُؤمن كالبُنيان يشدُّ بعضُه بعضًا»، وشبَّك بين أصابعِه؛ إشارةً إلى لُزوم هذا الأمر.

      أيها المسلمون: في تطبيقات النبي -صلى الله عليه وسلم - لهذه القاعِدة العظيمة يُذكِّرُنا بقولِه: «مثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفِهم مثَلُ الجسَد الواحِد إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسَد بالسهَر والحُمَّى». متفق عليه.

      إخوة الإسلام: المُسلِمون في المنظور القُرآنيِّ وفي المسلَك النبويِّ هو ما يُسطِّرُه قولُه -صلى الله عليه وسلم -: «المُسلمُ أخو المُسلم، لا يظلِمُه ولا يُسلِمه، من كان في حاجةِ أخيه كان الله في حاجَته، ومن فرَّجَ عن مُسلمٍ كُربةً فرَّجَ الله عنه كُربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن ستَرَ مُسلمًا ستَرَه الله يوم القيامة». متفق عليه.

      من هذه الأُسس العظيمة والأُصول المتينة النابِعة من القرآن والسُّنَّة التي أساسُها التوحيدُ وطاعةُ الله -جل وعلا-؛ فإن من أعظَم المُوبِقات وأشدِّ المُحرَّمات: السعيُ في سفك دماء المُسلمين، أو هتْك أعراضِهم، أو الاعتِداء على أموالِهم.

 ألم يقل الله -جل وعلا- في كتابِه العظيم: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ} (النساء: 93)؟!

 هل بعد هذا البيان من بيانٍ -أيها المسلم-؟! هل بعد هذا البيان الذي بلغَ من البيان أوضحَه، هل هناك أبلغ من هذا الزَّجْر؟!

      فما بالُ بعض البشر يتهاوَنُ في هذا الأمر وهو من ورطَات الأمور التي لا مخرَج منها، كما قال ابن عمر -رضي الله عنهما- في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: «المُسلمُ أخو المُسلم لا يخونُه ولا يكذِبُه ولا يخذُلُه، كلُّ المُسلم على المُسلم حرامٌ؛ عِرضُه ومالُه ودمُه».

 ويقول -صلى الله عليه وسلم -: «لن يزالَ المؤمنُ في فُسحةٍ من دينِه ما لم يُصِب دمًا حرامًا». رواه البخاري.

      إخوة الإسلام: إن المُسلمين اليوم وقد عمَّهم الخِزيُ والعارُ بما يُسفَك في أرضِهم من دماءٍ، يجب عليهم أن يتعاوَنوا على ردعِ الظُّلم وعلى نصرِ المظلوم؛ فمن أُصول الدين وركائِز الشَّريعة التي لا يختلِفُ عليها أحدٌ من المُسلمين: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} (التوبة: 71).

      ونبيُّنا -صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رأى منكم مُنكرًا فليُغيِّره بيدِه، فإن لم يستطِع فبلِسانِه، فإن لم يستطِع فبِقلبِه، وذلك أضعفُ الإيمان». رواه مسلم.

 يا أمة الإسلام: كفَى بُعدًا عن التأصيل الإسلاميِّ، أليس بينَكم ضياء تستضيئُون به؟! أليس لكم هُدًى تهتدُون به إذا سِرتُم على مضامِينه؟!

     إن خليلَ الله نبيَّنا محمدًا -صلى الله عليه وسلم - يُذكِّرُنا بما تصلُحُ به أحوالُنا، وتسعَدُ به حياتُنا، ويدرأُ الشَّرَّ عنّا، ويُقيمُ العدلَ بيننا، فيقول: «انصُر أخاك ظالِمًا أو مظلومًا». فقال: يا رسول الله: أنصُرُه إن كان مظلومًا، أرأيتَ إن كان ظالمًا كيف أنصرُه؟! قال: «تحجزُه أو تمنَعه عن الظُّلم، فإن ذلك نصرُه». رواه البخاري.

 ومن هنا، فالتعاوُن على الظُّلم إثمٌ عظيمٌ وجُرمٌ جسيمٌ في القُرآن والسُّنَّة: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ} (المائدة: 2).

      إن هذا الحُكم وهو حُكم من عاوَنَ ظالمًا أنه آثِمٌ إثمًا عظيمًا، وقد ارتكبَ جُرمًا جسيمًا، لأن حُكمَه في القرآن، وحُكمَه في السنَّة هو ما يذكُرُه قولُ الله -جل وعلا-: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ}(المائدة: 2).

      وفي سُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قولُه: «سيَكونُ بعدي أُمراء يكذِبون ويظلِمون، فمن صدَّقَهم على كذِبِهم وأعانَهم على ظُلمهم فليس منِّي ولستُ منه، ولن يرِدَ عليَّ الحوض». رواه النسائي، وهو صحيحٌ عند المُحقِّقين من أهل العلم.

      فاتقوا الله -أيها المسلمون-، راقِبُوا الله -جل وعلا-، حافِظوا على أُصول الأُخُوَّة الإيمانيَّة والمحبَّة الإسلاميَّة؛ فرسولُكم صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يُؤمنُ أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسِه». متفق عليه، فكيف يستقيمُ الإسلامُ مع رفع السيف على المُسلمين؟!

     واعلموا - بارك الله فيكم - أنه لن ينجُو المُسلمون من الشَّقاء، ولن يُحفَظوا من الشُّرور حتى تنطلقَ مسالِكُهم وتصرُّفاتُهم من مُنطلق هذا الدين، لا من عصبيَّةٍ، ولا من هوًى، ولا من طائفيَّةٍ، ولا من حماسٍ وعاطفةٍ.

     لن تأمَن الأمةُ الإسلاميَّة من مخاوِف، وتسلَم من فتنٍ ما لم يعمَل ساسَتُها وقادتُها بالإسلام الكامِل، ويلتزِمُ شعوبُها ومُجتمعاتُها بهذا الدين وبأحكامه في الصغير وفي الكبير.

     فقاعدةُ الأمان: الحِفاظُ على إقامة التوحيد الخالِص لله -جل وعلا-، والبُعد عن الشرك وعن البِدع، وعن ذرائِع الشِّرك ووسائلِه، ربُّنا -جل وعلا- يقول: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} (الأنعام: 82)، أي: بشِركٍ {أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}.

     أصولُ الحِفظ لهذه الأمة المحمدية، ركائِزُ السلامة ليست في العُدَّة وفي السلاح فقط، وإنما في إقامة منهَج الإسلام في الدَّقيق والجَليل، في الصغير والكبير، في الصِّدق مع الله في ذلك. ولهذا علَّم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم - الأمةَ - عبرَ تاريخِها - أن لديها قاعدةٌ عظيمةٌ، ألا وهي قولُه -عليه الصلاة والسلام-: «احفَظ الله يحفَظك، احفَظ الله تجِده تُجاهَك».

     إن الواجبَ اليوم على ولاة أمور المُسلمين وعلمائِهم أن يتعاوَنوا على ما فيه نُصرة الإسلام ومصلحة المُسلمين، على آحاد طلبة العلم الحذَر من إصدار الفتاوى فيما يتعلَّق بأمورٍ مُهمَّةٍ تتعلَّق بالأمة جمعَاء، وأن لا يكون ذلك إلا بعد دراسةٍ مع كافَّةِ العلماء وفقَ التأصيل العلميِّ الرَّصِين، والتصوُّر الواقعيِّ المَكين، مع استِدراكٍ لمآلات الأمور وعواقِب النتائِج.

     فلنَتَّقِ الله في شباب المُسلمين؛ فما كان ابنُ المُبارَك وغيرُه من سلَف هذه الأمة يُنادُون ويُخاطِبُون الأمةَ إلا حينما يكون أحدُهم في الصفِّ أمام العدو.

     ألا -أيها المسلمون- إن الفتن عظيمة، وإنه لا مخرَج إلا بفقهٍ رشيدٍ، فخيرُنا إنما هو في الفِقهِ في هذا الدين، يقول -صلى الله عليه وسلم -: «من يُرِد الله به خيرًا يُفقِّهْه في الدين».

     ولهذا من مِنبَر رسول الله -صلى الله عليه وسلم - نُنادِي أمثالَ رابِطة العالَم الإسلاميِّ أن تُسارِع في جمع عُلماء الأمة لدراسةِ النوازِل الواقِعة، من مُنطلق نُصوص الشريعة ونوازِلِها، مع مُراعاة قاعِدة الشريعة الكُبرى: الشريعةُ جاءَت لجلْبِ المصالِح وتكثيرِها، ودرءِ المفاسِد وتقليلِها.

     أما الاضطرابُ والتخبُّط، وتصديرُ الفتاوى الأُحاديَّة لشباب الأمة، مع قِلَّة استِيعابٍ في الاجتهاد المطلوب في الفتوى، فذلك مما يُنذِرُ بعواقِب أليمة، نسألُ الله -جل وعلا- السلامة.

 

نقدر اجتهاد المناصرين ونوصيهم بالحرص في خطاباتهم درءاً للمفاسد

د.المسباح: جهاد السوريين ضد بشار حق ويجب حصر الصراع في سوريا وعدم جر المنطقة إلى صراع داخلي

     جدد الداعية الإسلامي الشيخ الدكتور ناظم المسباح تأكيده على حق الشعب السوري في تغيير النظام البعثي الطائفي المجرم الذي عاث في أرض الشام فسادا، واصفا جهادهم بأنه جهاد حق ودفاع مشروع عن النفس والعرض والدين، لافتاً إلى أن الأغلبية العظمى من الكويتيين متعاطفون ولهم موقف إيجابي واضح مع الشعب السوري ولا سيما مع توالي المجازر في سوريا، مطالباً كل الأحرار أن يساعدوا هذا الشعب المكلوم حتى ينال حريته المسلوبة وكرامته الممتهنة، مؤكداً أن الحكمة تقتضي حصر الصراع في سوريا، وعدم جر المنطقة لصراع داخلي؛ فهذا ليس من مصلحة أحد، مثمنا ما أكد عليه حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بأننا لن نسمح بأن تكون بلدنا ساحة للصراعات الطائفية، مبيناً أن اختلافنا العقائدي مع بعضهم لا ينبغي أن يخرج عن الحوار العلمي والجدال بالتي هي أحسن، موضحاً أن الخلافات السياسية أو الفكرية لا تعني أبدا تخلينا عن مبادئ التعايش والحوار، مع التأكيد على التزام الجميع بعدم المساس بثوابتنا الشرعية بوصفنا دولة مسلمة، فهذا هو الركن الأساسي للتعايش و درء الفتنة.

     وأوصى الجميع بأخذ الحيطة والحذر عند التعاطي مع الأحداث في سوريا، محذرا من أن التعميم في مجمله ليس صوابا، فنحن حينما نطالب بمواجهة القتلة فإننا نعني من يذهبون لسوريا لمناصرة الطاغية بشار ولقتل الأطفال والنساء، ولا يعنينا سواهم من غير المحاربين.

      وحول بعض تصريحات المناصرين للثوار قال د. المسباح: نقدر ونتفهم حرقة المناصرين للحق والمدافعين عن المظلومين في سوريا واجتهادهم، ولكننا نوصيهم بالحرص في خطاباتهم درءاً للمفاسد، فلكلماتهم آثار وتداعيات، وينبغي علينا أن نتحلى بضبط النفس وألا نتجاوز الأحكام الشرعية الراجحة، حتى لا ينال بعضهم من نبل الرسالة والجهود التي نؤديها ونبذلها.

     وأضاف من الضروري مراعاة أحكام الشريعة في أمور القتال والجهاد، وألا تستفزنا مجازر حزب الله في القصير في أن نعامل المعتدين والمجرمين بالمثل، فالإسلام حرم قتل النساء والأطفال وأمر بمراعاة حرمة دور العبادة، موضحاً أن جهادنا قائم على عقيدة راسخة سامية وراقية وينبغي أن نكون في مستوى ديننا ومبادئنا.

     وناشد د. المسباح عموم المسلمين التفاعل مع الحملات التي تهدف إلى دعم الشعب السوري وتجهيز المجاهدين السوريين للدفاع عن كرامتهم في سوريا، مؤكداً أن هذا أمر واجب على كل مستطيع، وهو دفاع مشروع عن الأرواح والأعراض، وعلماء الأمة المعتبرون أيدوا هذا الجهاد الذي نرجو الله أن يجعل عاقبته خيرا ونصرا مؤزرا.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك