رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 13 فبراير، 2012 0 تعليق

سنة التدافع.. ليجعل منهم أئمـة ويهلك عـدوهـم

 

ما نراه من قتل وتعذيب وتشريد يحدث للشعوب الإسلامية المستضعفة في الأرض، وفريق مؤيد وفريق معارض، وفريق يدعم الظالم، وفريق يقف مع المظلوم، هذه سنة التدافع ليميز الله الخبيث من الطيب وليحفظ دينه ويقيمه في الأرض، قال تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين} (البقرة:251)، وقال جل في علاه في موطن آخر عن التدافع: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا} (الحج:40).. فلا تعرف من مع الحق ويصبر عليه فترة طويلة إلا بعد التدافع ونزول البلاء وتتكشف الحقيقة عندها ويظهر من مع الباطل، قال تعالى: {ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم، ولكن ليبلو بعضكم ببعض} (محمد: 4).

ففي الحديث: «أمتي هذه مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة، إنما عذابها في الدنيا، الفتن والزلازل والقتل  والبلايا» (صحيح الجامع الصغير- 1396).

       والابتلاء بالدفع هو إعداد الرجال للتمكين، قال تعالى في سورة (القصص: 5-6)، {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون}، وكأن الآيتين تشرح حالة ما يحدث في سوريا الغالية.

قال ابن القيم رحمه الله:  «سئل الشافعي رحمه الله: أيهما أفضل للمرء: أن يمكن أو يبتلى؟ فقال: لا يمكن حتى يبتلى».

  فالتدافع مقدر لبقاء الخير في الأرض وللقضاء على الفساد وأهله، قال تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}.

       والدفع منه ما يكون بالحجة والمجادلة أو الصدام والمقاتلة، ومن يقرأ القرآن يجد الصور المعبرة الكثيرة عن هذين الصنفين، قال تعالى: {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون} (الأنبياء: 18)، وقال تعالى لنبيه: {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين} (التوبة:14).

       والدفع يكون حتى يجتمع الناس على كلمة سواء للوقوف ضد الظالم وينكشف أمره ولا يترقق قلب أحد عليه ولا يخرج عن الإجماع إلا صاحب المصالح والأهواء وينفضح أمره ويكرهه الناس، ودليل ذلك: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}، ويعود بعدها الناس إلى دين الله أفواجا كما ورد في الحديث: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى» متفق عليه.

       ولقد تحدث العلماء عن معالم على طريق التدافع:  منها ما يكون لوجه الله فقط بإخلاص وصدق وتقوى كما قال تعالى على لسانهم: {قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأموالنا}، ومنهم من يتأثر بالحماسات الكاذبة ويكون إمعة، وقد فضح الله تعالى هذا الصنف: {فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين}، ومنهم من يكتشف القيادة الصالحة التي تجسدت فيها صفات القائد للمرحلة وللمستقبل وقد توسم الناس فيه خيرا وكفاءة، وأجمعوا على ذلك كما قال سبحانه: {إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم}، ومنهم من يحتاج إلى تربية وتصفية ليثبت على الحق ويتعامل بالعدل، ومنهم القلة الذين سينصرهم الله وقد تأدبوا عند المحن واستقاموا على الهدى.

إن إقامة سنة التدافع ضربها الله عز وجل بأروع الأمثلة وأقربها بفساد جالوت وجنوده، وزال بدفع من طالوت وجنوده ليميز الخبيث من الطيب.

ويدافع الله تبارك وتعالى عن المضطهدين والمستضعفين في الأرض: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور}.

       التدافع سنة في الكون حتى يصبر أهل الحق لأن النصر يأتي مع الصبر، ويأتي بإقرار الإيمان بالقلب والنطق بالجوارح والعمل بالأركان: {فصبروا على ما كُذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا}.

       ثبات على الحق وتوكل على الحق ولو كان التهديد والوعيد ولو اجتمعت كلمة المجرمين وأعدوا العدة وظنوا أنهم منتصرون لا محالة، قال تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.

       سنة الله في جهاد أهل الباطل وجهاد الظلم وجهاد المستكبرين والجبابرة الذين علوا في الأرض ليفسدوا فيها ويحاربوا المصلحين الممتحنين في كل مكان وزمان، قال تعالى: {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}.

       المحنة والشدة دليل على اقتراب الفرج والنصر وعدم اليأس من رحمة الله تبارك وتعالى، قال تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا فنُجِّي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين} (يوسف: 110).

 اللهم يا قوي يا قهار، عليك ببشار وجنوده الأشرار، خذهم أخذ عزيز مقتدر، ومن شايعهم وآزرهم ونصرهم وأيدهم، وأنزل عليهم بأسك ورجسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، إله الحق وزلزلهم وفرق جمعهم وشتت رميهم واجعل الدائرة تدور عليهم، وأرنا فيهم يوما أسود، وأبطل يا ربنا مفعول أسلحتهم عن المسلمين، اللهم ارحم ضعف الشعب السوري وأطعم جائعهم واكس عريانهم واشف مرضاهم وداو جرحاهم وتقبل قتلاهم وانصرهم نصرا مؤزرا عاجلا غير آجل في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، واحقن دماءهم وثبتهم على الدين ووحد كلمة المسلمين ليكونوا سهما على الأعداء المجرمين الذين أسرفوا في القتل والتنكيل، فاللهم أنت رجاؤنا فعليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العزيز العظيم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك