رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. نوره عبدالمحسن العجمي 10 مارس، 2020 0 تعليق

سلوا الله العافية والسكينة

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ»، رواه مسلم، إننا اليوم نمر بسراء بما غمرنا الله به من وافر النعم، ونمر بضراء لما أصاب إخواننا من مرض وما تمر به البلاد من إعلان أخذ الحيطة وتوخي الحذر بسبب فيروس الكورونا؛ لذلك كانت هذه المقالة تذكيرًا بما يجب علينا في مثل هذه الظروف.

     فلا شك أننا جميعًا -مواطنين ومقيمين- مطالبون بملازمة الشكر على النعماء والصبر على الضراء؛ فلنتعاون فيما بيننا ولنتكاتف، كما هي عادتنا منذ قديم الزمان، ولنتواصَ فيما بيننا بالحق واحتساب الأجر في نشر السكينة والطمأنينة، وامتثال الأوامر، واتباع النصائح من الجهات المختصة، وعدم نشر الشائعات، ومساعدة المحتاج، ولنتواصَ بالصبر، يصبر بعضنا بعضا بالكلمة الطيبة، والبعد عن السخرية والاستهزاء حتى يتحقق لنا الفلاح، وتتحقق لنا النجاة، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)} آل عمران، وقال -سبحانه-: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}.

عليكم بالسكينة

     إخواني أخواتي، عليكم بالسكينة؛ فقد قال نبينا  صلى الله عليه وسلم : «يسّروا ولا تعسروا، وسكّنوا ولا تنفّروا». (رواه البخاري ومسلم)، والسكينة هي الطمأنينة التي يلقيها الله -عزوجل- في قلوب عباده؛ فتستقر ولا تضطرب عند نزول الأمور الصعبة، التي تشوش القلوب، وتزعج الألباب، وتضعف النفوس؛ فمن نعمة الله على عبده في هذه الحال أن يثبته ويربط على قلبه، وينزل عليه السكينة، ليتلقى هذه المشقات بقلب ثابت ونفس مطمئنة.

اقرؤوا آيات السكينة

     وقد ذكرالله -عزوجل- السكينة في ستة مواضع من كتابه، وفي ذلك يقول ابن القيم في (مدراج السالكين): «كان شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- إذا اشتدَّت عليه الأمور قرأ آيات السكينة، وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه: لما اشتد عليَّ الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرؤوا آيات السكينة، قال: ثم أقلع عن ذلك الحال وجلستُ وما بي قَلَبَةٌ (أي ليس به علة أو شيء يقلقه)»، وقال ابن القيم أيضًا: «قرأت هذه الآيات عند اضطراب القلب بما يَردُ عليه فرأيت لها تأثيرًا عظيمًا في سكونه وطمأنينته»، وقال الشيخ محمد المنجد: «فمن قرأ آيات السكينة في مواقف الخوف والفزع، أو في مواقف الشبهات والفتن، أو عند الهم والحزن، أو عند اشتداد وسواس الشيطان، يقرؤها رجاء أن يثبت الله قلبه بما ثبت به قلوب المؤمنين فلا حرج عليه، كما كان يفعل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ولكن على ألا ينسب استحباب قراءة هذه الآيات وبهذه الكيفية إلى الشريعة، ولا يتخذه عبادة تشبه عبادة الأذكار والأدعية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة».

سلوا الله العافية

     إخواني أخواتي، سلوا الله العافية والسكينة بيقين وصدق، وسيؤيدكم الله بجند السماوات والأرض؛ فإنه على كل شيء قدير، قال -تعالى-: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} (التَّوبة: 40)، وقال -سبحانه-: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (الفتح: 4)، أسأل الله أن يجعلنا جميعاً ممن إذا أصابته سراء شكر، ومن إذا أصابته ضراء صبر.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك