رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 1 يوليو، 2014 0 تعليق

سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 21

 

كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله

 

نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية.

     كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله(1)؛ وكل أمين فالقول قوله في الرد على من ائتمنه، يصدق فيما يدعيه، والوكيل المؤتمن على المال لا يلزمه الإشهاد عند دفع ما وكل في قبضه إلى موكله، فلو أنكر الموكل القبض فالقول قول الوكيل، وقد نص الفقهاء أيضا على أن الوكيل أمين ويده يد أمانة وأنه يقبل قوله في تسليم المال إلى موكله، فإن أنكر موكله التسليم فالقول قول الوكيل مع يمينه.

وقالوا : كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله بيمينه، كالمودع إذا ادعى الرد والوكيل والناظر، وسواء كان ذلك في حياة مستحقها أم بعد موته، إلا في الوكيل بقبض الدين، إذا ادعى بعد موت الموكل أنه قبضه ودفعه له في حياته لم يقبل قوله، إلا ببينة (2).

يصدق قول الناظر فيما يدعيه من الصرف والإنفاق بلا بينة ولا يمين(3)، فيصدق قول الناظر ولا يكذب في صرف غلة الوقف على مستحقيها، إلا إذا ادعى عليه أحد المستحقين أو جلهم ومعهم بينة على ذلك، وللقاضي أن يستبين الأمر بطلب كشوفات الحساب الإجمالية والتفصيلية.

وإذا ادعى الناظر أمرا يكذبه الظاهر تزول أمانته وتظهر خيانته، كإدعائه بصرف غلة الوقف على عمارته، ولم يعمر، وهذا ظاهر للعيان.

     وناظر الوقف مؤتمن على أصل ذلك الوقف وريعه، وكل من يعمل في المشروع الوقفي هو مؤتمن لذلك الأصل المحبوس. فالناظر للوقف هو خازن مؤتمن، مكلف برعاية ما أؤتمن به، فإن أدى هذه الأمانة موفرة كاملة، غير منقوصة أو مستغلة، مع طيب نفس ورضا وسرور منه، بهذا يكون هو أحد المتصدقين، أي له ثواب كالمتصدق؛ لأنه أعان صاحب المال على إيصال المال والصدقة إلى مستحقيها.

وتخوين الأمين من علامات الساعة، قال  صلى الله عليه وسلم: «سَيأتي على الناسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فيها الكَاذِبُ، ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ، ويُؤْتَمَنُ فيها الخَائِنُ، ويُخَوَّنُ فيها الأَمِينُ، ويَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ. قيل: وما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: الرجلُ التَّافِهُ، يتكلَّمُ في أَمْرِ العَامَّةِ» (4).

ومن التطبيقات الخيرية والوقفية المتعلقة بهذه القاعدة:

يقبل قول القائمين على المؤسسات الخيرية، ولا يخونون جزافاً، إذا أقروا بأنهم أوصلوا المساعدات إلى مستحقيها.

والناظر للوقف يقبل قوله في توزيع ريع الوقف، واليمين على من ادعى عدم إيصالها وتوزيعها.  يصدق الناظر الأمين إذا ادعى صرف ما في يده من غلة الوقف.

للقاضي أن يحاسب الناظر عن غلة السنة التي قبضها من أجور عقاراته ومحصول مزروعاته، وعما أنفقه منها في صالح الوقف ومهملته وعماراته وما صرفه على أصحاب الوظائف وعلى المستحقين؛ ولا يتصدر لمحاسبته من ليس أهلاً لذلك.

الأمين في الأمة والذي يعمل على حفظ الحقوق وقضاء حوائج الناس مُصان العرض، حتى لا يمتنع الخزنة الأمناء في حفظ الأمانة وأدائها .

والجابي الأمين كذلك يقبل قوله باليمين - إن اضطر إلى ذلك – فيما لا يكذبه الظاهر.

على العاملين في المؤسسات الخيرية والمكلفين بصرف المستحقات على أهل الحاجة أن يتبعوا النظم المحاسبية في إثبات الصرف براءة لذمتهم.

الهوامش:

1- الأشباه والنظائر لابن نجيم 275، المنثور في القواعد 3/111، والأشباه والنظائر لابن السبكي 1/361.

2- حاشية ابن عابدين 4/506، 507، والمبسوط 11/143 ط دار المعرفة.

3- انظر: قانون العدل والإنصاف للقضاء على مشكلات الأوقاف، ص 66 مادة 218، محمد قدري باشا، نقلا عن ( الدر المحتار ورد المحتار 558 ).

4- سلسلة الصحيحة للألباني،برقم 1887.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك