رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 3 يونيو، 2014 0 تعليق

سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 17- لكــل عمل رجــال

نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية .

لكل عمل رجال(1)، فيقدم في كل ولاية الأقوم بمصالحها؛ كالفقيه على القارئ في الإمامة، والنساء على الرجال في الحضانة، والرجال على النساء في الوصول لأصحاب الحاجات في النوازل والكوارث في الأماكن التي يقل فيها الأمن وتمثل خطورة على النساء.

فأعمالنا حتى تكون متقنة لا بد لها من إخلاص نية، وموافقة للشرع، وأن تؤدى من أصحاب الاختصاص، فلا المرأة تصلح لكل عمل ولا كذلك الرجل .

والله تعالى لم يرسل رسلاً من النساء، وهذا يعني أن المرأة لا تصلح أن تكون نبيًا أو رسولاً، ومع ذلك فهنالك أعمال تصلح لها المرأة ولا يصلح لها الرجل، كبعض الأعمال النسائية النبيلة التي تخص المرأة وتقوى عليها، ولا يقوى عليها الرجال.

وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الخازنَ المسلمَ الأمينَ، الذي يُنْفِذُ «وربما قال يُعطي» ما أُمرَ به، فيعطيه كاملاً مُوَفَّراً، طيبةً به نفسُهُ، فيدفعُه إلى الذي أُمر له به؛ أحدُ المتصدقين»(2).

يخبرنا ويبشرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن  الخازن المسلم المؤتمن، الذي عمل على حفظ الأمانة ورعاها، وأداها كما أَمر بذلك صاحبها، مع طيب نفس منه، فهو بهذا يكون أحد المتصدقين.

     والمؤتمن هو أحد المتصدقين، فالمتصدق طرف والمؤتمن على تلك الصدقة طرف آخر، وكلاهما ينالون من الله -تعالى- الأجر بهذا العمل، فالذي يرعى الصدقة ويحفظها ويوصلها إلى مستحقيها، ويصرفها في الوجه الصحيح الذي اشترطه صاحب الصدقة، وكان أميناً على ذلك المال فلا يحابي ولا يداهن، ولا يمنُ على أحد، فيعطيه كاملاً من دون أن يقتطع لنفسه منه، وهو في الوقت نفسه فرح مسرور بهذا العمل؛ لأنه نقل الأمانة من صاحبها إلى مستحقها .

وكل من يعمل في المجال الخيري والوقفي والتطوعي هو مؤتمن، وناظر للوقف، مؤتمن على أصل ذلك الوقف وريعه، وكل من يعمل في المشروع الوقفي هو مؤتمن لذلك الأصل المحبوس.

فالناظر للوقف هو خازن مؤتمن، مكلف برعاية ما اؤتمن به، فإن أدى هذه الأمانة موفرة كاملة، غير منقوصة أو مستغلة، مع طيب نفس ورضا وسرور منه، بهذا يكون هو أحد المتصدقين، أي له ثواب كالمتصدق؛ لأنه أعان صاحب المال على إيصال المال والصدقة إلى مستحقيها. 

ومن التطبيقات الخيرية لهذه القاعدة:

لا يجوز إعطاء تنفيذ المشاريع الخيرية وبالأخص الإنشائية لمن ليس لديه أي خبرة بهذا الأمر، فإن ذلك سيضيع الأموال والأوقات، فالداعية يهتم بشؤون الدعوة، والمقاول يهتم بالإنشاء، والطبيب يعالج المرضى، والتقني ينجز الأمور الفنية والبرامج التي تساعد على سرعة تنفيذ الأعمال .

 ويقدم في دراسة الحالات وكشف أحوالها لمن هو مختص بهذا الشأن ولدية دراية شرعية واجتماعية في أحوال الناس .

ويُكلف بحساب زكاة الأموال والذهب والشركات من أسهم غيرها لأصحاب الاختصاص، حتى يتم معرفة مقدار الزكاة، من الحصر والتقدير للقيمة في عروض التجارة واستيعاب جميع ما هو معد للتجارة وحساب الزكاة في ذلك عند تمام الحول.

وكذلك السعي بصدقة الفطر إلى الفقراء والمساكين قبل صلاة العيد، هذا من الأعمال التي يكلف بها من هم أهل دراية وحرص؛ فلكل عمل رجال . 

     وكذلك لا يصلح للكثير من الأعمال الوقفية إلا القوي الأمين، فناظر الوقف عليه بذلُ النفيس في تنفِيذ شروطِ الواقف وتحقيقها، وإقامة ضوابط الوقفِ وتعمير أصوله واستثمارِ محصولِه والسلوك بالمستفيدين ما يوجِب لهم الإكرام والإنعامَ، وأخذهم بطرائق الرحمة وسجيحِ الأخلاق وسُبُل الشفقة والإرفاق(3).  ولا يوضع على خزانة مال الصدقة من هو ضعيف لا يقدر على مواجهة مطالبات الناس، ويُعطي بذلك من لا يستحق، ويمنعها عن أهل الحاجة والعوز .

الهوامش:

1 - القواعد للمقري (الصلاة) 2/427، والفروق 2/157، 3/206.

2 - أخرجه البخاري في صحيحه، برقم (1438). ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب أجر الخازن الأمين برقم (1023) ، واللفظ لمسلم .

3- خطبة للشيخ ابن عثيمين بعنوان: الوصية والوقف. .ibnothaimeen.com .

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك