رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 19 يونيو، 2014 0 تعليق

سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 19- ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب

نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية .

ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب(1)، قاعدة فقهية ذات صلة بالأعمال الخيرية والوقفية، وتعني: ما كان وسيلة إلى واجب ولا يمكن إيقاع هذا الواجب إلا بهذه الوسيلة فحكم هذه الوسيلة أنها واجبة.

     وهذه القاعدة من القواعد العظيمة التي تبين أنَّ كل أسباب تحقيق الواجب والوصول إليه واجبة كوجوب الفرض الذي تؤدي إلى تحقيقه. ويشترط في هذا الواجب الذي جعلت الوسيلة واجبة له أن يكون هذا الواجب مقدورًا عليه،  فلا واجب مع العجز. فما لا يتم الواجب المقدور إلا به فهو واجب، وكذلك ما لا يتم اجتناب المنهي عنه إلا به فهو منهي عنه .

ومن التطبيقات الخيرية والوقفية المتعلقة بهذه القاعدة:

ما لا يتم إيصال الزكاة إلى مستحقيها أو بعضهم إلا به فهو واجب من التعرف على الفقراء والمساكين ودعوتهم إلى أخذها أو نقلها وإيصالها إليهم، أو إعطائها لمن يوصلها إليهم مباشرة، وتوزيع زكاته بنفسه أفضل؛ لأنه يؤدي ركن دينه.

ما لا يتم معرفة مقدار الزكاة إلا به فهو واجب، من الحصر والتقدير للقيمة في عروض التجارة واستيعاب جميع ما هو معد للتجارة وحساب الزكاة في ذلك عند تمام الحول، وكل ذلك قد يحتاج إلى مدة وإلى موظفين ولاسيما في الشركات والمؤسسات الكبيرة. فهذا واجب لا تتم الزكاة إلا به.

إذا كان المسلم في بلد كافر أو بلد لا تباشر فيه الدولة أخذ زكاة الأموال الظاهرة وجب عليه جميع الجهود اللازمة لإيصال الزكاة إلى الفقراء والمساكين، ويجب على الدولة المسلمة الاهتمام بالزكاة أخذاً وصرفاً على الضوابط والآداب الشرعية في ذلك.

     الأدوية النافعة التي ينبني عليها شفاء مرضى المسلمين بإذن الله تعالى يجب توفيرها؛ لأن ما لا يتم الحفاظ على الأرواح والأعضاء إلى به فهو واجب. وكذا توفير الأطباء الماهرين في التخصصات المتعددة؛ لأن في ذلك صحة الأبدان بإذن الله -تعالى- فهو الشافي لا شفاء إلا شفاؤه وبذل الأسباب مطلوب شرعاً مع التوكل على الله سبحانه وتعالى(2).

 

 وكذلك تجهيز الموتى بالتغسيل، والتكفين، والصلاة، والحمل، والدفن، وتوابع ذلك، كلها واجبة؛ لأن دفن الميت واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهو فرض كفاية إن قام به بعضنا سقط الإثم عن الآخرين.

     وترك الوقف بلا ناظر إضاعة له، وكذلك جعل التنازع بين الأبناء أو غيرهم من غير حسم أمر النظارة تكون سبباً في إضاعة الوقف الذي سيؤدي حتماً إلى إضاعة المال. وإذا ظهر نزاع ودعوى في أحقية تولية الوقف بين الأبناء فنص أهل العلم على أن يولي القاضي ناظراً على الوقف لحين قطع النزاع وتوجيه توليه؛ لأن التولية على الوقف واجبة إذا لم تتم مصلحة قبض المال وصرفه إلا به، فإنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب(3).

ولا يتم إدارة الأموال المتصدق بها والمودعة في المؤسسات الخيرية، إلا بترتيب هيكلية إدارية تحفظ المال، وتُحسن توزيعه لأصحاب الحاجات التي حددها أهل الصدقة، فيكون الترتيب الإداري واجباً حتى لا تضيع الحقوق والواجبات.

والجمعيات الخيرية لا تكون قوية إلا إذا كانت ذات رصيد، ومال وفير، وهذا لايتأتى إلا باستثمار المال المتوفر لديها في مشاريع إنتاجية، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب(4).

الهوامش:

1 - الأشباه والنظائر للسبكي (2/88)

2 - انظر: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، للدكتور عبد المحسن الصويغ، موقع الألوكة، www.alukah.net/web/sowayegh/0/19191

3 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 31/86.

4- انظر هذه المعاني في تيسير التحرير ج 2/ 213، مغني المحتاج ج4 / 213، طرق استثمار الأموال – بحث للدكتور محمد عبد الله عربي – مجمع البحوث  ص 130 وما بعدها .

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك